facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قراءة في واقع وآفاق الشباب العربي * بارق محادين


mohammad
19-02-2016 10:28 PM

في العام 2009، اعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخاذها سنة 2010-2011 السنة العالمية للشباب، وبمناسبة هذا الإعلان أصدرت ورقة سلطت الضوء على حقائق واقع الشباب في العالم العربي كان بعض مما ورد فيها حقيقة ان واحد من كل خمسة اشخاص في العالم العربي هو بين سن ال 15 وال 24، وأن اكثر من نصف سكان العالم العربي هم تحت سن ال 25. جاء هذا الإعلان في إطار موضوع الحوار والفهم المتبادل (Dialogue and Mutual Understanding)، وبعد خمس أعوام تاريخية مر بها العالم العربي منذ هذا الإعلان، أرى انه من الضروري ان يتم قراءة المشهد من جديد للتدقيق في واقع الشباب العربي اليوم وكيفية تعزيز هذا الحوار والتفاهم المتبادل.
بداية، في حديثي الدائم عن العالم العربي مع شباب وفئات مجتمعية من العالم العربي وخارجه، يؤسفني دوما ذلك الميل لرسم صورة ما يجري في العالم العربي بفرشاة سلبية قوامها العنف او الحرب او الفوضى دون النظر إلى التغيرات الجذرية التي تتشكل امامنا اليوم وتبعث على الكثير من التفاؤل والإيجابية؛ تغيرات يستوجب تأطيرها ضمن ابعاد مختلفة منها الإقتصاد العالمي والأمن والتنوع.
احدى هذه التغيرات التي تعطي العالم العربي خصوصية مميزة تكمن في ديموغرافيته الشابة التي يجب علينا زرع بذورها في ارضاً خصبة للتنمية الاقتصادية والسياسية والإجتماعية والفكرية والتعليمية على حد سواء. على سبيل المثال، عند النظر إلى قائمة الدول حسب متوسط العمر نجد ان العالم العربي، بالإضافة إلى افريقيا شمالاً وجنوباً، هو اكثر الأقاليم شبابا وبالتالي اكثرها قدرة على العمل والإبداع والتحديث حالما هيئنا له الفرصة والبيئة المناسبة، فمتوسط العمر في الأردن هو 22 عام مقارنة ب 46.5 عام في المانيا، وهو25.3 عام في مصر مقارنة ب 41.8 عام في كندا مثلاً.. بالطبع هذه الأرقام لا تعني ان الشباب الأردني او المصري واقعه افضل من الشباب الألماني او الكندي، ولكنها مؤشر قوي على مقدار الفرصة الضائعة التي حان وقت قطافها منذ زمن، وهي بذات الوقت ايضاَ احد دواعي هذا التفاؤل كونها تشكل مخزون هائل من فرص الإنتاج والتنمية. لا عجب بمكان إذن ان نرى إندفاع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لإستقبال اللاجئين فهي تدرك تماماً ما يعنيه العنصر الشبابي لبناء مجتمع منتج، متطور ويواكب تغيرات هذا العصر، بالإضافة إلا انها تدرك تماماً حقيقة انه لا يمكنك ان ترى او تسمع صوت أطفال في بعض مناطق المانيا، فحبذا لو التقطنا نحن ذات الرسالة وأولينا ذات الاهتمام لطاقات وإمكانات شبابنا!
على ذات القدر من الخصوصية، يلاحظ أي مراقب للمشهد الشبابي في العالم العربي تغير غير مسبوق في قيم المعرفة ومحدداتها. أكثر من أي وقت مضى، ينخرط الشباب العربي اليوم بفضل العولمة والتكنولوجيا والإنفتاح على العالم الخارجي بنقاشات ومواضيع تمتد من الدين إلى السياسة والإقتصاد وصولاً إلى السُلطة والمجتمع، ولا يخفى هنا ان تنوع مصادر المعلومة وسهولة الحصول عليها كان ركيزة البناء الأساسية لهذا التغير.. الملحوظ في هذه النقاشات والأحاديث هو ان هذا الجيل من الشباب العربي يفكر بطريقة تختلف اساسياً وجوهرياً عن الأجيال السابقة؛ ولعل اهم أوجه هذا الإختلاف يكمن إجمالاً في عدم اخذه للمسلمات والتساؤل الدائم عن موقعه وموقفه من هذه السياسة او تلك الظاهرة او ذاك الطرح. وهنا أقول: هل أكثر تفاؤلاً من جيل يسأل، يناقش، يناظر، يستمع، يبادر، يتطوع، ويحاور متفهماً للأخر؟ هذا التغيير بحد ذاته يعكس زخم ثورة إجتماعية وثقافية مسؤولة تتشكل ملامحها في العالم العربي بكثير من الإيجابية والتفاؤل، ويمكن الإستدلال عليها من خلال النظر إلى كيف ان منظومة القيم والفكر والتوجه الذهني لهؤلاء الشباب يتم إعادة تشكيلها الأن بوافر من الجرأة والعقلانية والإنفتاح..
من هنا، يمكن الولوج إلى متغير أخر لا يقل أهمية عن ما سبق ذكره وهو متغير مرتبط بنظرية العقد الاجتماعي. بإختصار، هذه النظرية التي طورها وبلورها مفكرين أمثال هوبز ولوك وروسو -على إختلاف طرحهم- تبحث في العلاقة ما بين الفرد او المواطن من جهة والسُلطة من جهة أخرى، حيث يتفق الإثنان على قوانين مشتركة تحكم الواجبات والمسؤوليات والإستحقاقات فيما بينهم. بالنسبة للعالم العربي، فقد كان العقد الاجتماعي السائد لفترة طويلة من الزمن يقوم على توفير السُلطة للإستقرار وبعض الخدمات مقابل القبول بهذه السُلطة، وقد سرى هذا العقد على أجيال عديدة ولفترة ليست ببعيدة. أما اليوم، وبالنظر إلى واقع الشباب العربي وكيفية تعاطيه مع هذا الواقع، لا يصعب ان نرى تعرض هذا العقد الاجتماعي لكثير من الضغوطات والتساؤل في العديد من الدول العربية، خصوصاً بعد ما يعرف بالربيع العربي حيث اتخذ أغلب الشباب موقفاً اكثر حزماً عندما لم يحصلوا على خدمات وفرص كما ينص هذا العقد. وبينما كانت هجرة الأدمغة هي الطريقة الأوحد لمعالجة هذا الخلل، اصبح الشباب العربي اليوم اكثر إنتماءاً ورغبة في البقاء والتغيير على ارض الواقع، ولنا في الربيع العربي وتبعاته المختلفة على اختلاف الدول والأنظمة مثال صريح.
بالطبع، هذا الإستنتاج ليس للحكم على او تقييم ما يعرف بالربيع العربي كتجربة مفصلية، فهذا مقال أخر، ولكن لنا في الربيع العربي مؤشراً على الدور الجديد الذي يلعبه ويتميز به هذا الجيل من الشباب العربي.
لذلك، يمكن الإستنتاج من ما سبق ذكره بأن هنالك صحوة جديدة يمتاز بها الشباب العربي اليوم تدفع بهم بقوة غير مسبوقة نحو التغيير والتطوير والعطاء والمواطنة الفاعلة. اهم ما يميز قوة الدفع هذه هو شغف بالتعليم وريادة الإعمال والإبداع؛ فاليوم اكثر من أي وقت مضى يشهد العالم العربي طفرة في التعليم ومكانته وقيمته الرمزية داخل الأسرة العربية، والدليل هنا هو وجود ما يقارب ال 400 جامعة في العالم العربي مقارنة بأقل من نصف هذا العدد في اوائل القرن الحالي، والدليل ايضاً استخدام التكنولوجيا لخلق تطبيق لتجنب الأزمة المرورية في مصر مثلاً او حقيقة ان اعلى نسبة تحميل على موقعي YouTube و Twitter بالنسبة لعدد السكان هي في العالم العربي. فلنفكر إذن في هذه الطفرة فقط وما لها من تأثيرعلى ثقة الشباب بأنفسهم، على مشاركتهم السياسية، وعلى تفاعلهم مع شباب لا يقل عنهم عِلماً او ثقافة او معرفة او إطلاع.
بالنظر إلى العالم العربي ايضاً، نجد ان أحد أسرع معدلات النمو في التعليم ما بعد الثانوي (المدارس المهنية، كليات المجتمع، الجامعات...) على مستوى العالم والإناث تحديداً، يوجد في العالم العربي، وبالحديث عن الإناث، 77% من الإناث في دولة الإمارات العربية المتحدة مثلاً لديهم شهادة جامعية، عدا عن وزيرة الشباب الإماراتية الأصغر سناً في العالم، شمة المزروعي، وعن ألاف المبتعثين والمبتعثات السعوديين إلى الغرب، وعن شباب تونس الذي سطر مثالاً يحتدى به بالتغيير الإيجابي وبناء دولة القانون والديمقراطية، وعن شباب مصر الذي قاد تغييراً وما زال يطلب المزيد، وعن اول مبعوث خاص للشباب للأمين العام للأمم المتحدة في العالم، الأردني أحمد الهنداوي.
هذه الأمثلة والكثير الكثير غيرها هي خير دليل على ان هذا الجيل من الشباب العربي الواثق بعلمه وقدرته، المتسلح بالمهارة، المنفتح على العالم، المنادي بضرورة ان يكون صوته حاضر ومسموع بما يليق به من إمكانات وقدرة، هو مبعثٌ لكل الأمل والإيجابية والتفاؤل. الأهم من ذلك كله هو تعطش الشباب العربي للمزيد دوماً؛ فبعد عقود من قلة وإنعدام الفرص، من الإنغلاق على انفسنا، من إنخفاض التعليم والمعرفة والفكر في سلم الأولويات، وبعد عقود من التهميش، يعود الشباب العربي اليوم مسلحا بطاقة لا حدود لها، وبرغبة في التغيير تفوق كل التحديات، على جسامتها وتجذرها في مؤسسات العالم العربي.
إذن، ما يشهده العالم العربي من تغيرات وتطورات نوعية يمثل فرصة تاريخية يصعب تكرارها، مما يتطلب منا جميعاً إدراكها، التمسك بها بشجاعة، وتوظيفها لخلق نهضة عربية طال إنتظارها، على ان يقودها شباب هذا الجيل هذه المرة، لا شبانهم.

*طالب ماجستير في العلاقات الدولية، جامعة نوتينغهام، المملكة المتحدة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :