اللغة الصينية في المدارس تطوير أم قرار جديد؟
د. رندة نايف ابوحمور
14-12-2025 10:46 AM
حين تقرر وزارة التربية والتعليم إدخال اللغة الصينية إلى المناهج المدرسية، فإنها تعلن، نظريا انحيازها لمستقبل عالمي متعدد الأقطاب، وتؤكد رغبتها في مواكبة التحولات الدولية. هذا جميل على الورق، لكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح بلا مجاملة: هل القرار تربوي مدروس؟ أم استعراض سياسي يدفع ثمنه الطالب وولي الأمر؟
المشكلة ليست في اللغة الصينية، ولا في الدولة التي تقف خلفها، بل في العقلية التي لا تزال تتعامل مع الطالب كمتلق صامت، لا كشريك في العملية التعليمية. فرض مادة جديدة على آلاف الطلبة دون خيار أو نقاش، في نظام تعليمي يعاني أصلا من تضخم المناهج، ونقص الكوادر، وتفاوت البيئات التعليمية، هو قرار لا يمكن تبريره تحت شعار التطوير.
أي تطوير هذا الذي: يزيد عدد الحصص دون تخفيف حقيقي للمواد؟
يحمل الأهل أعباء مالية إضافية في بلد يرزح تحت ضغط اقتصادي خانق؟
يستنزف موازنة الوزارة في تدريب وتوظيف، بينما مدارس ما زالت تفتقر للأساسيات؟
إذا كانت الوزارة جادة في الإصلاح، فلماذا لا تكون اللغة الصينية مادة اختيارية؟
لماذا يحرم الطالب من حقه في اختيار مساره؟
ولماذا يدار التعليم بعقلية القرار الفوقي، لا بعقلية التخطيط التشاركي؟
الحديث عن الانفتاح على الشرق لا يجب أن يكون ديكورا سياسيا، ولا ترجمة متسرعة لعلاقات دولية على حساب استقرار التعليم الوطني. فالمدرسة ليست ساحة لتجريب السياسات، ولا الطالب مشروعا قابلا للاختبار.
نحن لا نحتاج مزيدا من المواد،
نحتاج مناهج أخف، أعمق، وأكثر عدالة.
نحتاج تعليما يحترم عقل الطالب، ويقدّر قدرة الأهل، ويدير موارده بوعي لا باستعراض.
نعم لتعليم اللغة الصينية لمن يرغب، لا لفرضها على من لا يريد، ولا لتحويل “التطوير” إلى عبء جديد يضاف إلى قائمة الإخفاقات التربوية.
فالتعليم قرار سيادي، وأي عبث به، ثمنه جيل كامل.