ومن بعد طول انتظار ومن بعد أن تعالت أصوات المواطنين والعاملين في القطاعات الصناعية والتجارية والانتاجية للتخفيف من الاجراءات الصحية المفروضة، أطل اليوم علينا دولة الدكتور عمر الرزاز في موعد إتمام حكومته لعامها الثاني، مبشرا بالنصر وزافاً لأخبار لطالما حلم جميع الاردنيين بسماعها. كفتح القطاعات الاقتصادية ورفع الحظر الشامل ووقف العمل بنظام الزوجي والفردي وغيرها من القرارات المتخذة.

ربما قد ضاق العديد من الناس ذرعاً من طول مدة الحجر الماضية، لكننا اليوم نعي أن هذا الحظر والذي وإن عانينا منه اقتصاديا، قد حمانا وحمى أسرنا ومواطنيننا. فالدول التي بدأت متأخرة، دفعت الثمن مرتين؛ اقتصاديّاً وصحيّاً، والدول التي اتبعت نهج مناعة القطيع، ها هي اليوم تعض أصابع الندم وتواجه المحاسبة الشعبية والأخلاقية جراء فقدان عدد كبير من الأرواح بالوقت الذي لم يصل الشعب فيها في تلك الدول لحالة المناعة المجتمعية، والتي تحتاج لسنوات عديدة للوصول اليها. ناهيك عن الكلف الاقتصادية والبشرية وحالة الارباك التي واجهتها تلك الدول رغم الانفتاح والتخفيف في الاجراءات الصحية.

أما نحن، وعلى الرغم من الضرر الاقتصادي الذي سببته لنا الجائحة، إلا أنها ايضا أتت بالعديد من الفرص، فقد زاد إدراكنا لأهمية التعاون والتنسيق البيني في أجهزة الدولة المختلفة والعمل كخلية نحل واحدة تعمل ليل نهار لتجاري التطورات وتجابه التحديات. كما أنه وخلال الجائحة زادت صناعاتنا وصادراتنا من المواد الطبيّة والصحية، فاليوم مثلا، ينتج الاردن يوميّاً نحو مليون ونصف المليون كمامة تلبي احتياجاتنا وتزيد. كما نرى تزايد الاهتمام بقطاع التكنولوجيا التي أتت الجائحة لتعطيه دفعة جريئة للأمام، كما لا يسعنا إلا أن نفخر بقطاعنا الزراعي ومزارعينا الذين زاد إنتاجهم خلال هذه الجائحة والذين علينا أن نوفر لهم جل العناية والدعم للارتقاء بمستوى الزراعة وإدخال أحدث الاليات والاساليب الموفرة للمياه والتقنيات الحديثة للوصول الى أعلى درجات الأمن الغذائي .

اليوم ها نحن قد وصلنا إلى مستوى "معتدل الخطورة" وهو المستوى ما قبل الأخير من المستويات الصحية. أي أنه ما زال أمامنا مرحلة أخرى، وقد تشهد هده المرحلة العديد من التقلبات والتغيرات والقرارات المتسارعة، المستجيبة للوضع الوبائي في الأردن وفي العالم. ولا ضير في ذلك، طالما أن الحكومة مستمرة في نهجها المتركز على الشفافية والمصراحة والانفتاح والعمل الحثيث. وعلينا نحن أيضا، أن نكون سريعي التكيف مع الأوضاع وأن نبقي على حالة توخّي الحذر، والالتزام حتى نصل إلى المستوى الأخير "منخفض الخطورة".

ما زلت أومن ان الوقت ما زال مبكرا على العودة التامة لممارسة الحياة الطبيعية كاملة وفتح المطارات والحركة الجوية، فنحن لسنا بمعزل عن العالم الذي ما زالت معظم دوله تعاني في صراعها الطويل ضد هذا الفايروس.

اليوم يحق للجميع أن يفرح بجهده وتعبه وأن يحتفل بنتيجة الصبر الجميل الذي آتَىَ أُكْلَهُ مبشرا بالنصر المحقق.