facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاستقلال زعامة وطن وملك


د.حسام العتوم
28-05-2018 02:50 PM

حظي الأردن وسط العرب بتحرك الثورة العربية الكبرى المجيدة صوبُه لبنائه وللتأسيس لإشادة دولة العرب وتوحيد بلاد الشام، انطلاقاً من الحجاز ومكة عام 1916 بعد تخليص المنطقة من بقايا الدولة العثمانية استناداً لميثاق دمشق ومراسلات الحسين مكماهون، فكانت الرصاصة الأولى لشريف العرب وملكهم، وكان النجاح التالي لفيصل بن الحسين في المدينة المنورة ودمشق.

وأريد للثورة أولاً أن تقيم دولاً عربية متحالفة يرأسها هاشميون، فيبقى الحسين ملكاً لنجد والحجاز، وفيصل ملكاً لسوريا، وعبدالله ملكاً للعراق، لكن اصطدام الثورة بالاستعمارين الإنجليزي والفرنسي ومن خلفهما الصهيونية حال دون اكتمال المشهد العروبي الوحدوي آنذاك.

وشكلت معاهدة سايكس – بيكو 1916، ووعد بلفور 1917 تحولاً وسط العرب بالاتجاه المعاكس، وأصرت ثورتنا العربية المجيدة في المقابل وبالتعاون مع العشائر الأردنية ومنهم الفريحات والفايز والحويطات وغيرهم على بناء الأردن، وسجل النجاح لشيفرة (الفرس الشقراء) و(علب السجائر الدعائية) لصالح الثورة ولتجاوز مخططات الاستعمار ما أمكن.

وفي عمق التاريخ كان هنا عام 1878 الشراكسة ولا زالوا يرفعون معنا البناء ثم تبعهم الشيشان عام 1902 والقوميات الأخرى.

كتب المؤرخ الأردني الكبير المرحوم سليمان الموسى، في مؤلفه (الحركة العربية: ص694–695) بأن الملك حسين قام بالثورة وهو يعتقد اعتقاداً جازماً أن الوحدة العربية ستكون من جملة نتائجها في العلم الواحد، والنقد الواحد، وجوازات السفر الواحدة، والمصالح الاقتصادية الواحدة، والجيش الواحد.

وحظي الأردن مرة أخرى لحمل الأمير الملك لاحقاً عبدالله الأول لراية الثورة العربية الكبرى بهدف بناء مداميك الأردن الأولى ونواة الصحافة فيه، ومنها الاستقصائية بتوقيع (ع)، وجلب المطبعة إليه من فلسطين عام 1923، وتثبيت قوانين ناظمة لها، واغتيل جلالته بعدها في ظروف غامضة مسلماً الراية ومبقياً عليها خفّاقة لملك الدستور طلال، وفتحت طريق البناء أمام الملك الراحل الحسين عظيم الأردن بجدارة، فكان لها عبر حقبة من الزمن (46 عاماً) وازنت عمر استقلال الأردن الرسمي بعد مراحل من الاستقلال من العثمانيين والإنجليز. وكاد أن يلامس عهده الباني ذهبية الخمسون عاماً والإمبراطورية الأردنية، لكن هيهات.

وفتحت أبواب تعزيز البناء من جديد أمام الملك الشاب عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، المستمر في البناء والشعب الأردني العظيم الصابر، و(الشيب) يؤشر على الإبداع، وعمق البناء تجاه المستقبل الواعد للأجيال المتتابعة والقادمة تباعاً من السماء. وبقي الحسين الراحل راسخاً في ذاكرة الأردنيين والعرب في المقابل وفي التاريخ المعاصر حتى بعد مرور (19 عاماً) على رحيله المدوي آنذاك وسط العرب والشرق الأوسط وخارطة العالم.

في كتاب عبدالله الثاني ابن الحسين (فرصتنا الأخيرة – السعي نحو السلام في زمن الخطر وفي صفحة (177) منه كتب جلالته يقول: "... وإذا شئت أن أذكر درساً بعينه تلقنته من والدي ومعلّمي فهو أن على الملك أن يكون راعياً لشعبه اكثر منه حاكماً لهم". انتهى الاقتباس، وأنا أقول هنا بدوري نِعم الملك ونِعم الملوك الغر الميامين بناة الأردن، وأسجل باعتزاز كبير الربيع الأخضر لأردننا الوطن الشامخ منذ تأسيسه عام 1920 وحتى الساعة. ويكفينا أن أردنياً سياسياً واحداً لم يعدم عبر كامل تاريخه المعاصر، والسجون خالية منهم، بل وأكثر من ذلك تحولها لغيرهم إلى مراكز للإصلاح، وحِكمةٌ فريدة من نوعها لقيادتنا الهاشمية المظفرة أنقذت الأردن من تموجات الربيع العربي المجاور الذي سرعان ما تحول إلى أسود وإرهاب، وتحدت المغريات الأجنبية على شكل مساعدات مالية كبيرة، وواجهتها بصلابة المواقف السياسية الوطنية والقومية تباعاً كان آخرها محطة (القدس الشريف)، والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، والتطاول الإسرائيلي بالرصاص غير المبرر على أهلنا في غزة. وخطاب جلالة الملك عبدالله الثاني الرئيسي في القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول بتاريخ 19 أيار 2018 شاهد عيا، حيث قال جلالته في صدر أعمالها (القدس قبلتنا الأولى وهي توأم عمان ومفتاح السلام، وبأن العنف والانتهاكات التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، يجب أن يتوقف، وضرورة قيام الدول العربية والإسلامية بدعم صمود الفلسطينيين ولقد عمل الأردن من أجل الحد من تداعيات القرار الأمريكي الخطير بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل على مدى خمسة شهور والتي من نتائجها إضعاف ركائز السلام والاستقرار، وتكريس الأحادية، وتعميق اليأس الذي يؤدي إلى العنف، وبأن الوصاية الهاشمية واجب ومسؤولية تاريخية نتشرف بحملها، ونحن دعاة سلام حقيقيون".

وكما هو الهم الأردني كبير فإن الفلسطيني حاضر أيضاً، ففي صفحة (408) من كتاب جلالة الملك عبدالله الثاني (فرصتنا الأخيرة) نقرأ أيضاً: "إن حل الدولتين مع الفلسطينيين يعني في جوهره حلاً مع سبع وخمسين دولة يضمن لإسرائيل علاقات طبيعية مع كل الدول العربية والإسلامية التي تدعم جميعها المبادرة العربية للسلام".

انتهى الاقتباس، وتعليقي هنا هو بأن الأردن يرى أمنه من خلال الداخل ومن العمق في دول الجوار وأبعد، ويرى في القضية الفلسطينية ضوءاً قوياً في نفق أزمات العرب والشرق الأوسط برمته.

وقصيدة شعر حديثة لحيدر محمود تلخص لنا معنى الاستقلال في سطور منها قوله: "يا بيرق القدس، يا رمحاً يعانقه رمح... ويا سيداً، من سادة نجب. جيشان حولك، جيش في خنادقه يفدي... وآخر يعلي شامخ القبب... وهل يساوم من كانت رسالته رسالة الثورة المشبوبة اللهب". انتهى الاقتباس. وما بإمكاني قوله هنا بأن قصيدة حيدر جاءت منسجمة مع ما بدأت كتابته قبل ظهور كلماتها الأمر الذي يعني الاتفاق من غير موعد على الهدف الواحد والذي هو نعم للوطن، ونعم للملك، ونعم للقدس، ولا للمساومة.

وفي الوقت الذي كتب فيه جلالة الملك عبدالله الثاني في مؤلفه (فرصتنا الأخيرة: ص177) أيضاً: "نمت وأنا رب عائلة من أربعة أفراد لأستفيق صباح اليوم التالي وقد أصبحت عائلتي خمسة ملايين نسمة".

انتهى الاقتباس. أقول هنا يا مولاي بأن عدد الأردنيين الآن زاد إلى الضعف، وزادوا من حبهم لجلالتكم ولعائلتكم الكريمة بكل تأكيد. ومن الممكن هنا في المقابل تلخيص مسيرة وطننا الأردن الغالي عبر مراحل عطرة من الاستقلال والكفاح والنضال والإبداع والطموح المستمر في المحاور التالية:

أولها: التأسيس الصعب لبناء دولة الإمارة بعد ظروف نهاية الحرب العالمية الأولى 1918، والشروع في بناء بدايات المملكة الأردنية الهاشمية التي تقدمها الملك عبدالله الأول وانتهى عهده التأسيسي باستشهاده على مدخل القدس الشريف، ثم قدوم عهد الملك طلال الذي رسّخ المدماك الأول والأهم لقانون الدولة "الدستور"، وقدوم عهد البناء الكبير في زمن الحسين الملك الذي أحبه شعبه كما الأردن، ودوى اسمه ومخَر العالم متجاوزاً الجغرافيا والديموغرافيا، وواصل بناء الجيش العربي وطرد الإنجليز عن قيادته عام 1965، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وضفته الغربية عام 1967، وهي التي تلت معركة النكبة عام 1948 وبدايات المد الصهيوني صوب الأردن وفلسطين معاً قبل ذلك، والإصرار على تحقيق نصر فريد على إسرائيل وباسم كل العرب، وبمشاركة أهل فلسطين أنفسهم في معركة الكرامة (البطلة) عام 1968، والتصدي لمؤامرة أيلول التي انتهت باغتيال وصفي التل عام 1970، والذهاب بعدها من جديد لبناء الوحدة الوطنية المقدسة، والمشاركة في حرب تشرين عام 1973 دفاعاً عن الجولان، واقتناص فرصة قبول إسرائيل بسلام مع الأردن عام 1994 بعد كامب ديفيد 1979 واوسلو 1993، وهو الذي لم يكن منفرداً بل عقد تحت مظلة دولية.

وجاء انتقال العرش من الأب الحسين إلى الابن عبدالله سلساً غير معقد، وانطلقت عربة مسيرة الاستقلال من جديد لتضمن للأردن مرفأ آمناً وتعزز البناء وسط ظروف واهتزازات سياسية صعبة سميت ربيعاً، وسرعان ما تحولت إلى إرهاب، وقدم الأردن الشهيد تلو الآخر، وسجل التاريخ اسم معاذ الكساسبة وراشد الزيود، وفي العمق وصفي التل وهزاع المجالي وفراس العجلوني، وكايد عبيدات وغيرهم، وتواصل البناء التربوي والتعليمي على مستوى المدارس والمعاهد والجامعات، وتحولت إلى مركز حجيج لطلبة العلم من الوطن العربي، وتطورت المستشفيات، وازدادت رقعة الشوارع المعبدة، وبلغ معدل النمو الاقتصادي (3.4%) عام 1999 إلى (7,2%) عام 2005، وارتفعت عدد المستشفيات من (84) إلى (98) مستشفى حكومياً، و(56) خاصاً وزيادة في عدد الأطباء إلى (4004) طبيباً، ووصول عدد المدراس إلى (5497) مدرسة وارتفاع عدد الطلبة إلى (1547689) وازداد عدد المعلمين إلى (83453) معلماً، وانخفضت نسبة الأمية في المملكة إلى (8,9%)، وارتفع عدد الجامعات إلى (28) جامعة، و(12) كلية. وما أورده هنا هو مجرد مثل على الإنجاز الكبير في بلدي الأردن الذي يعاني من شح الموارد الطبيعية المفترض أن تكون مكنوزة تحت الأرض.

ويقابل هذه المعادلة توفر الفوسفات بنسبة (60%) من مساحة الأردن، ومخزون محدود من الغاز الطبيعي ويورانيوم بكميات كبيرة تصل لـ(40 ألف طن) حسب رئيس هيئة الطاقة خالد طوقان ومشاريع كبيرة مثل الديسي، والنووي السلمي لغايات الطاقة، واستثمارات أجنبية حجمها (1,274,8) مليون دولار، واستثمارات عربية بنسبة (35%) في رؤوس أموال المشاريع الأردنية، و(40) مليار طن حجم الاحتياطي من الصخر الزيتي، واحتياطي بترولي محدود جداً، وتوفر كبير لمادة السيلكا وبحجم (13) مليار طن توظف في صناعة الزجاج، ومنه الكريستال، وطاقة حرارية جوفية كافية رغم سعة مساحة الصحراء التي تزيد عن (90%) من مساحة المملكة مقابل (10%) صالحة للزراعة.

ويمتلك الأردن مكاناً هاماً للحج المسيحي ممثلاً بالمغطس، وشاطئاً هاماً من البحر الميت العلاجي والسياحي، ومرفأ حيوياً استثمارياً في العقبة، ومناطق أثرية وسياحية حولت الأردن إلى متحف حضاري مفتوح يحكي قصة حراك التاريخ منذ العصر الحجري القديم قبل الميلاد، ومرور الأردن بحضارات العموريين والكنعانيين والأنباط وملوكهم، والرومان ومدن الديكابوليس والغساسنة وغيرهم، وقدم نهر الأردن إلينا من بلاد الشام ليبقى خالداً إلى يومنا هذا وليوحدنا. ويعتز الأردن باستقراره عبر نظامه السياسي العادل، وجيشه العربي الأردني الباسل، وجهاز أمنه الوطني الجبار الذي لا ينام، وبمنظومته الوطنية القبلية والعشائرية والقومية والحزبية، والتيارية، وعلى شكل جمعيات وأندية، ومن خلال علاقاته العربية والإقليمية والدولية المتوازنة التي قل نظيرها.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :