اخترم الموت? منذ ايام? زعيما وطنيا اردنيا وقائدا عسكريا فذا? غمر رحيله أحرار هذا البلد الاشم بموجة من الأسى وبأرسال متتابعة من عاطر الذكريات? وذلكم هو المجاهد الكبير المرحوم "بهجت المحيسن" قائد لواء حطين في معارك السموع عام 1966 حيث اصيب باوسمة ارجوانية في جسده الطاهر? وقائد لواء اربعين في معركة الكرامة? وأنموذج المقاتل العربي الذي لا يعرف النكوص والذي يطلب المجد والحرية تحت ظلال السيوف? ويأبى لأمته ان تضام..لقد حمل بهجت المحيسن رحمه الله هموم وطنه? منذ كان طفلا يافعا يجلس بين يدي والده الكبير: "مصطفى باشا المحيسن" ويستمع اليه وهو يتحدث عن "المؤتمر الوطني الاول" الذي كان نائبا لرئيسه وعن هاجس الاستقلال الوطني? وهاجس الوحدة العربية? وعن دور الاردنيين في الوقوف الى جانب بني أبيهم في فلسطين? وعن كثير غير ذلك من هموم الامة والتحديات التي تواجهها.
ولما تخرج بهجت المحيسن في العلوم العسكرية من بريطانيا? كان اول ما وضعه نصب عينيه ان ينجح (مع عشرات من ضباط قواتنا المسلحة الباسلة) في تحقيق ارادة الحسين الباني رحمه الله في بناء جيش حديث قوي يسيج الوطن بالقلوب الشجاعة والسواعد المقاتلة والارادات التي لا تلين..
والذين زاملوه رحمه الله او عرفوه عن كثب او اتيح لهم معاينة جوهره الفريد او بنيته الاخلاقية الصلبة? يعلمون أي ركن فقدت بلادنا? وأي رزء اصابها. ويعلمون في الوقت نفسه انه كان مدرسة في الوطنية ومثلا في الرجولة منقطع النظير.
وان من كان على هذا النحو من محمود البناية وميمون النقيبة لا يغيبه التراب? عن المريدين الاحباب ? او تحجبه الجنادل عن الاماثل? فهو قائم بينهم حي في قلوبهم? تماما على أبرّ وأوفى ما تحسنه القلوب من محبة وتقدير ووفاء..
من اجل هذا كله.. ومن اجل ان يتواصل حبل المروءات بين اجيال الاردنيين? وان يرث الابناء مكارم الاباء? فانني ادعوا مؤسساتنا الثقافية والاعلامية والتربوية ومراكز الابحاث المهتمة بالروح الوطنية الاردنية? الى تخصيص "يوم للبطولة" نستذكر فيه بهجت المحيسن واضرابه من رجالات الاردن? ونقدم فيه لابنائنا واحفادنا صورة من تضحيات الرعيل الاول الذي تمثل مبادىء نهضة العرب? وبذل حرائر الانفس في ترجمتها واقعا معيشا ملموسا? وكان في ذلك كله هو الاصدق انتماء والاعمق ايمانا? والاقوم في محبة الاردن سبيلا..
رحم الله بطلنا الراحل بهجت المحيسن? وجزاه عما قدم لوطنه وأمته الجزاء الاوفى.. وانا لله وانا اليه راجعون.