facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جنازة درويش ستكون الاكبر منذ وفاة عرفات وتقام في رام الله


09-08-2008 03:00 AM

عمون - رام الله - الضفة الغربية - رويترز- ينظم الفلسطينيون جنازة رسمية يوم الثلاثاء للشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي توفي بعد جراحة أجريت له في مستشفى بالولايات المتحدة.
وقالت وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني أبو دقة لرويترز ان الجنازة ستكون
على الارجح الاكبر منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير
الفلسطينية عام 2004 وستقام في مدينة رام الله بالضفة الغربية حيث مقر السلطة
الفلسطينية.
وذكر مسؤول اخر أن السلطات تعتزم اقامة نصب تذكاري عند قبر درويش يخلد
أعماله وتمثال له.
وقال الشاعر مراد السوداني رئيس بيت الشعر الفلسطيني لرويترز "نسأله
بحسرة
يا محمود درويش لماذا تركت حصان الشعر وحيدا في هذا الزمن الصعب الذي يحتاج
فارسا للكلمة ينازل هذا النقيض بالكلمة والحربة".
وتوفي الشاعر /67 عاما/ أمس السبت بعد مضاعفات عقب خضوعه لجراحة في القلب
في
مستشفى بولاية تكساس الامريكية.
وقال السوداني "رحليه كان صدمة كبيرة. خسرنا واحدا من سدنة الشعر
الفلسطيني ان لم يكن راس الحرب الثقافية.. ترجل فارس الفرسان وزين الشباب كما
قال في ديوانه عاشق فلسطين. تحققت نبوءته حينما قال في جدارية ساصير يوما
فكرة/
سأصير يوما فكرة/ سأصير يوما شاعرا/ سأصير يوما ما اريد".
وكان درويش منح اخر قصائده عنوان /سيناريو جاهز/ ليكون رحيله مثل
/سيناريو جاهز/ وهي دراما بين شخصين يقول فيها "لنفترضً الان أنا سقطنا/ أنا
والعدو / سقطنا من الجو في حفرة.. فماذا سيحدث".
وقال الكاتب الفلسطيني محمود شقير لرويترز "تعتبر وفاته /درويش/ خسارة
كبرى
للحركة الثقافية الفلسطينية والعربية... ولكل الناس المحبين للسلام في
العالم...
محود درويش طاقة شعرية فذة خسرناه بشكل مفاجيء في حين كان على ابواب مرحلة
جديدة في ابداعه الفني".
وقرأ درويش في اخر امسية شعرية له في رام الله في يوليو تموز الماضي
مجموعة من
قصائده الجديدة ومنها /سيناريو جاهز/ و/لاعب النرد/ و/محطة قطار سقط عن
الخريطة/.
واضاف شقير "القصائد الجديدة التي قرأها تعطي انطباعات انه يدخل مرحلة
فنية
جدية وراقية... ولكننا فقدناه وعزاؤنا انه ترك فينا تراثا خالدا في الشعر
والمواقف ومحمود سيظل حيا في ضمير الشعب الفلسطيني وفي وجدان وضمير الشعوب
العربية
وقوى السلام في العالم".
ووصف زير الثقافة الفلسطيني السابق ابراهيم براش في مقال له اليوم الاحد
درويش برسول اله الشعر وقال "محمود درويش ليس شاعر فلسطين ولا شاعر العرب فقط
بل رسول مرسل من اله الشعر ليعبر عن الانسانية بكل ما فيها من معاني الجمال
والحب والحزن والمعاناة والتضحية... ومن غير محمود درويش كان قادرا على خلق
هذا
التماهي الجميل ما بين الحب والمعاناة على المستوى الفردي والوطني".
واقتبس احمد الطيبي العضو العربي في الكنيست الاسرائيلي وصديق درويش اسم
قصيدته الاخيرة /لاعب النرد/ عنوانا لمقال له اليوم الاحد دعاه فيه الى النهوض
وقال "انهض... فلسطين كلها والعرب تحمل قلوبها اليك ..لتنهض ..حاصر حصارك
واقهر
مرضك وانهض وقم من نومك المؤقت وانهض.
"فمن سيكتب يا محمود قصيدة النصر غيرك ما اقساك ايها المرض ... تغيب
فجأة
ولا تعرف كم هو الحب لك او انك تعرف يا محمود... انهض واصرخ في وجهنا جميعا
غبت
قليلا لكي اعود واعيش ولتحيا فلسطين فألقي عليكم وردتي الحمراء".
ووجه رحيل درويش صدمة كبيرة لمحبيه وقال حافظ البرغوثي رئيس تحرير صحيفة
الحياة الجديدة في مقال له اليوم "يا ايها المحمود فينا من غيرك انت
يرفعنا... ومن
غير محمود اعطانا لغة التخاطب مع بريق الضوء مع زهر لوز مع مكان مع زمان
افهمنا ان التفاهم مع بقاع الارض ممكن فلا تموت قضية مقفاة على كل البحور
والصدور".
ويأمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان يملا تلاميذ درويش الفراغ الذي تركه
برحيله وقال في خطاب أذيع في التلفزيون مساء أمس السبت "ان غياب شاعرنا
الكبير
محمود درويش عاشق فلسطين رائد المشروع الثقافي الفلسطيني الحديث والقائد
الوطني
اللامع والمعطاء سيترك فراغا كبيرا في حياتنا الثقافية والسياسية والوطنية لن
يملاه
سوى اولئك المبدعين الذين تتلمذوا في مدرسته وتمثلوا أشعاره وكتاباته وافكاره
وسيواصلون حمل رسالته الابداعية لهذا الجيل وللاجيال القادمة".
وأعلن عباس الحداد العام لمدة ثلاثة أيام .
وكان درويش جعل من مدينة رام الله مقرا له منذ عودته في التسعينات من
المنفى.

وكان توفي الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش اثر عملية جراحية فاشلة في تكساس بالولايات المتحدة الاميركية .
ومحمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة ابناء وثلاث بنات ، ولد عام 1941 في قرية البروة ( قرية فلسطينية مدمرة ، يقوم مكانها اليوم قرية احيهود ، تقع 12.5 كم شرق ساحل سهل عكا) ، وفي عام 1948 لجأ الى لبنان وهو في السابعة من عمره وبقي هناك عام واحد ، عاد بعدها متسللا الى فلسطين وبقي في قرية دير الاسد (شمال بلدة مجد كروم في الجليل) لفترة قصيرة استقر بعدها في قرية الجديدة (شمال غرب قريته الام -البروة-).

نانسي باكير تنعى الشاعر العربي محمود درويش

وتنعى وزيرة الثقافة نانسي باكير والأسرة الثقافية والأدبية والفكرية الأردنية وفاة الشاعر العربي الفلسطيني الكبير محمود درويش، أحد أقوى الأصوات التي عبّرت عن مأساة القضية الفلسطينية بصدق وواقعية، ودافعت عنها على أرض فلسطين وفي الغربة والشتات وكافة المحافل الدولية.

وقالت باكير أن فقدان "درويش" يُعد خسارة كبيرة باعتباره أحد أعمدة الشعر العربي المُعاصر، وقد كان من أفضل من صوّر الفاجعة الفلسطينية في أشعاره وكتاباته، وليس بمقدور أحد أن ينسى "جدارية درويش، عاشق من فلسطين، يوميات الحزن العادي، العصافير تموت في الجليل، شئ عن الوطن، لماذا تركت الحصان وحيداً وغير ذلك من مؤلفاته".

وأشارت إلى أن المرحوم درويش استطاع أن يؤسس مشروعاً شعرياً جديداً وأضاف للقصيدة العربية على مدى سنوات حياته قصيدة الملحمة الدرامية التي تعج بألحان وأنين الألم الفلسطيني.

وفلسفة محمود درويش كانت تقوم على أن : "من ليس له وطن ليس له في الثرى ضريح"، لهذا ترى باكير في فلسفته هذه ثورة شاعر خاطب من خلالها باسم كل فلسطيني إنسانية الإنسان في شتى بقاع العالم ليُثبت بأحاسيس الشاعر أن فلسطين لن تكون إلا وطناً للفلسطينين في حياتهم ومماتهم.


نانسي باكير تنعى الشاعر العربي محمود درويش

تنعى وزيرة الثقافة نانسي باكير والأسرة الثقافية والأدبية والفكرية الأردنية وفاة الشاعر العربي الفلسطيني الكبير محمود درويش، أحد أقوى الأصوات التي عبّرت عن مأساة القضية الفلسطينية بصدق وواقعية، ودافعت عنها على أرض فلسطين وفي الغربة والشتات وكافة المحافل الدولية.
وقالت باكير أن فقدان "درويش" يُعد خسارة كبيرة باعتباره أحد أعمدة الشعر العربي المُعاصر، وقد كان من أفضل من صوّر الفاجعة الفلسطينية في أشعاره وكتاباته، وليس بمقدور أحد أن ينسى "جدارية درويش، عاشق من فلسطين، يوميات الحزن العادي، العصافير تموت في الجليل، شئ عن الوطن، لماذا تركت الحصان وحيداً وغير ذلك من مؤلفاته".
وأشارت إلى أن المرحوم درويش استطاع أن يؤسس مشروعاً شعرياً جديداً وأضاف للقصيدة العربية على مدى سنوات حياته قصيدة الملحمة الدرامية التي تعج بألحان وأنين الألم الفلسطيني.
وفلسفة محمود درويش كانت تقوم على أن : "من ليس له وطن ليس له في الثرى ضريح"، لهذا ترى باكير في فلسفته هذه ثورة شاعر خاطب من خلالها باسم كل فلسطيني إنسانية الإنسان في شتى بقاع العالم ليُثبت بأحاسيس الشاعر أن فلسطين لن تكون إلا وطناً للفلسطينين في حياتهم ومماتهم.

فلسطين تتهيأ لتشييع شاعرها محمود درويش

أكد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة وفاة شاعر فلسطين محمود درويش، وفتح ذووه في أراضي الـ48 بيتا للعزاء بالشاعر الذي قضى بمستشفى بولاية تكساس الأميركية السبت بعد عملية في القلب.

وكان مدير مكتب الجزيرة في رام الله وليد العمري قد أكد الخبر قبيل الإعلان الرئاسي، وأفاد أن الرئاسة تعكف حاليا على إجراءات نقل جثمان درويش إلى الأراضي الفلسطينية.

وأعلنت آن بريمبري المتحدثة باسم مستشفى ميموريال هرمان تكساس ميديكال سنتر في وقت لاحق وفاة درويش، فيما أشار أبو ردينة إلى أن ذلك كان سببه تعقيدات أعقبت عملية القلب المفتوح.

تفاصيل العملية
وكان درويش (67 عاما) قد خضع الأربعاء الماضي للعملية في مستشفى ميموريال هيرمان، وظل يعاني من مضاعفاتها ثلاثة أيام حتى أسلم الروح.


وتضمنت العملية حسب مصادر إعلامية إصلاح ما يقارب من 26 سنتيمترا من الشريان الأبهر (الأورطي) الذي كان تعرض لتوسع شديد تجاوز درجة الأمان الطبيعية المقبولة طبيا.

وقالت صحيفة الأيام الفلسطينية إنه سبق لدرويش أن خضع لعمليتي قلب مفتوح عامي 1984 و1998. وكانت الأخيرة وراء ولادة قصيدته المطولة "جدارية" التي يصف فيها علاقته بالموت.

وذكر مراسل الجزيرة في رام الله نقلا عن مصادر الرئاسة أن ترتيبات إحضار الجثمان قد بدأت، مضيفا أن الجثمان سينقل من الولايات المتحدة إلى الأردن بطائرة إماراتية دون أن يتضح أين سيدفن في فلسطين.

أهم الشعراء
ويعتبر درويش واحدا من أكثر الشعراء الفلسطينيين المعاصرين تأثيرا وامتزاجا بحب الوطن والحبيبة، وترجمت أعماله إلى ما يقرب من 22 لغة وحصل على العديد من الجوائز العالمية.

واستمع الجمهور الفلسطيني إلى شاعره الكبير في يوليو/ تموز الماضي بعد غياب استمر ثلاث سنوات عنه في افتتاحه مهرجان (وين ع رام الله) الذي قرأ فيه مجموعة من قصائده الجديدة، ومنها "سيناريو جاهز، لاعب النرد".

وكرمت بلدية رام الله الشاعر درويش بإطلاق اسمه على أحد أهم الميادين فيها في مايو/ أيار الماضي .


درويش والتكريم
وقال درويش في حينه "أود أن أشكر بأعمق المشاعر والعواطف مبادرة بلدية رام الله بالإقدام على شيء غير عادي في حياتنا العربية والفلسطينية، فليس من المألوف أن يكرم الأحياء وهذه سابقة لا أعرف كيف استقبلها ولكن مكاني ليس هنا، ليس من الضروري أن أكون في هذا الحفل لأن الموتى لا يحضرون حفل تأبينهم، وما استمعت إليه اليوم هو أفضل تأبين أود أن أسمعه فيما بعد".

وأصدرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية في يوليو/ حزيران الماضي طابعا بريديا يحمل صورة الشاعر محمود درويش.

وتولى درويش مهام سياسية ومناصب في إطار مؤسسات منظمة التحرير والجامعة العربية، وكان عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة سنوات عديدة.

يُذكر أن الفقيد هو الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات، وولد عام 1941 في قرية البروة (الفلسطينية المدمرة التي قامت مكانها مستوطنة أحيهود الإسرائيلية). وأقام ذووه لاحقا في قرية الجديدة القريبة بعد فرارهم إلى لبنان عام 1948وعودتهم إلي فلسطين مجددا.


المصدر: الجزيرة + وكالات


...............


مايا جاغي
ترجمة:غازي مسعود

قبل أيام من إطلاق ارئيل شارون عملية إسرائيل”الدرع الواقي” وقيام الجيش الإسرائيلي بشن هجومه على مدينة رام الله في الضفة الغربية في 29/آذار, زار المدينة ثمانية مؤلفين من” برلمان الكتاب الدولي”, وكان من ضمنهم الفائزان بجائزة نوبل للآداب ولي شوينكا وجوزيه ساراماغو, وكل من بريتن بريتنباخ, خوان غويتيسولو, ورسل بانكس, قدموا جميعاً استجابة لنداء من الشاعر محمود درويش ليكونوا شاهدين على الاحتلال العسكري.

وذات مساء, أخذهم درويش الذي وجده الروائي الأمريكي بانكس” حزيناً لكن زيارتنا رفعت معنوياته”, إلى تله تطل على القدس عبر مستوطنات يهودية وحواجز للجيش, يقول درويش :

"أردت أن أريهم كيف تهشمت جغرافية فلسطين بالمستوطنات, كما لو أنها المركز وكما لو أن المدن الفلسطينية هامشية”, أضاف” لا دعاية, تركناهم يرون الحقيقة".

وبينما استذكر بريتنباخ الابارثايد, أجرى بانكس مقارنه مع المحميات الهندية في القرن التاسع عشر, يقول: "روعت وغضبت لمدى الاحتلال المادي, فالمستوطنات مثل مدن الضواحي والقوات العسكرية جاهزة لحمايتها".

بعد أربعة أيام من قراءة قام بها درويش وضيوفه أمام جمهور بلغ ألف شخص في مسرح القصبة, بدأ الجيش الإسرائيلي عمليته لاقتلاع جذور الانتحاريين, يرى الفلسطينيون الغزو عقوبة جماعية وخطوة لتدمير البنية التحتية لدولتهم الجنينية, ودرويش نفسه الذي كان قد غادر رام الله ليلقي شعره في العاصمة اللبنانية بيروت, لم يستطع العودة, علم أن مركز” السكاكيني الثقافي” حيث يحرر مجلته الأدبية الفصلية “ الكرمل” قد نهب وان مسوداته قد وطئت بالأقدام, يقول درويش” أرادوا إبلاغنا رسالة مفادها أن لا أحد محصن – بما في ذلك الحياة الثقافية”, أضاف” اعتبرت الرسالة شخصية, أعرف أنهم أقوياء ويستطيعون الغزو وقتل أي شخص غير انهم لا يستطيعون تحطيم كلماتي أو احتلالها".

عرف درويش لأربعين عاماً تقريباً بأنه شاعر فلسطين القومي, وذاك "عبء" يستمتع به ويثور ضده في الوقت نفسه, انه افضل شعراء العالم العربي مبيعاً, وجذبت قراءته لشعره مؤخراً في إستاد بيروت 25000 شخص, أصبحت فلسطين في عمله مجازاً عاماً لفقد عدن, للولادة والعبث, لكرب الانخلاع والمنفى, وهو عند الأستاذ إدوارد سعيد, من جامعة كولومبيا في نيويورك, أروع شاعر عربي, له حضور طاغي في فلسطين وإسرائيل – البلد الذي نشأ فيه لكنه غادر المنفى سنة 1970, وعند سعيد أيضا, فأن شعر درويش” جهد ملحمي لتحويل قصائد الفقدان الغنائية إلى دراما العودة المؤجلة إلى اجل غير محدود”, وتراه الكاتبة أهداف سويف أحد أقوى أصوات المأساة الفلسطينية.

ورغم انه يكتب بالعربية, يقرأ درويش الإنجليزية والفرنسية والعبرية, ومن بين الذين تأثر بهم رامبو وغتزبرغ, ترجمت أعماله إلى كثر من عشرين لغة, وهو افضل من يباع من الشعراء في فرنسا, ورغم ذلك, فأن مختارات قليلة من دواوينه الشعرية العشرين مترجمة إلى الإنجليزية, أحدها Sand ( 1986 ) الذي ترجمته زوجته الأولى, الكاتبة رنا قباني, وتراه الشاعرة الأمريكية ادرين رتش شاعرا بقامة عالمية ل "مجازفاته الفنية", وسوف تنشر له دار نشر جامعة كاليفورنيا في الخريف القادم مختارات جديدة من قصائده بعنوان : Unfortunately, It Was Paradise.

ويكشف صوت درويش الجهوري وأداؤه الغنائي موسيقية شعره, ومؤخراً, في فيلادلفيا التي كان فيها ليستلم 360000 دولاراً, جائزة الحرية الثقافية التي تمنحها” مؤسسة لانان”, اعترف درويش ببالغ حزنه وغضبه” للصراع بين السيف والروح” في فلسطين, وقد كتب أخر قصائده” حالة حصار” – التي قرأها في الاحتفال- أثناء الغارات الإسرائيلية في شهر كانون الثاني الماضي. يقول: “ رأيت الدبابات تحت نافذتي, أنا كسول عادة, اكتب في الصباح على طاولة نفسها, لي طقوسي الخاصة, غير إنني خالفتها أثناء الطوارئ, حررت نفسي بالكتابة, توقفت عن رؤية الدبابات – سواء كان ذاك وهما أو قوة الكلمات”.

في القصيدة, يقول” شهيد”:

" احب الحياة, على الأرض, بين الصنوبر والتين لكنني ما استطعت إليها سبيلا, ففتشت عنها بأخر ما املك”, ودرويش الذي كتب في صحيفة فلسطينية بعد 11 أيلول” لا شيء يبرر الإرهاب” عارض بوضوح الهجمات على المدنيين وظل صوتا مثابرا يدعوا للتعايش الفلسطيني – الإسرائيلي, وهو يصور على أن العمليات الانتحارية لا تعكس ثقافة موت بل تعكس إحباطا من الاحتلال, يقول:

“ علينا تفهم سبب التراجيديا لا تبريرها, ليس السبب انهم يتطلعون إلى عذارى جميلات في الجنة, كما يصور المستشرقون ذلك, الفلسطينيون يعشقون الحياة, إذا منحناهم أملا - حلاً سياسياً – فسوف يتوقفون عن قتل أنفسهم”.

وعند ساسون سوميخ, الباحث الإسرائيلي في الأدب العربي في جامعة تل أبيب والذي عرف درويش في ستينات القرن العشرين ويترجم القصيدة إلى العبرية,” تهدف القصيدة إلى الحوار: إنها لا تتكلم عن الإسرائيليين كمجرمين, بل تقول : لم لا يفهمون ؟ لا معنى للقول أن هذا الرجل يكرهنا”.

ولد درويش سنة 1942 لعائلة مسلمة سنية تملك ارض في قرية الجليل تدعى البروة, أيام الانتداب البريطاني على فلسطين, حين كان في السادسة من عمره, احتل الجيش الإسرائيلي البروة والتحقت عائلة درويش بخروج اللاجئين الفلسطينيين الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم ما بين 72600 –900000، قضت العائلة عاما في لبنان تعيش على عطايا الأمم المتحدة, بعد خلق إسرائيل والحرب الإسرائيلية العربية لسنة 1947, عادت العائلة” بشكل غير شرعي” سنة 1949, لكنها وجدت البروة, مثلها مثل 400 قرية فلسطينية أخرى في الأقل, قد دمرت أفرغت من سكانها العرب, بنيت مستوطنات إسرائيلية على أنقاضها, يقول درويش” عشنا مرة أخرى كلاجئين, وهذه المرة في بلدنا, كانت تلك خبرة جماعية, ولن أنسى أبدا هذا الجرح”.

يقول درويش, ثاني اكبر أربعة اخوة وثلاث أخوات,فقدت العائلة كل شيء, قلص والده سليم إلى مجرد عامل زراعي: “ اختار جدي العيش فوق تله تطل على أرضه, والى أن توفي, ظل يراقب المهاجرين ( اليهود ) من اليمين يعيشون في أرضه التي لم يكن قادراً على زيارتها”.

ولأنهم كانوا غائبين أثناء أول إحصاء إسرائيلي للعرب, و لأنهم اعتبروا ” متسللين” غير شرعيين و” غرباء غائبين – حاضرين”, منعت على أفراد العائلة الجنسية الإسرائيلية, تقدموا بطلبات لبطاقات هوية ولكن جواز السفر حجب عن محمود, " كنت مقيماً وليس مواطناً, ارتحلت ببطاقة سفر”, في مطار باريس سنه 1968, يقول :

" لم يفهموا, أنا عربي, جنسيتي غير محددة, احمل وثيقة سفر إسرائيلية, ولذا رجعت”.

كانت أمه, حورية لا تحسن القراءة والكتابة, غير أن جده علمه القراءة, ” حلمت أن أكون شاعراً”,

حين بلغ السابعة من عمره, كان درويش يكتب الشعر, عمل في حيفا صحفياً.

وفي سنة 1961 التحق بالحزب الشيوعي الإسرائيلي,” راكاح”, حيث اختلط العرب واليهود, وعمل فيه محرراً لصحيفته, خضع الفلسطينيون في إسرائيل لقانون الطوارئ العسكري إلى سنة 1966, واحتاجوا تصاريح للسفر داخل البلد, بين سنة 1961 وسنة 1969, سجن لعدة مرات, بتهمة مغادرته حيفا دون تصريح.

حقق له ديواناه” أوراق الزيتون” ( 1964 ) و” عاشق من فلسطين” (1966 ) شهرته شاعر مقاومة, عندما كان في الثانية والعشرين من العمر, أصبحت قصيدة” بطاقة هوية” التي يخاطب فيها شرطياً إسرائيليا” سجل, أنا عربي, ورقم بطاقتي خمسون ألف”. صرخة تحد جماعية, أردت إلي اعتقاله في مكان إقامته سنة 1967 عندما أصبحت أغنية احتجاج, وقصيدة” أمي” التي تتحدث عن حنين ابن سجين إلى خبز أمه وقهوة أمه,

" كانت اعترافا بسيطا لشاعر يكتب عن حبه لامه, لكنها أصبحت أغنية جماعية, عملي كله شبيه بهذا, أنا لا اقرر تمثيل أي شيء إلا ذاتي, غير أن تلك الذات مليئة بالذاكرة الجماعية”.

وحسب سعيد, عرفت قصائد درويش الكفاحية المبكرة الوجود الفلسطيني, معيدة التأكيد على الهوية بعد شتات 1948, كان الأول في موجة من الشعراء الذين كتبوا داخل إسرائيل عندما كانت جولدا مائير تصر قائلة

" لا يوجد فلسطينيون” وتزامن ظهور شعر درويش الغنائي مع ولادة الحركة الفلسطينية بعد الهزيمة العربية في حرب الأيام الستة سنة 1967, ورغم ذلك, نفر دائما أن يمدح من منطلق التضامن, يستذكر زكريا محمد الذي كان طالبا في الضفة الغربية في نهاية الستينات من القرن الماضي,” كتب مقالة يقول فيها : نريد منكم الحكم علينا كشعراء, وليس كشعراء مقاومة”.

وصف درويش الصراع بأنه: "صراع بين ذاكرتين" وتتحدى قصائده المعتقد الصهيوني المجسد في شعر حاييم بيالك” ارض بلا شعب لشعب بلا ارض” وبينما يعجب بالشاعر العبري يهودا عامخاي, يقول” طرح شعره تحدياً لي, لأننا نكتب عن المكان نفسه, يريد استثمار المشهد والتاريخ لصالحة, ويقيمه على هويتي المدمرة, لذا نتنافس :
من مالك لغة هذه الأرض ؟
من يحبها اكثر ؟
من يكتبها افضل ؟”

ويضيف :” يصنع الشعر والجمال السلام دائماً, وحين تقرأ شيئا جميلا تجد تعايشا, انه يحطم الجدران.. أنا أنسن الساخر دائما, وحتى أنسن الجندي الإسرائيلي”, الأمر الذي فعله في قصائد من مثل” جندي يحلم بزنابق بيضاء” التي كتبت بعد حرب 1967 فوراً, ينتقد عديد العرب القصيدة, غير انه يقول :” سأواصل انسنة حتى العدو.. كان الأستاذ الأول الذي علمني العبرية يهودياً, كان الحب الأول في حياتي مع فتاة يهودية, كان القاضي الأول الذي زج بي في السجن امرأة يهودية, ولذا فأنني منذ البداية, لم أرد اليهود أما شياطين أو ملائكة بل كائنات إنسانية”, وعديد قصائده موجه إلى عشاق يهود, يقول : هذه القصائد تقف إلى جانب الحب وليس الحرب”.

منعت عليه الدراسة العليا في إسرائيل, ولذا درس الاقتصاد السياسي في موسكو ستة 1970, لكنه, متحررا من الوهم, غادرها بعد عام, يقول :

“ بالنسبة لشيوعي شاب, موسكو هي الفاتيكان, لكنني اكتشفت إنها ليست جنة”, وفي سنة 1971 التحق بصحيفة” الأهرام” اليومية في القاهرة, وقرر أن لا يعود إلى حيفا, وختم بالشمع على هذا القرار ستة 1973, عندما التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية ومنع من العودة إلى إسرائيل منعا استمر لستة وعشرين عاما.

هذا وقد أدان عديد الفلسطينيين وزملاء من الحزب الشيوعي درويش على هجرة إسرائيل,” كان ذاك القرار اصعب قرار اتخذته في حياتي, لعشرة أعوام لم يسمح لي بمغادرة حيف, وبعد سنة 1967 بقيت قيد الإقامة الجبرية”, ورغم ذلك لا يزال يشعر بالذنب لأنه ترك.

" كنت صغيرا جدا لأرى التوازن بين وقوفي ضد هذه الظروف أو العثور على سماء مفتوحة لجناحي الصغيرين شاعرا, أغوتني المغامرة, غير أن الحكم النهائي لا بد أن يأتي مما فعلته في المنفي”, هل أعطيت اكثر للثقافة الفلسطينية ؟

يقول جميع النقاد أنني لم أضع وقتي”.

كان منير عكش, محرر القصائد المختارة بالإنجليزية المعنونة : The Adam Of Two Edens( 2001 ), واحدا من بين عدة نقاد حازمين انتقدوا نجاح درويش” المبستر” في حيفا, يقول عكش” كانت شهرته متقدمة على شعره ولكنني اكتشفت في ذلك الحين تململه الفني الرائع, فمع كل ديوان, يفتح مناطق جديدة”.

ويقول درويش” في الخمسينات ( من القرن العشرين ) آمنا نحن العرب بإمكانية أن يكون الشعر سلاحاً, وان على القصيدة أن تكون واضحة مباشرة, على الشعر الاهتمام بالاجتماعي, ولكن علية الاعتناء بنفسه أيضا, بالجماليات.. آمنت أن افضل شيء في الحياة أن أكون شاعراً, ألان اعرف عذابه, في كل مرة انهي فيها ديوانا, اشعر انه الأول والأخير”.

في الفترة الممتدة من سنة 1973 إلى سنة 1982 عاش في بيروت, رئيس تحرير لمجلة” شؤون فلسطينية”, واصبح مديراً لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن يؤسس مجلة” الكرمل” سنة 1981, بحلول سنة 1977 بيع من دواوينه العربية اكثر من مليون نسخة لكن الحرب الأهلية اللبنانية كانت مندلعة بين سنة 1975 وسنة 1991 ترك بيروت سنة 1982 بعد أن غزا الجيش الإسرائيلي بقيادة ارئيل شارون لبنان وحاصر العاصمة بيروت لشهرين وطرد منظمة التحرير الفلسطينية منها ذبح الكتائبيون, حلفاء إسرائيل, اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشتيلا, اصبح درويش” منفيا تائها”, منتقلا من سوريا وقبرص والقاهرة وتونس إلى باريس, ساخرا بمرارة من قارة عربية

" تنام بسرعة في ظل أنظمة قمعية”, قال :

حلت كرة القدم محل فلسطين في حب العرب.

يقول” حررت نفسي من الأوهام كلها, أصبحت ساخراً, أسأل أسئلة عن الحياة مطلقة, لا مجال فيها للأيديولوجية القومية”, وخلال 90 يوما في باريس سنة 1985, كتب رائعته النثرية” ذاكرة للنسيان” (1986), وهي أوديسا سيرة ذاتية على شكل يوميات بيروتية تجري خلال يوم واحد من القصف الإسرائيلي الثقيل في السادس من آب 1982 – يوم هيروشيما.

يبدو درويش غامضاً بشأن ”حادثة” الزواج: ” يقال لي كنت متزوجاً, لكنني لا أتذكر التجربة”. قابل رنا قباني (ابنة أخ الشاعر السوري نزار قباني) في واشنطن سنة 1977 فتزوجا ” لثلاثة أعوام أو أربعة”, غير إنها تركت لتحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة كيمبردج” وكان مستحيلاً الاستمرار". وتزوج لنحو عام في منتصف ثمانينيات القرن العشرين مترجمة مصرية, حياة ألهيني, يقول: " لم نصب بأية جراح انفصلنا بسلام, لم أتزوج مرة ثالثة, ولن أتزوج, إنني مدمن على الوحدة.. لم أشأ أبدا أن يكون لي أولاد, وقد أكون خائفاً من المسؤولية, ما احتاجه استقرار اكثر, أغير رأيي, أمكنتي, أساليب كتابتي, الشعر محور حياتي, ما يساعد شعري افعله, وما يضره أتجنبه”.

ويعترف بفشله في الحب كثيراً, ”احب أن أقع في الحب, السمكة علامة برجي (الحوت), عواطفي متقلبة, حين ينتهي الحب, أدرك انه لم يكن حباً, الحب لا بد أن يعاش, لا أن يُتذكر”.

منفياً في باريس بين سنة 1985 وسنة 1995 راجع درويش أو رفض العديد من قصائده السياسية المباشرة التي كتبها في مرحلة بيروت والتي كان نموذجها بابلو نيرودا التشيلي ولوي اراجون, أحد شعراء المقاومة الفرنسية. وكتب أيضا بعض روائعه : ” أحد عشر كوكباً” سنة 1992 متوالية ”ملحمية غنائية” عن سنة 1492, تاريخ رحلة كولومبوس التي دمرت عالم الأمريكيين الأصليين, وعن طرد العرب من الأندلس, اللتان تماثلان كلاهما النكبة الفلسطينية, كما يصف الفلسطينيون خلق إسرائيل سنة 1948 و”لماذا تركت الحصان وحيداً” سنة 1995 "سيرته الذاتية شعريا"ً.

وما أن اصبح شعره الناضج غير مباشر اكثر, ملمحاً لأساطير متنوعة, شعر درويش بتوتر علاقته مع جمهور متلقيه, يقول عكش, ” بدأ الجمهور يشعر انه أصبح غير مخلص قليلاً لقضيته, غير انه ناضل ليحملهم معه”, وعند درويش” اكبر إنجاز في حياتي كسب ثقة المتلقين, تشاجرنا من قبل: كلمات غيرت أسلوبي, صدموا أرادوا سماع القصائد القديمة, الآن يتوقعون مني التغيير, يطلبون أن لا أعطي أجوبة بل أن اطرح مزيداً من الأسئلة".

انتخب للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية سنة 1987, لكنه رأى دوره رمزياً (“ لم اكن أبداً رجل سياسة” ) وحسب وزير الثقافة الفلسطيني في رام الله, ياسر عبد ربه,” انه ليس فناناً منعزلاً”, يتابع الحياة السياسية, ويحاجج ضد المواقف المتطرفة”. هذا وقد كتب درويش إعلان الجزائر,” إعلان الدولة الفلسطينية”, سنة 1988, عندما قبلت منظمة التحرير الفلسطينية التعايش مع إسرائيل في حل يقضي بدولتين. صادق رئيس منظمة التحرير الفلسطينية, ياسر عرفات, في القاهرة سنة 1971, و قال عرفات : أستطيع شم عبير الوطن فيك، لكنه رفض عرضه بتنصيبه وزيراً للثقافة.

استقال درويش من اللجنة التنفيذية في اليوم التالي لتوقيع اتفاقية أوسلو سنة 1993 – المرحلة الأولى من إقامة سلطة فلسطينية حاكمة – قائلاً ” استيقظ الفلسطينيون ليجدوا أنفسهم بلا ماض”, رأى صدوعاً في الاتفاقيات وقال إنها لن تنجح, والأرجح أن تصعد الصراع بدلاً من إنتاج دولة فلسطينية قابله للحياة أو سلام دائم, ويقول عبد ربه :" كان متشككا بأوسلو, ويؤسفني القول أن حكمه ثبتت صحته”.

سمحت اتفاقيات أوسلو لدرويش الانتقال إلى سلطة” الحكم الذاتي” الفلسطينية الجديدة,” صدمتني غزة – لم يكن فيها أي شيء حتى ولا طرق معبدة”, لديه منزل في العصمة الأردنية عمان – بوابة إلى العالم الخارجي – لكنه استقر في رام الله سنة 1996, ورغم ذلك يقول انه لا يزال في المنفى,” المنفى ليس حالا جغرافية, احمله معي أينما كنت, كما احمل وطني”, اصبح وطنه لغة,” بلدا من الكلمات”.

قابل رجا شحاده, وهو محامي فلسطيني يسكن جوار رام الله, درويش في باريس.

يقول :” بدا مغرماً بالأشياء الناعمة – بالمعيشة الراقية والطعام الجيد ومما يحسب لصالحه انه جاء إلى هنا”, ويقول درويش الذي يعيش من الصحافة والتحرير وبالمثل من بيعات شعره : سأبقى إلى أن تتحرر فلسطين في اليوم اللاحق لحصول الفلسطينيين على دولة مستقلة, لدى الحق بالمغادرة, لكن ليس قبل ذلك”.

ولقي درويش الذي دافع دوماً عن الحوار مع الإسرائيليين تعاطفاً مع إسرائيل أحيانا باعتباره معتدلاً, ولكن حتى أصدقاءه اليساريين هناك أحرجوا لقصيدة أضرت بسمعته.

"عابرون في كلام عابر” التي كتبها في بداية الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال العسكري التي استمرت من 1987 – 1993 كتب يقول : آن أن تنصرفوا وتموتوا أينما شئتم / ولكن لا تقيموا بيننا / آن أن تنصرفوا وتموتوا أينما شئتم / ولكن لا تموتوا بيننا”.

اقتطف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق, اسحق شامير, القصيدة غاضباً في الكنيست, برلمان إسرائيل : لا يؤثر درويش القصيدة فهي "غاضبة جداً ومباشرة” ولكنه قال إنها موجهه إلى الجنود الإسرائيليين:”ما زلت أقول أن على إسرائيل الخروج من الأراضي المحتلة, ولكنهم اعتبروها دليلاً على أن الفلسطينيين يريدون إلقاء اليهود في البحر, إذا اعتبروا وجودهم مشروطاً بالاحتلال فانهم يتهمون أنفسهم”.

هذا وقد خفف الحظر المفروض على زيارة درويش إسرائيل في شهر كانون الثاني 1999 وسمح له بزيارة أمه وأقاربه الذين لا يزالون يعيشون في قرى قرب حيفا, غير أن دخوله منع منذ انطلاقة انتفاضة الأقصى, أو الانتفاضة التي انفجرت في شهر أيلول سنة 2000 عندما دخلت أمه المستشفى لسرطان في معدتها, حاول زيارتها ” لكنهم اتصلوا بالمستشفى وتحققوا إنها لن تموت, ولذا رفضوا إعطائي إذنا.” تعافت لكنه لم يرها لعامين.

أصيب درويش بنوبة قلبية وأجريت له عملية لإنقاذ حياته سنة 1984, وعملية جراحية قلبية أخرى سنة 1998. أثناء عمليته الجراحية الأولى يقول:” توقف قلبي لدقيقتين, أعطوني صدمة كهربائية, ولكنني قبل ذلك رأيت نفسي اسبح فوق غيوم بيضاء, تذكرت طفولتي كلها, استسلمت للموت وشعرت بالألم فقط عندما عدت إلى الحياة”.

ولكن في المرة الثانية, كان قتالا, ” رأيت نفسي في سجن, وكان الأطباء رجال شرطة يعذبونني, أنا لا أخشى الموت ألان, اكتشفت أمرا أصعب من الموت: فكرة الخلود، أن تكون خالدا هو العذاب الحقيقي, ليست لدي مطالب شخصية من الحياة لأنني أعيش على زمان مستعار, ليست لدي أحلام كبيرة. إنني مكرس لكتابة ما علي كتابته قبل أن اذهب إلى نهايتي”.

وجب عليه التوقف عن التدخين وان يشرب اقل من القهوة التي يحبها, ويسافر اقل. يقول: ” شهوتي للحياة اقل, أحاول التمتع بكل دقيقة, ولكن بطرق بسيطة جداً, شرب كأس من النبيذ الجيد مع الأصدقاء, التمتع بالطبيعة, مراقبة قطط الحارة, استمتع بشكل افضل, كنت أتحدث, غير أنني أصبحت حكيماً”.

في ”جدارية 2000” يمعن رجل مريض جداً التفكير بالموت وبفناء الحضارات في عز انتفاضة الأقصى, وفي هذه الجدارية يظهر محمد الدرة, الطفل الذي يبلغ من العمر 12 عاماً ومن إطلق الجنود الإسرائيليون النار عليه ومات بين ذراعي والده كمسيح صغير, ويؤكد درويش الذي يتضمن شعره رمزية توراتية مسيحية ويهودية على موروث له مزدوج ” ليست لدي هوية ثقافية عربية خالصة, أنا نتيجة مزيج حضارات ماضي فلسطين, لا احتكر التاريخ والذاكرة والرب, كما يريد الإسرائيليون أن يفعلوا, انهم يضعون الماضي في ساحة المعركة.” أما وقد غدا ” أكثر حكمة واكبر” مما كان عليه حين نهض لأول مرة لمواجهة التحدي, يقول :” لا احب أن نتقاتل على الماضي, ولندع كل واحد يروي سرده كما يشاء, ولندع السردين يجريان حواراً, وسوف يبتسم التاريخ”.

وحسب رأي الشاعر زكريا محمد, تسعى قصائد درويش المتأخرة إلى بناء سفر تكوين للفلسطينيين : ” كلها تبدأ : كان شعب وكان ارض...” ومجمل شعره حوار بينه وبين الإسرائيليين للعثورعلى نقطة يستطيعون التصالح عندها.”

في شهر آذار سنة 2000 تورط درويش في” حروب إسرائيل الثقافية” عندما أعلن وزير التربية يوسي ساريد أن خمساً من قصائده ستكون جزءا من مناهج مدرسي متعدد الثقافة – في بلد 19 بالمائة من سكانه الإسرائيليين فلسطينيون وترعرع عديد يهوده أو والديهم في العالم العربي, ثار صخب, قال عضو الكنيست اليميني المتطرف بني آلون ” فقط مجتمع يريد الانتحار يضع” شعر درويش” في منهاجه الدراسي”.

وقد نجا رئيس وزراء إسرائيل آنذاك, أيهود باراك، من تصويت لطرح الثقة قائلاً:” أن إسرائيل غير مهيأة لهذا الشعر” ويقول درويش,” يدرسون الطلاب أن البلاد كانت فارغة. وإذا درسوا الشعراء الفلسطينيين, فسوف تتحطم هذه المعرفة." معظم شعري عن حبي لبلدي, مؤخراً ترجمت عدة دواوين من شعره إلى العبرية, ورغم ذلك, يظل وضعه في إسرائيل أسيرا للمناخ السياسي. طالبت الصفحات الأدبية في الصحف باستمرار بترجمة قصائده,” إلا أن كل شيء توقف مع انتفاضة الأقصى” كما يقول تساسون سوميخ.

يقول درويش, ” لدى إسرائيل فرصة جيدة لتعيش بسلام. رغم الظلمة, أري بعض الضوء” ولكن شارون, كما يعتقد يريد جر الصراع ” إلى المربع الأول, وكأنما لم توجد عملية سلام. إنها حرب لأجل الحرب, وليس الصراع صراعاً بين وجودين, كما تحب الحكومة الإسرائيلية تصوير الأمر”.

وكان ديوان ” سرير الغريبة” 1998، كما يقول, أول كتاب له مكرس للحب كلياً, ورغم ذلك, حتى القدرة على الحب ” شكل من أشكال المقاومة: يفترض أن نكون نحن الفلسطينيين مكرسين لموضوع واحد – تحرير فلسطين, هذا سجن, نحن بشر, نحب، نخاف الموت, نتمتع بأول زهور الربيع, لذا فالتعبير عن هذا مقاومة لان يكون موضوعنا مملا علينا, إذا كتبت قصائد حب فأنني أقاوم الظروف التي لا تسمح لي بكتابة قصائد الحب.”

وقد صدم قراؤه لما رآه البعض تخليا عن القضية, أحد الأصدقاء الإسرائيليين الفلسطينيين, المؤلف انطون شماس, رأى في الديوان” رسالة تحد كئيبة : إلى الجحيم بفلسطين, وأنا الآن على عاتقي." ورغم ذلك يروي شعر درويش وحضوره في رام الله المحاصرة قصة مختلفة يقول: ” أنتظر اللحظة التي أستطيع فيها القول: إلى الجحيم بفلسطين. ولكن ذاك لن يحصل قبل أن تصبح فلسطين حرة, لا أستطيع تحقيق حريتي الشخصية قبل حرية بلدي. عندما تكون حرة, أستطيع لعنها”.

المصدر : الغارديان البريطانية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :