حدود المملكة الآمنة *د.ابراهيم عيسى العبادي
05-05-2015 04:52 PM
من الخطورة بمكان أن تترك الأمور المصيرية التي تمس مستقبل وكيان المملكة وخاصة مسألة الأمن والاستقرارالى الصدفة وانتظار ما ستؤول اليه المتغيرات والتهديدات القائمة منها والمحتملة مستقبلا ، فكل شيئ يجب أن يكون قياسه أمنيا بشكل دقيق اذا ما تعلق الأمر بمستقبلنا ، حتى لا نتفاجأ بأننا متورطون في صراعات وتهديدات مستنقبلية مباشرة .
ان النظرية الأمنية الأردنية يجب أن تبنى على مفهوم وضرورات الحدود الآمنة والتي تختلف عن الحدود الطبيعية الحالية للمملكة ، وهنا يلح منطق الفكر والعقل علينا طرح جملة من الاستيضاحات حول أبعاد مستقبل الأمن الاستراتيجي الأردني ؟ وما هي القدرة الأمنية للمملكة في صياغة حدود آمنة ذات بعد استراتيجي لمسألة الفراغ الأمني الحاصل لدى دول الجوار المنهارة أمنيا ؟ وهل المملكة من حيث البعد التاريخي ذات حدود ديناميكية تتحرك بحسب الحاجة الأمنية الى النمو والتوسع ؟ وهل أن المملكة يمكن لها أن تقوي نفسها بتوسيع رقعتها الجغرافية لكي تستطيع البقاء ؟ وهل يمكن أن ننظر الى حدود آمنة زئبقية نتجاوزها اذا ما اقتضت المصلحة الاستراتيجية ؟
حتى آخر اللحظات كان التوجه الاستراتيجي الأردني بوجود عراق مستقر وموحد ، ووجود حل سياسي في سوريا يرضي كافة المكونات السياسية السورية ، على أن تكون هذه الكيانات خالية من التنظيمات الارهابية والمتطرفة ، أما اليوم فان مصالح المملكة الاستراتيجية تكمن في الأمن والاستقرار ، وترتكز على أمرين هامين وهما : أمن المملكة المستدام ومواجهة ضعف آداء الاقتصاد الأردني ، وعليه فان القلق الأمني الذي تشعر به المملكة ازاء تفتت العراق وسوريا واحتمالية ظهور أقاليم منفصلة أو شبه مستقلة ، تدفع بأن لا يحتمل الأردن وجود أكثر من كيان الى الشرق والشمال من حدوده ، كما أن النفوذ الايراني في كل من العراق وسوريا يزيد القلق أكثر تجاه المشروع الايراني في المنطقة ومحاولات تصديره ، وهذا القلق الأمني ربما يفسر التحذيرات التي أطلقها في وقت سابق الملك عبدالله الثاني ابن الحسين من تصاعد التأثير الايراني واستغلال الطائفة الشيعية العربية كأدوات سياسية لتحقيق نفوذها ، والذي من شأنه زعزعة استقرار المنطقة وتغيير موازين القوى الذي يضع المملكة في خط المواجهة في الخلافات العربية الايرانية من جهة والانشقاق الطائفي للسنة والشيعة العرب من جهة أخرى ، والتي تجعل منهما بيئة مصدرة للارهاب والتطرف .
ان حدود المملكة الآمنة يجب أن تكون "جيوأمنية" حتى نهاية المثلث السني باتجاه بغداد ، وما بعد درعا الى الجنوب الشرقي منها باتجاه العراق ، وهي بذلك تتحرك لتحقيق متطلبات وجودها واستمراريتها وتضيف الى قاعدتها الأرضية ما تراه لازما للبقاء ، فالمفهوم الأمني الأردني هدفا ووسيلة في آن واحد ومستوى أمن المملكة الخارجي يعكس مدى قدرتها في ضمان تحقيق أهداف سياستها الخارجية والقدرة على ردع مصادر التهديد واحتواء محاولات الاختراق .