عمون - منذ ازيد من ستة عقود يتشبث مستشفى البشير بسفح جبل الاشرفية، متنقلا بين تسميات "المستشفى الكبير" و "الاشرفية" على انه في مطلق الاحوال، يعتلي الهرم الصحي بصفته بيت خبرة يحسن وفادة نحو 7 الاف مريض يوميا، على ان هذا المجمع يعد الاعلى عالميا في نسبة الاشغال التي تصل81 في المائة من سعته الكلية.

و "البشير" مدينة طبية يتكئ عليها مرضى العاصمة وعموم المناطق الاردنية: "ومن لا يعرف البشير ابو ندهتين؟!" على ما ييتساءل مراجع قدم من جنوب المملكة.

واذ يتزاحم الاف المرضى والمراجعين سحابة النهار، في ردهات العيادات الخارجية والاقسام الطبية المتعددة، يوضح مدير عام المستشفى الدكتور محمود زريقات، لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، ان نسبة الاشغال في المجمع الطبي تبلغ 81 في المائة من السعة الكلية للمستشفى، وهي الاعلى عالميا، اذ ان النسب الطبيعية للاشغال في المراكز الطبية والمستشفيات تتراوح بين 65 – 69 في المائة، وبعض الاقسام في البشير تشهد نسبة اشغال 100 في المائة، مثل العظام والخداج والعناية الحثيثة والنسائية والتوليد .

زريقات يوضح ان مجموعة المطالبات المالية على المواطنين بدل خدمات طبية لغير المؤمنين صحيا تبلغ 10 ملايين و200 الف دينار تبدأ من دينار الى 8 الاف دينار موزعة حسب الحالات المرضية، لافتا الى ان المستشفى يواجه اشكالية تجاوب ذوي الاطفال تحت عمر 6 سنوات مع تجديد التأمين وتفعيله للاستفادة من المكرمة الملكية بمعالجة الاطفال . يضيف زريقات ان "البشير" يقدم خدمات صحية للمؤمنين وغير المؤمنين، ولجميع فئات المجتمع وطبقاته، وهو يضم كوادر طبية تعدادها 1051 طبيبا بينهم 380 اختصاصيا، ويعتبر الوحيد في الاردن الذي يستقبل حالات مرضية من جميع مستشفيات المملكة بصفته "مستشفى التحويل الاول"، مبينا ان متوسط عدد العمليات الجراحية 34 الفا سنويا، وفيه 28 غرفة عمليات مجهزة ويجري العمل على استحداث 12 صالة عمليات اخرى خلال العامين 2019-2020 .

وقال ان شبكة التأمين الصحي تغطي ما نسبته 70 في المائة من مواطني المملكة، وتوسعت التغطية لتشمل كبار السن فوق عمر ال60 عاما، ما شكل ازمة على طاقة المستشفى، لكن تكاليفهم لم تجر تغطيتها في موازنة العام 2018 ما اثر على التزويد والعلاجات والتي تم تغطيتها على حساب التأمين الصحي في القطاع الخاص . واشار الى انه تم التجاوب مع المواعيد طويلة الامد لعيادات الاختصاص للمرضى باستحداث وتفعيل عيادات اختصاص حتى الساعة الخامسة مساء ، الا ان التحدي الذي يواجه المستشفى هو عدم تقيد بعض المرضى بالمواعيد المسائية ورغبتهم بالمراجعة بعيادات الاختصاص الصباحية ما رفع مستويات الاكتظاظ في العيادات . وقال : ينهض المستشفى بمهمة التحديث المستمر الى جانب الخدمات الطبية ، حيث جرى استحداث مستشفى الاسعاف والطوارئ الذي سيبدأ استقبال الحالات المرضية مطلع آب 2020 بسعة 170 سريرا اضافيا، وهو مزود باجهزة وغرف عمليات واقسام عناية طبية حثيثة، ويضم اول مهبط للطائرات العامودية الطبية ، كما جرى استحداث قسم للعظام في مبنى الجراحة القديم بسعة 150 سريرا بتكلفة 3 ملايين دينار وهناك توجه لاستحداث قسم يضم 60 جهازا لغسل الكلى خلال العام 2019 .

وشدد على ان المستشفى يواجه رداءة في نوعية الخدمات المقدمة من شركات التنظيفات والتغذية والغسيل الذي تستنزف تكلفة عالية، اذ ستتم اعادة النظر بشروط العطاءات للشركات التي تقدم خدمات التزويد واعادةالنظر بالعمالة الموجودة حاليا، مشيرا الى مقترح لانشاء شركة حكومية لهذا الغرض تكون خاضعة لديوان الخدمة المدنية على الفئة الثالثة ما يمكن من وضع رقابة مباشرة واسس وضوابط تنظم عملها .

واكد زريقات ان ابرز التحديات التي رفعت مستويات العبء على طاقة المستشفى هي الخلل في نظام تحويل المرضى من المراكز الصحية الشاملة، فضلا عن عدم وجود ثقافة صحية لدى المواطنين لتحقيق اسس المعالجة، كما يواجه "البشير" سلوكيات سلبية في التعامل مع مرافقه من مقاعد او دورات مياه او اثاث.

واشار الى ان برنامج الاعتماد الذي يخضع له "البشير" سيتم من خلاله تدريب جميع الكوادر الطبية على تطبيق المعايير المطلوبة للاعتماد، وسيكون هناك منافسة بين مستشفى الجراحة، ومستشفى الباطني والاشعة ، والاسعاف والطوارئ والعيادات الخارجية ، ومستشفى النسائية والاطفال داخل "البشير". مدير دائرة الاستشارات في مجلس اعتماد المؤسسات الصحية ونائب المدير التنفيذي رباب ذياب، توضح من جهتها، ان مشاريع الاعتمادية لمستشفى البشير تهدف لبناء قدرات الفرق المدربة على التدريب لباقي كوادر المشفى، وتحسين جودة الخدمة داخلها وضمان سلامة المرضى وبناء برنامج يكون فيه مساعدة على التحسين المستمر، الى جانب استمرارية العمل للنهوض بقدرات المستشفى وخدماته الصحية، وحل الاشكالات التي قد تواجه البنية التحتية للاعتماد، مثل انشاء مخارج طوارئ واعادة هيكلة المباني القديمة وهي تحتاج لتعاون من الوزارة لتطبيق المعايير .

وأكدت ان الاعتمادية بدأت في مشروعين، الاول من خلال رئيس الوزراء الدكتورعمر الرزاز ليشعر المواطن بتحسن سريع في خدمات مستشفى البشير، وتم البدء بمستشفى الطوارئ باعتباره الواجهة الخدمية الاولى ، وتم العمل على دراسة لتحليل تدفق المرضى في المستشفى، بهدف معرفة المشاكل التي تواجه المريض، وكانت برفقة متطوعين مع المرضى من لحظة الوصول الى الانتهاء من تقديم الخدمة، اذ رصدوا ملاحظات ووقت تنفيذ الخدمة.

واضافت ذياب ان الدراسة خرجت بضرورة تحسين البنية التحتية لالية انجاز الخدمة الصحية بيسر وسهولة، لحين الانتهاء من مستشفى الطوارئ المدعوم من المنحة الاميركية، وجرى استحداث اقسام للمحاسبة والصيدلية لتخفيف اعباء التنقل وتأخر الخدمة بالنسبة للمريض، وهناك غرفة لتصنيف المرضى لتقديم خدمات الطوارئ لمن يحتاجها، ليدخل المريض برفقة مرافق واحد فقط.
ولفتت الى ان هناك اهتماما عاليا ببيانات المرضى عن تجاربهم خلال مراجعة مستشفى الطوارئ، لكشف الامور الضرورية التي ينبغي العمل على تحسينها للخدمة الصحية المقدمة، فضلا عن التحضير للاعتمادية للمستشفيات الاربعة بهدف تحسين الجودة.

عدد من المراجعين عبروا لوكالة الانباء الاردنية (بترا) عن امتعاضهم من قصور بعض الخدمات الطبية في بعض اقسام البشير، متسائلين عن حقوقهم في الحصول على خدمات طبية بسهولة ودون تأخير او زحام، الى جانب القلق الذي ينتابهم من المواعيد الطويلة، خصوصا لدى المرضى الذي يواجهون اوضاعا حادة.

الناطق الاعلامي باسم وزارة الصحة حاتم الازرعي، يوضح ان "البشير" على رأس اولويات الوزارة بعد الزيارات الملكية المتعددة التي اكدت على ضرورة تقديم خدمات صحية مميزة للمواطنين، حيث يجري العمل على اعادة هيكلة عدد من المباني القديمة واستحداث مبان وخدمات جديدة.

واضاف ان التحويلات نظام معمول به بالوزارة بين مستويات الرعاية الصحية من المركز الصحي الاولي الى الشامل وصولا الى المستشفيات، وان حالات التحويل تكون بسبب عدم وجود التخصصات في المراكز الصحية الاولية والشاملة، مشيرا الى ان الوزارة تسعى الى توفير الاختصاصات الطبية الرئيسية في المراكز الصحية لتخفيف العبء والضغط على "البشير" . وقال انه سيجري استحداث 16 غرفة عزل صحي في المستشفى وانشاء وحدات كلى جديدة وحديثة وزيادة عدد الاسرة فيه، اضافة الى ان مبنى الجراحة القديم سيتم تحويله لمبنى للعظام وسيخضع لتوسعة ورفع عدد الاسرة فيه، وهناك استحداث لقسم الحروق وتوسعته وتطويره وتحديثه خلال الاعوام 2019-2020 ، الى جانب رفد المستشفى بالكوادر الطبية والتمريضية والصيادلة والمهن الطبية المساندة .

(محمد المومني - بترا)