بـقـلـم : أحمد علي المصطفى
احتارت قناة ( العربية ) , والعربية منها براء , في الطريقة المثلـى لتزيد من رصيد الكارهين لها , والأسلوب الأسرع كي تـنـفــِّر آخـر المتابعين لحقدها و كراهيتها للعروبة ولكل ما هو عربي , فلقد بلغ التهتك مداه , والخلاعة والميوعة تجاوزت حدودها , و كل الخطوط المتعارف عليها , بل وحتى طلقها الذوق والكياسة , وفاتـها أقل أساليب المهنية وحسن الإدارة والحرفية , فباتت تتخبط كمن مسَّـه الشيطان.ولكن , كيف بها وقد لبست جلد الشيطان ذاته واعتمرت قرنيه وذيله , لتقوم هي بمس ضمائر الناس كي تحرفهم عن القويم من الطرق , وتحرقهم بلظى اختلاقها وتصوراتها الهدَّامة , في إمعـان أسود النية ظلامي جل غايته اختلاق وتوسعة الشروخ في جسد الأمة العربية , نعم , إنه فعل تخريبي منهجي مدروس لعقول وألباب العامَّـة في ضخ ونـفث مفضوحين للعقد .ولعل آخـر تلك المهازل , بل والكوارث التي تهدف لزعزعة الصف , وإشاعة الخلاف والفتن والمحن , ما نقلته القناة المذكورة من خبر غايته التشويش والتشويه ليس أكثر من ذلك , عن الجدل المحلي الذي أدى لاحتقانات طفت للسطح بعض الشيء نتيجة رأي أحمق لواحد من الجهلة الذين تقـتنص القناة المشبوهة سقطاتهم لتبني عليها زادها الحالك , والمقصود بالأمر الدكتور عـزَّت عـطيـَّـة رئيـس قســم الحـديث بـكلـيَّـة أصــول الدِّيـن بجـامعـة الأزهــر في مصـر , حين أطلق تصريحه الغريب والذي يقول فيه بإجـازة وإبـاحـة أن تقـوم المـرأة العـامـلة ( الموظفة ) بـإرضـاع زميـلها فـي العـمـل كـي تـمـتـنع فرجـة الخـلوة التي فيها شبـهة للحرام , وذلك فيما لـو كـانا في غـرفـة مغلـقة , فيـها مفتـاح لا يـفـتـح إلا بوسـاطة أحـدهمـا ..!!عندما تم تناقل الخبر , والذي سعت إليه وبه قناة ( العربية ) بكـلِّيتها لنشره على أوسع نطاق , وإخراجه من حيز المحلي إلى حيز الإقليمي , بل والعالمي فيما بعد , هاج وماج كل من وقع الخبر على رأسه ورأسها موقع الصاعقة , فلا يستطيع أي فرد من الناس , مهما بلغت به الدرجة من ضبط الخيال والعاطفة وتمكين العقل بلجمه عن محاولات الشطط لا الإرادي , إلا أن تجمح بهم التصورات تلك لترسم شكل العملية موضع الخلاف والفتنة , لتـقـفـز للعلن تلك الميكانيكية التي يقوم عليها الفعل العجيب , من أن الموظفـة تكشف عن صدرها , ثم يتوجب عليها أن ترضع الموظف من ثديها الذي يتم عن طريق الالتقام المباشر لتتم خمس رضعات كاملات , يباح للموظف بعدها الاختلاء بزميلته ولا يحرم زواجه منها ...!!سمعت وعاينت ردود أفعال مختلفة على هذا الخبر الذي قدمته قناة ( العربية ) , ردود تناولها بعض الأصدقاء من المحيط القريب في العمل , وحتى من بعض الناس الأبعد عن الدائرة , ممن اختلطتُ بهم لأستمع إلى ما سيصوغون من مداخلات اتخذت شكل السخرية في أغلبها , ولهم الحق كل الحق في ذلك , وللتذكير , فلقد كان لـقناة ( العربية ) النصيب الأوفر من الإدانة والاشمئزاز , كونها من قام بإشاعة هذا الأمر , وسئلت عن ردي فقلت : لو كان الأمر كذلك , فلا أعلم في الحقيقة كيف ستـُـحل القضية حين يكون تعداد الموظفين أكثر من تعداد الموظفات , فنحن سنُـطالع بمنظر لطوابير كثيرة من الموظفين في انتظار للرضعات الخمس التي ستقدمها لهم الموظفات العاملات , وربما ستلوح مشكلة في الأفق لو كان عديد الموظفات من غير المتزوجات ممن يتوجب فيهنَّ الاختلاء بزملائهن في العمل أكثر من المتزوجات المرضعات , في الحقيقة صاحبات القسم الأول من الأبكار لا يستطعن القيام بإرضاع أحد , لأنهـن عذراوات , ولعلها مفارقة أيضا لو كانت موظفة تعمل سكرتيرة لوزير ما , يتحتم عليها باعتقادي أن ترضع معالي السيــد الوزير , لكثرة المشاغل و لعلة الاختلاء بينهما بحكم المجاورة الوظيفية والعمل , فعندها , وجـدت أنه من البديهي أن يتحول زوج تلك السكرتيرة الموظفة ( المرضعة ) إلى والد للسيد الوزير ( من الرضاعة ) وعليها أن ترضع بقية الموظفين , فيتحول زوجها هنا إلى والد لهؤلاء أيضا , في حين أن هؤلاء سيصبحون أشقاء للسيد الوزير من الرضاعة أيضا , وتصبح السكرتيرة أمهم بالرضاعة , ويتحول معاليه إلى ابن لزوج السكرتيرة ( رضاعيا ) ....!!أضاف واحد من الظرفاء غامزا من قناة العربية بقوله : والله أنا أقترح لأجل ذلك , وإحقاقا للحقوق , وإرساءً للقانون الإرضاعي الذي تـروجـه قناة العربية , أن تطبق ذلك على موظفيها كبداية , كونها من بثت الخبر على هذه الشاكلة , و الأقربون أولى بالمعروف , فتعمل إدارة القناة على إلزام المذيعات أن يُرضعن زملائهنَّ المذيعين , وبالطبع , لا يجوز أن يتم الأمر على الهواء مباشرة , كي لا تخرج القناة في تطبيقها للأمر عن الفتـيا أو( الفتوة ) التي سعدت بإذاعتها وتغذيتها ..!!بالفعل , فإن الحال التي وصلت إليها تلك القناة من الانحدار مريبة لكن غيـر مأسوف عليها , قناة تروج للفتنة , للجنس المبطن , للانسلاخ عن العراقة والتراث , قناة تحاول وبكل شراسة وإصرار لنشر ثقافة المحتلين , ولزمرتهم ومن يساعدهم , قناة تستضيف من ينعق وينعب من خرائبها لتوسيع الهوة بين أهل الأرض الواحدة , قناة تحرض ضد دولة بل ودول عربية لا تتماشى ورؤاها وأهدافها الصفراء , قناة لم ترحم حتى المجتمع المحافظ في شبه الجزيرة العربية , من انتقاء ما هو شاذ من القصص العابرة التي لا تشكل صورة حقيقية لمجتمع الخليج المحافظ , ثم لتقدم تلك المارقات من الحوادث , لـتـنفخ في جمرات مبعثرة آيـلة إلى رماد , مستميتة لإيقاد سعيرها من جديد , كل هذا الجهد المبذول القاتم , فقط كي تقدم رسالة لأحد ما , بأن هذه هي ثقافة أهل الدار ...!!
لا أختم سوى بالقول لهذا الخنجر الذي يمعن طعنا في خاصرتنا :
فـبــأيِّ آلآء رَبـِّـكُـمَا تــُكـَذبـَـان ....