facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عن الأزمة وبوابات الخروج منها


رومان حداد
07-06-2018 01:20 AM

اللحظة الأردنية ليست حادة كما يبدو للوهلة الأولى ولكنها لحظة مهمة وتشكل منعطفاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وإدارتها بهدوء ستفتح بوابة جديدة في تاريخ الأردن السياسي، ليصبح مدرسة في كيفية إجراء التحولات الكبرى دون انعطافات حادة.

لا يمكن قراءة المرحلة الماضية دون ملاحظة وجود أطراف عدة تتحمل المسؤولية فيما وصلنا إليه، منها الإعلام الذي كان من المفترض أن يقوم بدوره كسلطة رابعة وعين الناس على الشؤون العامة، إلا أنه بمجمله لم يقم بدوره، فكان إما إعلاماً أخرس، أعمى، وأطرش، أو سقط في خانة الإعلام الرافض لكل ما حوله وصار عنصراً أساسياً في بث خطاب اليأس لدى العامة، وركب موجة الشعبوية، دون أن يتحصن بمهنية كافية، إلا قلة منه، وغالباً ما كانت تجري تحالفات غير مهنية بين هذا الإعلام وأحد النافذين أو أصحاب القرار أو الصالونات السياسية.

وحين نسأل مثلاً من يتحمل ما وصلنا إليه اليوم من تردي الوضع الاقتصادي، يكون من السهل جداً القول أن من يتحمل ذلك هو الحكومات المتعاقبة، ولا علاقة لنا نحن الشعب بما حصل، ومن السهل الذهاب إلى أن النهج (النيولبرالي) الذي انتهجه الاقتصاد الأردني هو المسؤول عما لحق بالاقتصاد من أضرار، وكعادتنا فالشماعات التي نعلق عليها المشاكل والعيوب باتت جاهزة ومريحة، ونحن بصورة طبيعية مجرد ضحايا نحتاج لمن يتعاطف معنا.

بالتأكيد أن الحكومات المتعاقبة تتحمل المسؤولية وذلك بصفتها صاحبة الولاية العامة، وصحيح أيضاً أن التشوه في البنية الاقتصادية الأردنية مسؤول عن الحالة المأزومة التي وصلنا لها اقتصادياً، ولكن ليس بسبب تبني المنهج النيولبرالي كما يرى البعض بل بسبب أن الاقتصاد الأردني بلا منهج واضح، فهو كشكول من المدارس والمناهج الاقتصادية.

ولم تقم الحكومات المتعاقبة باتخاذ خطوات علاجية للاقتصاد من خلال التفكير خارج الصندوق وبطرق غير تقليدية، فالتفكير بآليات الحل عبر طرق تقليدية من قبل الحكومة ساعد في تأزيم الوضع دون تقديم حلول اقتصادية.

فالاقتصاد الأردني بما يعانيه من إشكاليات يحتاج إلى إجراءات علاجية سريعة وقرارات قد لا تتمتع بالشعبية ولكنها ضرورية كي لا تصطدم عربة الاقتصاد الأردني بالحائط، والتأخر باتخاذ الإجراءات الضرورية ليس سوى خيار سيؤدي إلى تفاقم الأزمة إلى حد قد تنفجر في وجه أي رئيس لاحق، وحينها لن يكون هناك مفر من اتخاذ إجراءات علاجية مؤلمة للخروج من عنق الزجاجة، هذه مقولة لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي قبل ما يقارب التسعة أعوام، فأين نحن الآن، لقد انفجرت الأزمة في وجه رئيس الوزراء السابق هاني الملقي اليوم لا بد من أن تكون الجهات صاحبة القرار قادرة على التفكير بصورة خلاقة للخروج من الأزمة من دون خسائر كبيرة تلحق بالطبقة الوسطى، وذلك لأن الإضرار البالغ بهذه الطبقة سيؤدي إلى عطبها بصورة تحرم الدولة مستقبلاً من إمكانية الاستناد على هذه الطبقة في التغييرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية اللازمة عند مفترقات الطرق أو الزوايا الحادة.

وقبل إسدال الستارة على الأزمة علينا الاعتراف أننا كلنا نتحمل ما وصلنا إليه، وأن ندرك أن القضية لا أطراف متناقضة أو متضادة فيها بل كلنا نتحلق حول طاولة مستديرة بحثاً عن حلول ممكنة التطبيق وليست مجرد أحلام قابلة للتسويق شعبياً ولكنها تُحمّل الدولة أعباء إضافية تزيد من صعوبة المرحلة.

وحتى لا تضيع الفرصة، يجب أن تقوم الدولة بإجراء مراجعات شاملة لمعرفة الأسباب التي قادتنا إلى هذه المرحلة، من دون خداع للنفس، وأهمية إجراء مثل هذه المراجعة خلف أبواب مغلقة في إدراك من يقومون بالمراجعة لأهمية عملهم وتأثيره على الواقع، ولا يجوز التلكؤ بإجراء المراجعات الضرورية بحجة الظرف الراهن وما يتطلبه من فعل آني لا استراتيجي مستقبلي، فالمراجعات التي ستقوم بها الدولة هي التي ستقدم الطريق الحقيقي للخروج من الحالة الراهنة، فالحلول الآنية تقوم بعمل المسكنات الضرورية لإخفاء الألم إلا أنها لا تزيل أسبابه، فيما ما تقدمه المراجعات من حلول استراتيجية يقدم (الدواء) الذي يزيل سبب الألم والمرض مستغلاً مرحلة الهدوء بفعل (المسكنات).

إذا ما تمت المراجعات بصورة صحيحة يجب أن تضع الدولة حلولاً لخمسة عناوين عريضة كانت هي المداخل الحقيقية لحالة التأزيم والاستنزاف، وهي البحث عن نهج اقتصادي يتوافق مع الحالة الأردنية دون استعارة نهج من الخارج أو آخر معد مسبقاً، كما يجب إيجاد آلية لإحلال مفهومي العدالة والمساواة بدل مفهوم الأقل حظاً، وإيجاد آليات حقيقية لإنتاج السياسيين الحقيقيين بعد أن تراجع السياسيون ودورهم في المرحلة الماضية لمصلحة رأس المال ورجال الأعمال، كما يجب على هذه المراجعات الانتصار لمفهوم (الرجل الثاني) ودوره الحقيقي، فبمقدار ما نستعيد هذا الدور في مؤسساتنا الوطنية بمقدار ما نضمن أننا نؤسس لحالة منهجية وليس مجرد حالة فزعة، وأخيراً وضع أسس صحيحة للقيام بإصلاح اجتماعي يشكل الأرضية الحقيقية لأية عملية إصلاح مستدامة، وحتى يتحقق ذلك لا بد من إعادة إحياء الطبقة الوسطى، والمقصود هنا إحياء قيمها وثقافتها وليس مجرد حضورها المالي والاقتصادي.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :