facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تضارب المصالح من منظور آخر


د. سامر إبراهيم المفلح
29-10-2019 09:16 PM

تطورت التشريعات المختلفة الخاصة بالحاكمية المؤسسية من أجل التقليل من تأثيرات تضارب المصالح بين أصحاب المال والمدراء القائمين على إدارة الأموال، إذ يحدث التضارب تحت الفرضية الاقتصادية المعروفة بمعضلة الوكالة"Principal Agent Problem" ، والتي تفترض أن أولوية المُساهم هو تعظيم الأرباح وتقليل النفقات، بينما أولوية الوكلاء أو المدراء قد تكون مصالحهم الخاصة والتي تعني زيادة أجورهم وبالتالي زيادة النفقات على حساب الأرباح.

مؤخرًا أشار بعض الباحثين في علوم الحاكمية المؤسسية إلى أن معضلة الوكالة قد يكون لها أكثر من شكل، فقد يكون بنمطها التقليدي بتضارب المصالح بين المالكين والمدراء، إذ يبحث كل منهما عن تعظيم مكاسبه على حساب الآخر، أما الشكل المُختلف والثاني من معضلة الوكالة "Type II Agency Problem" يكون من خلال الولاء المُطلق للمدير أو المالك المُساهم الرئيسي في الشركة والذي قد يسبب تجاوزات في بعض الأحيان.

وتستند فرضية النوع الثاني من معضلة الوكالة إلى تجربة عالم النفس الاجتماعي الأمريكي ستانلي ميلغرام في بحثه عن الانصياع أو الإذعان للسلطات التي قدّمها خلال الستينات من القرن العشرين أثناء عمله في جامعة ييل، حيث استنتج أن أغلب الأشخاص ينقادون بقراراتهم وراء شخص يتمتع بمستوى أعلى من المعرفة أو الدراية أو السلطة.

وبإسقاط ذات المفاهيم على ممارسات الإدارة العليا في شركات المساهمة العامة أو المؤسسات التي تحكمها مجالس إدارة وأثر ذلك على ممارسات الحوكمة الرشيدة فيها، فإن السلطة والقوة التي يستمدها المدراء العامون بحكم وظيفتهم قد تؤثر في قرارات بعض أعضاء مجلس الإدارة خصوصًا إذا كانوا من الأعضاء التنفيذيين (العضو الذي يكون متفرغًا لإدارة الشركة أو موظفًا فيها أو يتقاضى راتبًا منها)، لذلك نصّت الكثير من التشريعات حول العالم على ضرورة وجود أغلبية من أعضاء مجلس الإدارة من غير التنفيذيين ليتمكن أعضاء مجلس الإدارة من إبداء رأيهم باستقلالية.

ومن المحاذير الأخرى ضمن النوع الثاني من مُعضلة الوكالة التي تؤثر على ممارسات الحاكمية الرشيدة تكمن بأن المدراء العامين هم على دراية كاملة بكافة التفاصيل التشغيلية والبيانات، كما أن معرفتهم الفنية أكبر بشكل ملفت في معظم الأحيان من بقية أعضاء مجلس الإدارة، ولهذا فإن العديد من أعضاء المجلس يقرّون توصيات المدراء العامين دون نقاش مسهب أو طرح بدائل على أساس أنهم يتّبعون الخبير في قراراتهم.

وبحسب أدبيات الحاكمية الرشيدة فقد يزداد تأثير المدراء العامين في البتّ بقرارات مجالس الإدارة في حالة الجمع بين رئاسة مجلس الإدارة ودور المدير التنفيذي، ولهذا قيّدت معظم التشريعات العالمية ازدواجية الأدوار والجمع بين موقع رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لتكون حالات الجمع بين الدورين محصورة وضمن شروط ومبررات واضحة في أغلب الأحيان.

الحلول المقترحة لتقليل النوع الثاني من معضلة الوكالة هو بزيادة أعداد أعضاء مجلس الإدارة المستقلين وغير التنفيذيين، ولكن هذه التوصية يجب التعامل معها بحذر فإذا كان المستقلون وغير التنفيذيين غير مختصين في أعمال الشركة أو المؤسسة التي يشرفون عليها، فقد يؤدي هذا الإجراء إلى تقوية أصحاب الخبرات والمعرفة الأقل في اتخاذ القرارات على حساب الأشخاص الأكثر معرفة ودراية في الأمور الاستراتيجية والفنية.

ولهذا السبب فإن اختيار رؤساء وأعضاء مجلس الإدارة في الشركات والمؤسسات يجب أن يكون بعناية فائقة، بحيث يمكن للأعضاء المساهمة الفعالة وإضافة قيمة للقرارات المتخذة، كما يتوجّب عند عملية الاختيار وضع أعضاء قادرين على مناقشة المدراء التنفيذيين في التوصيات والتنسيبات دون الانصياع لهذه التنسيبات.

التشريعات الأردنية قطعت خطوات متقدمة في تقييد الجمع بين موقع الرئيس التنفيذي ورئاسة مجلس الإدارة، كما حددت تعليمات حوكمة الشركات المساهمة المُدرجة والصادرة بموجب قانون الأوراق المالية بأن يكون أغلبية أعضاء مجلس الإدارة من الأعضاء غير التنفيذيين، وثلثهم على الأقل من المستقلين، وهذا من الناحية النظرية إيجابي جدًا ويقلّل من مخاطر تضارب المصالح المختلفة.

إلا أن النتيجة العملية لهذه التشريعات المختلفة قد تدفعنا للتساؤل بأنه هل يتم اختيار معظم رؤساء مجالس الإدارة وأعضاء المجالس من غير التنفيذيين ممن تتناسب خبراتهم أو مهاراتهم أو دراساتهم في قطاع الشركة التي يجلسون على مجلس إدارتها بحيث يمكنهم مناقشة الإدارة التنفيذية في القرارات، وإضافة قيمة نوعية عليها، مما سيكون له أثر أكيد في التقليل من تضارب المصالح المحتملة؟ أم أنه وفي حال عدم اختيار الأشخاص المناسبين قد يؤدي إلى خلق نوع آخر من تضارب المصالح يتمثّل بالإذعان لأصحاب الدراية والمعرفة من المدراء التنفيذيين أو المساهمين الرئيسيين دون الخوض بها أو اقتراح البدائل المناسبة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :