إقالة أو استقالة مستشار الديوان، يكشف العقلية التي يتعامل بها البعض من رجالات الدولة مع المواطنين البسطاء، وكيفية استغلالهم لقوة المناصب التي أوكلوا بها، وكلنا يعلم أن جزءا كبيرا منهم لا يستحق هذا المنصب أو ذاك، بعد أن ولج إليه بقوة النفوذ.

مدير الأمن العام هو شخص أولاه جلالة الملك مهمة حماية وصون حقوق ومكتسبات المواطنين والدفاع عن حريتهم وصون كرامتهم ومكافحة الجريمة بكافة أشكالها، فكيف يقبل أن يكون هو أداة للجريمة؟ وكيف يقبل على نفسه أن يكون أداة بيد شخص لا محل له من الإعراب سوى أن حظنا العاثر جعل منه مستشارا لا يستشار؟

الأسوأ من ذلك كله، هو بيان الأمن العام الذي صدر بعد أن تم كشف الحقيقة من خلال السوشيال ميديا، فقد أعطوا مديرهم صك براءة شبيه بذلك الذي سلبوه إخوة يوسف، وهذا يؤكد على أن بعضا من رجالات الجهاز ينفذون الأوامر والتعليمات من مديرهم حتى وان كانت خاطئة مثلما نفذها ذلك الشرطي، فقد القوا باللائمة على ذلك الشرطي الفذ الذي اتهموه بعدم فهمه للتعليمات، فهل تصدقون ذلك؟ وهل يجرؤ شرطي على تحرير مخالفة لم يشاهدها؟ وكيف له أن يكتب عليها "بأمر من عطوفة مدير الأمن العام" لو لم يتلق التعليمات بذلك؟ هي رواية ممجوجة ومكذوبة، فقد قالت العرب: حدث العاقل بما لا يعقل، فان صدق فلا عقل له. فهل تعتقدون أننا بدون عقول؟؟؟

إن صدقتم ذلك فتلك مصيبة دالة على استهتار واستخفاف بعقول الأردنيين الذين تجاوزوا في فهمهم ومعرفتهم حدود المستحيل ليرسموه حلما جميلا على ارض الواقع يسعون لتحقيقه متسلحين بإيمانهم بالله قبل إيمانهم بالبشر.

بالأمس القريب وفي لقاء مع طلاب الجامعة الأردنية، قال جلالة الملك مخاطبا الطلاب"انتوا اضغطوا من تحت وأنا بضغط من فوق".

نعم يا سيدي لقد ضغطنا من تحت، وضغط معنا كل الشرفاء في هذا البلد الطيب، وأولهم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين ينكل بهم قانون الجرائم الالكترونية طالعة كل شمس، وقد ثبت بالدليل القاطع تورط مدير الأمن العام بتلك الحادثة والتي تحمل في طياتها تعديا سافرا على حقوق وحرية المواطنين المؤتمن عليها، فماذا كانت النتيجة؟

ما زال في موقعه، يمارس صلاحياته التعسفية والذي اعتقد جازما انه ليس أهلا لهذا المنصب بعد أن انكشفت سوءته وبانت عورته، فها نحن سيدي قد ضغطنا من تحت، ونطالب بإلحاق مدير الأمن العام بالمستشار وإقالته فورا من منصبه، "طالما ما حدا أحسن من حدا".

لقد خطر في ذهني سؤالا لا يمكن إلا أن صفه بالخبث، هب أن ذلك السائق لم يتمكن من إثبات براءته، وهب أن لا عشيرة قوية خلفه؟ وهب أن تلك الشركة المحترمة غير متابعة ومراقبة لحافلاتها من خلال الـ GPS، وهب أن الركاب الشهود تملكهم الخوف ولم يشهدوا بالحقيقة، وهب أن صاحبها لم يكن ذلك الرجل المعروف لدى الدولة وله كلمة مسموعة في كافة دوائرها، ماذا سيكون حال ذلك السائق؟

بالتأكيد سيكون –السائق- ما زال قابعا خلف الزنازين، ويبحث له عن واسطة هنا وهناك تخرجه من جور العباد إلى عدل رب العباد.

وبما أن السيئ بالسوء يذكر، فمن تداعيات تلك القضية الساخرة، ما قام بنشره احد أقرباء ذلك المستشار على صفحته في الفيسبوك، حملت الكثير من الإساءات لكل من تصدى للدفاع عن السائق، وإنني إذ أترفع عن ذكر تلك العبارات المشينة بحق الأردنيين الشرفاء، وبعد أن شعر بخطورة وضعه القانوني فقد سارع لاحقا للادعاء بان حسابه قد تم تهكيره وتقدم بدعوى لدى المحاكم المختصة بهذا الشأن، فإلى ذلك الدعي نقول" خيط بغير هالمسلة".

kalilabosaleem@yahoo.com