facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أبعد من سؤال العنف الجامعي!


د. محمد أبو رمان
30-04-2007 03:00 AM

ثمة ظاهرة مقلقة بالفعل في السنوات الأخيرة تتمثل بغياب المبادرات الذاتية وانتظار الإشارة الملكية في كل المجالات، وكأن الدولة تتحرك في فراغ مؤسساتي كامل! الأمثلة على ذلك متعددة وكثيرة آخرها زيارة جلالة الملك إلى الجامعة الأردنية ومطالبته بإعداد استراتيجية للتعليم العالي، تضع حدّاً للعديد من الظواهر السلبية والقاتلة، في مقدمتها استشراء العنف الجامعي. لتنطلق بعد ذلك صفارات الإنذار من كل حدب وصوب للتحذير من خطورة ما آل إليه التعليم العالي، ولتتداعى الأركان المسؤولة عن إدارته لتبحث المشكلة، وكأنها لم تكن على دراية بها قبل ذلك!هل كانت مؤسسات التعليم العالي عاجزة عن رؤية الأزمة قبل زيارة حلالة الملك أم أنّ هنالك حالة من اللامبالاة من ناحية، وعدم كفاءة وأهلية كثيرين ممن يقودون مسيرة التعليم العالي من ناحية أخرى! وهل الأزمة تقف عند حدود "العنف" أم تمتد إلى ملفات أخطر وأكبر، أهمها تدني مستوى التعليم العالي وتراجعه إلى مراحل متردية مقارنة ليس بالدول المتقدمة بل بحالة التعليم هنا في الأردن في العقود السابقة.

ما يهرب منه المسؤولون عن ملف التعليم العالي هو الإقرار أن العنف الجامعي نتيجة ومحصلة طبيعية لسنين عجاف تم فيها تدمير ما وصلت إليه الجامعات الأردنية من حراك ثقافي وتطور علمي، وبعد أن كانت جامعاتنا معلماً من معالم التعليم العالي في العالم العربي لكفاءة المدرسين وزخم الحياة الجامعية.

فمن يصدق أن الجامعات- التي كانت تمثل بؤرة نشاط ثقافي وعلمي وسياسي في الثمانينيات والسبعينيات- باتت اليوم مرتعاً للعصبيات الإقليمية والعشائرية ومختبراً للأزمة الاجتماعية التي تطل برأسها على المجتمع، بدلاً أن تكون الجامعات هي المصنع الذي يقضي على الآفات الاجتماعية والثقافية والسياسية، وتخرّج أجيالاًَ متعلمة مستنيرة تؤمن بالحداثة والعلم والبحث العلمي، وإذا بها تصقل وتصنع العصبية القبلية وتكرس الجهل والتخلف والنكوص الثقافي والنزعة الاستهلاكية والسلبية!

هل ما وصلت إليه الجامعات من حال بائسة مترهلة في المجالات كافة هو محض صدفة ام من خلال عملية متراكمة من التخريب والإدارة الخاطئة للصراع السياسي وفق منظور أمني يعجز عن رؤية أبعاد ما أدت إليه السنوات الأخيرة من تدمير للتعليم العالي وتخريب له!

لست هنا في صدد تحميل المسؤولية لأحد، لكن المسألة أكبر من ظواهر معينة تمثل تجليات للظاهرة لا اسباباً لها. فمحصول الجامعات الأردنية من البحث العلمي، بخاصة في العلوم الاجتماعية والإنسانية، ضعيف للغاية – كما يلحظ الدكتور علي محافظة-، ومستوى خريجي الجامعات الأردنية في العديد من الكليات لا يقارن بالمستوى العالي الذي كان قبل سنوات، بل نوعية الطلاب تختلف كثيراً مع غلبة منطق "الكوتات"، التي تمثل بحد ذاتها هروباً من مشكلة وأزمة في التعليم الأساسي والثانوي وترحيلها إلى الجامعات، ما أدى إلى تراجع الجامعات نفسها.

يتحدث المسؤولون والمعنيون عن نسبة كبيرة في أعداد الدارسين للدكتوراة اليوم تفوق نسبتهم في عقود، هذا دون عدّ من يدرسون الدكتوراة خارج البلاد. لكن هل الحل في إغلاق البرامج ومنع الطلاب من حق دستوري وشرعي لهم بإكمال دراساتهم أم الحل في تهجيرهم إلى الخارج إلى جامعات متواضعة يعودون بعدها للتدريس في الجامعات الأردنية؟!

الكارثة، أيها السادة، وقعت فعلاً، ولن تجدي الحلول الترقيعية هذه، فهنالك ضخ جائر لمدرسين في الجامعات الحكومية والخاصة يعانون من أمية حقيقية ثقافية ومعرفية، جاءوا للجامعات أيضاً وفقاً لآليات استثنائية ولاعتبارات لا علاقة لها بالأهلية التعليمية. فمن لا يتقن أبحديات البحث العلمي؛ هل هو قادر على تعليم أبنائنا في الجامعات مناهج البحث؟! من يعتمد في بحوث الترقية على السرقة العلمية؛ هل هو قادر على تعليم ابنائنا الأمانة العلمية والاستقامة المنهاجية؟! ومن يوظف طلابه – مجاناً- من خلال العلامات والأبحاث الجامعية دون أن يشير إلى مجهودهم ودورهم؛ هل يستحق أن يكون معلم صفوف ابتدائية فضلاً عن تدريس طلاب الجامعة؟! هل يملك المدرس الذي يفكر بمنطق عشائري وإقليمي وجهوي أن يرسخ المفاهيم المدنية والأخلاقية لدى الطلاب؟!

حركة "ذبحتونا" الطلابية هي بمثابة تعبير جلي وصريح عما وصلت إليه معاناة طلابنا في الجامعات، من ارتفاع جنوني في تكلفة التعليم ومتطلباته ما يرهق الآباء ويقلق الطلاب، ومن تغييب للتعددية الفكرية والسياسية وذبول دور الأندية الطلابية في الجامعات. لكن ماذا كان جواب الجهات المسؤولة في التعليم والدولة على هذه الحركة الملفتة (ذبحتونا)؟ التعامل معها إما بمنظور أمني أو لا مبالاة وتجاهل!

دون الولوج إلى مفردات الحل المطلوب لأزمة التعليم الحالي هنالك مفتاحان لعلاج الأزمة جذرياً: المفتاح الأول تشكيل مجلس جديد لإدارة التعليم العالي والتخطيط له، وقد يكون ذلك من خلال الفصل بين منصب وزير التعليم والتعليم العالي، وتوكيل حقيبة وزارة التعليم العالي لرئيس اللجنة المكلفة بإنقاذ التعليم العالي في البلاد ووضع خطة مستقبلية له.

وأحسب أنّ الشخص الأنسب والمرشح الأول لرئاسة اللجنة - الذي أثبت كفاءة وجدارة إدارية، فضلاً عن نبوغه المعرفي المشهود له عالمياً- هو د. عدنان البخيت، رئيس جامعة آل اليبت سابقاً، وأن تضم اللجنة خيرة الأساتذة والخبراء في هذا الحقل، ويتم منحها صلاحية واسعة لا محدودة في إعادة تأهيل الجامعات ورسم مستقبل التعليم العالي، ليكون بحق بوتقة لتنمية ورقي الإنسان الذي يمثل رأس المال الوحيد لدولتنا الفقيرة بالموارد الطبيعية.

أمّا المفتاح الثاني للأزمة فهو إعادة النظر في حصة الجامعات من الموازنة العامة، والابقاء على دعم الجامعات والتعليم العالي، بل وزيادة النسبة المحصصة للتعليم، الذي يستحق أن يكون مجال الاستثمار الرئيس للدولة، بدلاً مما نراه من انفاق خرافي على مشاريع أخرى تقل أهمية بكثير عن حقل التعليم. فالاحصائيات تؤكد أنّ حصة الانفاق الحكومي من الناتج المحلي وصلت إلى 60%، على الرغم من التخاصية وبرامج الإصلاح، والتعليم هو الأولى في حصة الانفاق الحكومي في ضوء تخلي الدولة عن دورها الرعائي في كثير من المجالات.

m.aburumman@alghad.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :