facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رُوح عمّان الواحدة والأربعون بتوقيت عمري


لارا مصطفى صالح
07-08-2017 02:19 PM

هذا هو الصيف الثالث عشر بتوقيت غربتي. وهذه روح عمّان الواحدة والأربعون بتوقيت عمري. وذلك بيت جدي بتوقيت طفولتي! ذلك البيت العتيق، هناك في جبل الجوفة في منطقة عمان الشرقية. وجبل الجوفة لمن لا يعرفون مناطق عمان الشرقية، هو من جبال عمان السبعة المتعارف عليها التي تتكون منها مدينة عمان. وفي العام 1962 أطلق عليه اسم جبل الجزائر تمجيدا للثورة الجزائرية .

ربطتني صداقة حقيقية بحاكورة بيت جدي أو "دار سيدي"، فاعتدت الإختباء فيها للهروب من جلبة الضيوف. تلك الحاكورة؛ هي انثيال الذكريات ومرقد الأحلام. أشتم رائحة ترابها الندية الآن. رائحة تذكرني بشيء يترك الوعي خاليا. فيها كنت أحرر نفسي من اقتراف التفكير وأغزو الكسل. نادرا ما كنتُ في تلك الدار ولم أمر بالحاكورة لإلقاء التحية على الأقل. ما زلت أراها في أحلامي؛ كنجمة خضراء تعانق الجبل، أدنو منها فتبتعد وأراوغها فتستعصي.

في الحارة الضيقة، في جبل الجوفة؛ بوح يسيل مع دفء حديث الجارات، وعبق رسالة الحبيب الأولى، ورائحة خبزٍ، خميره البساطة وعجينته الألفة. في تلك الحارة بتوقيت طفولتي؛ كنت أظن أن الأشياء المهمة لا يمكن أن تقال، وهل هناك ما هو مهم ليقال؟ كانت النصائح لي بالنضوج تبدو فجة وغير مقنعة. كنت أرى المسوخ، أضغاث أحلام روايات الجدات فقط. في تلك الحارة؛ عندما كان يناديني من بعيد صوت أمي أو أبي أو جدي أو معلمتي فيحجب معه أي صوت آخر!! عندما؛ كنا نسير، صديقاتي وأنا إلى المدرسة ببهجة مبذولة بسخاء، نرقص ونقفز وكأننا نحطم السماء بأيد عارية. ونقرأ في القصص مقولة "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض" ولا ندري من أكل من! عندما؛ كنا نتناول حبة زيت سمكة ماكرة تهمس في عقولنا الصغيرة أنها ستقينا برد غرفة الصف، فنصدقها. آنذاك؛ كانت حدود الوطن -تلك الحارة- وأخطر أسلحتنا مسدس مائي!

في تلك الحارة لم أكن قد ذقت طعم الفقد بعد! كانت الهموم صغيرةً والحياةُ بريئةً من أي ريبة أو إثم. فيها من الصدق والمحبة والرحمة، ما يملأ العقل راحة والنفس رضا ويفرج عن القلب هما. وما أكثر همومنا وأقل راحتنا يوم كبرنا. وكيف ترتاح النفوس وتسري عنها الهموم، وقد أصبحت الحياة لوحة كالحة لهمجية استعراض العضلات، والنظام المجتمعي بات مختلا، غارقا في سيكولوجيا الشذوذ الفكري والأخلاقي والإنساني، والأمة في قاع مظلم ذي حمأ فيه غيلان شوهاء، هي شرور الإنسانية ، هي الفقر والجهل والفساد. والعقول المحتلة بالعيب والحرام -تحكمها العشيرة- وما زالت تنشد قصيدة الـ "بٓسْ" وال "ماهو"!

هناك في ذلك الجبل، في تلك الحارة وفِي ذلك البيت، سوف أرقد بسلام إلى جانب صديقي وجدي "أبو الأنيس". عندها سيناديني كما كان يفعل في السابق: "تعالي يا هندية، جيبي موضوع الإنشا الي كتبتي اقرئي لي ياه عبين ما ستك تحضر الغدا". وبكل ما تحمله تلك العبارة من فتنة، وبذات النبرة وبذات الرائحة القديمة، سوف أُبْعَث بسلامٍ أيضا!!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :