facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




البصمات .. وحاسة الشم العربية


عاطف الفراية
22-05-2007 03:00 AM

ما أن يترجل مدير لمؤسسة كبرى.. أو صغرى من مدير بريد في (حجفا) إلى مدير مدرسة مرورا بوزير أو أمين عام عن كرسيه ليحال إلى التقاعد أو يذهب إلى كرسيّ أكبر.. إلا ويقال: لقد ترك بصمات واضحة في العمل والمنهج والتخطيط.. الخ..وفي الحقيقة غالبا لا يفصّل مثل هذا (الإنشاء الفارغ) ما إذا كانت تلك (البصمات) مفيدة أم ضارة.. تسهل العمل أم تقيده وتعقده.. تنفع الناس أم تخرب بيوتهم.. المهم أنها (بصمات واضحة) .. حتى ولو كان أكل (منسفا) ولم يغسل يديه بل مسحهما بحائط المؤسسة فانطبعت (بصماته) على الجدار.. (مثلا)
وحين يتعرض شخص ما إلى مؤامرة (انتخابية مثلا) أو مقلب ليطير من منصبه (أيضا مثلا) نقول: إن بصمات فلان واضحة فيما حدث من تآمر..
ويقال الآن عندما يحدث تفجير في مكان ما من العالم: إن (بصمات تنظيم القاعدة) واضحة في الحادث، للدلالة على ملامح طريقة معينة يستدل منها على الفاعل.. وهذه العبارة (بصمات بن لادن) تستخدم عادة حتى لو كان الفاعل مخمورا خارجا من حانة كما حدث مع جورج بوش قبل تولي الرئاسة في حادثة مشهورة.
هذه دلالات معنوية مجازية تعني أن (مفهوم البصمة) مورس عليه (انزياح لغوي) نقل دلالته المادية التي تقتضي تحديد الهوية من خلال عدم تشابه بصمة الإبهام لدى البشر.. والتي من الإعجاز فيها قول الله تعالى: "أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه* بلى قادرين على أن نسوّي بنانه".( القيامة: 3+4) إلى إفادة معنى (الملامح الدالة) التي يمكن استقراؤها من المحيط القريب للحدث.. أو من (أنساق لغوية معينة) تميز كاتبا من خلال (بصمة اللغة). تلك البصمة التي دعتني لتسمية ديواني الشعري الأول عام 93 (حنجرة غير مستعارة).
وتستعمل بنوك في الغرب (بصمة الصوت) لتحويل المبالغ المالية بالهاتف، (ما ليش دعوة منين جابوا المال وأين أودعوه أو كيف هربوه).
وأصبح البحث الجنائي الآن يعتمد أدلة قطعية من خلال (بصمة الفك) و (بصمة شحمة الأذن) و(بصمة العين) و(البصمة الوراثية )مما يؤكد أن الله تعالى خلق لكل إنسان خصوصية جسدية لا تتكرر في غيره.
وكنت في مقالي (أحذية وأحذية) حدثتكم عن (بصمة الحذاء) التي تجعل المصلين يخرجون من المسجد (يوم الجمعة بالذات) ولا يخطئ أحد في حذائه رغم تشابهها!!
غير أن من أكثر الأشياء التي أدهشتني مؤخرا وأنا أقرأ بحثا عن البصمات.. هو (بصمة الرائحة).
تلك المسألة التي كنت أظن أن الحيوانات تتميز بها عنا نحن البشر حيث تعرف بعضها بالرائحة.. فقد ميزت منذ طفولتي (أيام ما كنت راعي) كيف تأتي الأغنام مساء فنطلق عليها الخراف .. فلا يرضع أي خروف إلا من أمه (التمييز بالرائحة) لكن أن يكون لدينا نحن البشر (بصمة رائحة) لا تتكرر بين شخصين! هذه أدهشتني حقا..
ما أدهشني أكثر هو أن الباحث استشهد في أول حديثه عنها بقول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (إني لأجد ريح يوسف) وبين أنه ( أي سيدنا يعقوب) قد شم رائحة يوسف عليه السلام بمجرد دخوله مصر.. وهي ربما ميزة في قوة الشم وتحديد صاحب (بصمة الرائحة ) حباها الله لنبيه يعقوب بعد أن فقد بصره..
ولأننا كبشر نمتاز عن الحيوانات (بالنطق).. فإنها تمتلك (لغة مشمومة) مقابل ما لدينا من (لغة منطوقة) ومع ذلك فنحن البشر أكثر الكائنات حديثا عن الشم..
ولا أدري كيف استمر (الانزياح اللغوي) في جريانه حتى أصبح (الشم) يطلق مجازا على الحياء!
فالأرادنة مثلا يقولون.. يا رجل شم.. بمعنى استحي .. أو فلان لا يشم.. أو ما عنده شم.. أي ليس لديه حياء.. وهكذا..
وإذا كان الشخص حاذقا وتم إيصال رسالة ما إليه تلميحا .. وفهمها وتصرف على أساسها نقول: شمها من بعيد..
وإذا.. (أكرر.. إذا) استقال وزير أو مسؤول عربي بعد كارثة ارتكبها هو أو أحد مرؤوسيه ، يقال: شمها وحده (أي دون أن يوجهه أحد لوجوب الاستقالة) وهذا سلوك غير عربي بالطبع..
واليوم بالذات قرأت في صحيفة الخليج ما هو متمم (لهذا المقال الذي كتبته منذ أسبوعين) حيث يقول الخبر إن باحثين ذكروا لمجلة (جاستروإنتيرولوجي) المتخصصة في طب الجهاز الهضمي.. أنهم أجروا أبحاثا تؤكد وجود أربع حواس للشم في أغشية المعدة والأمعاء لدى الإنسان!!!! تجعل الأمعاء تشم المواد العطرية مثل الزعتر والقرنفل قبل هضمها (سبحان الله).
وأصارحكم أن هذا الخبر الأخير أفادني في ربط جزأي مقالتي هذه.
حيث يصر (خميس بن جمعة) في سوق السمك في الشارقة على أن يشم السمك عن قرب (بطريقة شم الأمعاء للزعتر عن قرب شديد جدا) ليتأكد من صلاحيته.. (تماما كما فعل معالي وزير الصحة الأردني مؤخرا بعد حادثة التسمم بالسمك الفاسد) .. لأنه ( أعني خميس ) لا يتقن الشم من بعيد.
Amann272@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :