كنت أود المرور عن القصة وعدم الكتابة عنها ,ولكن المرور صعب جدا ..ذلك أن الكتابة موقف , وقد يعجب البعض وقد يختلف البعض معك ...وقد يشتمك البعض , ولكن في النهاية للموقف ضريبة ...

مالك حداد هو مدير عام لشركة نقل كبيرة في البلد , اصبح وزيرا ...ثم قدم استقالته , البعض قام بنبش مسألة قديمة ..مما حدا بالرجل أن يترك الوزارة طائعا ..وفي النهاية يصبح حديث البلد ...ويهاجم وينهش وتهاجم معه الدولة ..وتشعر في لحظة أنه الرجل المسئول عن نكسة حزيران ..

لماذا أكتب عن مالك حداد ؟ ...ذات يوم جائني رجل من الجنوب , قصته بسيطه بنظر البعض ومعقده بنظره ..وهي أن ابنته في السنة الاخيرة من الهندسة ...وليس لديه ما يكفي لدفع القسط الجامعي أو رسوم السنة الدراسية , لم نترك مؤسسة رسمية وقتها إلا وخاطبناها ..ولم يفلح الأمر ..ولأن الحياة فيها حلول حتى وإن عاندك الواقع ..ذهبت لمالك حداد ودون أن نكمل التفاصيل ..تبرع بدراستها كاملة ..ودفع السنة كلها ...

أنا لا اقدم مدحا , ولا تقربا ..لست محتاجا أن أفعل ذلك مع صديقي الذي عرفته منذ (20) عاما ,وللان ما زلت كلما جائت جمعية من الجنوب أو ناد ..أو محتاج أرسلته لمالك , ولم يقفل بابه يوما ...

..ولكني حزين ..وحزين جدا , على من تركوا من باع واثرى من سمسر وقبض وكمشن ..من لوث إقتصاد وثقافة وهوية بلد وصبوا جام غضبهم على مالك , حزين على من تركوا كل قضايانا ..وكل تعبنا وكل قلق البلد وصار مالك مصدر الخراب

الكتابة موقف أخلاقي , يعبر عن قناعاتنا ..وأنا سأدافع عن شخص , دفع ضريبة تعينه في موقع عام ...وتحمل ومضى في العمر يلتحف الصمت والرضى ..

أما أبطال الشتم على الفيس بوك ..فأعرف أنه سينالني نصيب من شتمهم , واغرب ما في الشتم ..أنهم يمارسون بطولة الحروف بكل تجلياتها على الفيس بوك ..وحين نلتقيهم في الواقع وليس في العالم الإفتراضي يطلبون رقم هاتفك أو يقولون لك :- (جيرة الله استاذ ع العشا) ...وتحتار وتسأل هل أنجب الفيس بوك بطلا ؟ ..هو عرى ما في مكامن النفس من سوء ولم ينتج أو ينجب بطلا ...

بلادنا غريبة , حتى تصبح وزيرا فيها يجب أن تكون مدانا ..وحتى تصبح كاتبا فيها ...يجب أن تشتم على الفيس بوك ..هل ظل من إنسانيتنا بقايا ؟ ...

كان الله في عونك يا وطني ...
الراي.