نظراً لارتفاع قيمتها المادية والتي تعادل ربع متوسط الراتب الشهري للموظف الأردني ، وفي ظل وجود تقنيات عالية الدقة "كاميرات رصد " ،فلم يعد مقبولاً أن يقوم رجل السير بتحرير مخالفة قطع الإشارة الحمراء يدوياً ،لما في ذلك من احتمالية وقوع خطأ في تقدير الشرطي للموقف .فأكثر من 90% من مخالفة قطع الاشارة الحمراء تحدث في زمن قصير جداً لا يتجاوز الثانيتين وهو الزمن الفاصل بين الضوء الأصفر والأحمر للإشارة الضوئية .

أكتب هذا الكلام في ظل الحملة المستعرة على تحرير مخالفات السير والتي يرى معظم المواطنين بأن الغرض منها هو الجباية فقط ،وبعد تكرار قيام رجال سير يرتدون لباس مدني بعمل كمين لإحدى الإشارت الضوئية التي غالباً ما تكون موجودة في شوارع غير رئيسية ،حيث يقف شرطي مدني قبل الاشارة الضوئية لرصد المخالفين والتبليغ عنهم بواسطة اللاسلكي للدورية التي تقف في مكان غير مرئي من قبل السائقين للمركبات التي تسير قبل الاشارة الضوئية ،حيث تقوم هذه الدورية بتحرير مخالفة بقيمة 100 دينار للمبلًغ عنهم كمخالفين وحجز رخصهم والطلب منهم بمراجعة احدى مديريات السير لدفع قيمة المخالفة واسترداد رخصهم .وغالباً ما يحدث هنا ،هو غضب واعتراض من قبل المخالفين تبعا لارتفاع قيمة المخالفة والتي يكون وقعها عليهم مثل وقع الصاعقة التي تضرب بلا رحمة وخاصة في هذه الأيام العجاف التي يعيشها المواطن الأردني .

نؤكد هنا بأن من يقطع الإشارة الحمراء يتوجب معاقبته نظراً لخطورة هذه المخالفة ،ولكننا نختلف بآلية رصد المخالفة ،فكاميرات الرصد لهذه المخالفة تكون بتصميمها محايدة ،فلا مشاعر وأحاسيس ومزاجية تحركها وهي مبرمجة لتعمل بدقة متناهية تصل لجزء من الثانية ،وبالتالي لا مجال للخطأ هنا ،ولا يتوجب أن يعطى للمخالف مجال أن يعترض على هذه المخالفة أمام محكمة الأمانة أو محاكم البلديات بغرض إلغاء المخالفة أو تخفيضها إلا في حالات خاصة جداً ومنها تجاوز الإشارة الحمراء لفتح المجال لمرور سيارة اسعاف أو مرور موكب رسمي .

أخيراً نقول ،أن يقوم رجل سير بتحرير مخالفة "الوقوف في مكان ممنوع" أو مخالفة "الاصطفاف بشكل مزدوج " يبقى أمراً مقبولاً حتى لو كان هناك خطأ أو تحامل في تقدير موقف رجل السير ،وذلك بالنظر لقيمة المخالفة المنخفضة نسبياً بالمقارنة مع قيمة مخالفة قطع الاشارة الحمراء ،فالخطأ والمزاجية في مخالفة قطع الاشارة الحمراء تمثل ضربة موجعة للذي يتم مخالفته ،بحيث تولد أحقاد في داخله ضد رجال السير والدولة معاً، وهنا نقول بأن لا أحد يتذاكى علينا ويقول بأن قانون السير أعطى الحق بالاعتراض على مخالفة السير أمام المحاكم ،فدفع قيمة المخالفة يبقى أرحم بكثير من السير بإجراءات الاعتراض .