facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل خرجت حماس أقوى سياسياً أم أضعف؟


د. محمد أبو رمان
29-01-2009 12:43 PM

بعيداً عن الكلفة الإنسانية الباهظة التي دفعها الغزيّون للعدوان الإسرائيلي على القطاع، وبعيداً أيضاً عن سجالات النصر والهزيمة العسكرية التي تجتاح فضاء الإعلام العربي اليوم؛ فإنّ السؤال المطروح هو: في ما إذا كانت حماس خرجت أقوى سياسياً بعد العدوان أم أضعف؟

على صعيد إدارة قطاع غزة، فإنّ حجم الدمار الهائل والكبير إنسانياً واقتصادياً بمثابة عبء كبير على الحركة يزيد من فاتورتها السياسية، إذ تقف اليوم وجهاً لوجه مع المواطنين الذين فاقت خسارة كثير منهم ما يمكن احتماله أو تبريره من قبل الحركة ومسؤوليها، خاصة أنّ هنالك وجهة نظر ترى أنّ الحركة كان بإمكانها تجنب المعركة العسكرية المباشرة، لولا قرارها بالإعلان عن نهاية الهدنة.

المقارنة بتجربة حزب الله بعد حرب تموز (يوليو) 2006 تختلف بوضوح. فالحزب سعى للتخفيف من «حدة» صدمة مواطنيه بعد الحرب باختلاق أزمة سياسية وعسكرية مع القوى اللبنانية الأخرى، وتوجيه أنصاره إليها، واستثارة العواطف والهواجس المكبوتة ضد «الشقيق في الوطن»، وهو ما أسفر عن الاعتصام في شوارع بيروت ثم الأعمال المسلّحة لاحقاً.

حماس لا تقدر اليوم على تخفيف «صدمة ما بعد العدوان» بأيٍّ من تلك الوسائل السياسية والعسكرية. فهي محاصرة في رقعة جغرافية معينة لا تملك عمقاً استراتيجياً جغرافياً، كما هي حال حزب الله مع سورية وأنصاره والحدود البرية المفتوحة. حتى الأموال الموعودة يُشك في وقت وصولها ومدى وقوعها في يد الحركة، مع حاجتها الماسة إليها للتأكيد على دورها السلطوي ومسؤولياتها في هذا المجال. فضلاً أنّ هنالك أسئلة الإعمار، الذي يعيد توفير الشروط الأساسية للحياة، فهي لا تزال مطروحة وموضع خلاف كبير بين الحركة وبين سلطة رام الله.

على الجهة المقابلة، حققت حماس نقاطاً سياسية بثباتها في المعركة المسلحة، وبإفشال كافة السيناريوهات التي كانت تتوقع خروج الناس عليها من الداخل وإسقاطها سياسياً، على الأقل على المدى القريب. على النقيض من ذلك أثبت العدوان أنّ حماس هي رقم سياسي صعب لا ُيكسر في معادلة عسكرية، مهما كانت عنيفة وموغلة، كما حصل في العدوان الأخير.

الملحوظة الأخيرة تنعكس على صعيد موقع الحركة السياسي على الصعيد الخارجي، وهو المكسب الأكبر الذي حققته الحركة خلال العدوان الأخير.

فعلى الرغم من نجاح إسرائيل، في البداية، بتصوير العدوان في الإعلام الغربي باعتباره جزءاً من «الحرب على الإرهاب»، وعلى الرغم من تواطؤ حكومات غربية مع هذه الرواية. فإنّ المراحل التالية وموجات الغضب العارم في الرأي العام العالمي المحتجة على المجازر المروعة المرتكبة بالقطاع، أدت إلى إلحاق ضرر كبير في صورة إسرائيل وسمعتها في العالم، وقلبت عليها الرأي العام العالمي بوضوح.

ولم تقف الخسارة الإسرائيلية عند حدود ذلك، فقد انقلبت تركيا بقوة على العلاقة مع إسرائيل ووجهت نقداً قاسياً غير مسبوق، خلال العقود السابقة، ووقعت دول الاعتدال العربي، التي تؤمن بالتسوية السلمية، بحرج شديد أمام الرأي العام العربي والعالمي أيضاً، وحازت مصر على نصيب الأسد من حملة شعبية كبيرة.

الانتصار الأبرز الذي حققته حماس كان في مؤتمر الدوحة عندما حضر خالد مشعل وغاب الرئيس عباس، وهو حضور رمزي يشي بولادة اعتراف دولي وعربي بهذه الحركة الصاعدة وبإحلالها محل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، التي تراجعت شعبياً وسياسياً، وتعاني اليوم من أزمات تُفقدها احترام الاصدقاء قبل الخصوم.

اليوم، تبدو حماس في وضع أقوى سياسياً، حتى على صعيد العلاقة بالمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي. وبعيداً عن إعادة تأكيد الإدارة الأميركية الجديدة على عدم الحديث مع حماس إلاّ بعد الاعتراف بإسرائيل، فإنّ المؤشرات الواقعية تدفع إلى أنّ العديد من الدول الغربية والأوروبية ستتسابق للحوار مع الحركة واختبار مواقفها وسياساتها المقبلة.

في الراهن ثمة تقاسم سياسي بين فتح وحماس، لكن الاختبار القاسي الذي تعرضت له غزة وتمكّنت حماس من الاستمرار بعده لم تتعرض له الضفة بعد، ولا تزال قوة حماس هناك موضع تساؤل ونقاش، بخاصة مع الأزمات التي تعصف بحركة فتح وتماسكها ومشروعيتها السياسية.

هذه المعادلات السياسية تُرجّح كفة حماس في المعادلة الداخلية الفلسطينية وفي المعادلة الإقليمية، لكنّها تبقى رهناً بالأسئلة الملحة التي تلاحق الحركة منذ تحولها تجاه العمل السياسي، فإذا أرادت استثمار ذلك سياسياً فإنّها أمام استحقاق إعادة هيكلة طروحاتها السياسية والأيديولوجية وتهيئة الأعضاء والأنصار لهذا التحول. أمّا إذا بقيت على حالة التصلب الحالية فإنّ «الفيتو» الدولي سيبقى قائماً، مهما اكتسبت الحركة من اعتبارات سياسية بعد العدوان.

ثمة سؤال آخر اليوم مع بروز الدور التركي في المنطقة باعتباره رافعة للإسلام السني؛ في ما إذا كانت الحركة ستُبقي على الرافعة الإيرانية أم أنّها ستجد في الحاضنة التركية الجديدة فرصة للقفز إلى الضفة المحاذية من النهر، وهو ما يرتبط على المدى البعيد بتصور الأتراك أنفسهم لدورهم في منطقة الشرق الأوسط وأبعاده المختلفة من ناحية ومدى تفكير الحركة باستدارة استراتيجية في تصوراتها ومواقفها السياسية الكبرى.

* كاتب أردني.
عن الحياة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :