facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العصر يصنع الرجل


سمير عطا الله
02-08-2020 11:59 PM

بعد صدور «بين القصرين» فاز نجيب محفوظ بوسام ذهبي نادر. ها هو العميد طه حسين بنفسه يتقدم إلى تهنئته بهذا العمل ويشد على يده. وقلما تواضع العميد إلى العاطفة ليقرظ عملاً أدبياً. فهو لا يخلع أبداً عباءة الأستذة؛ خوف الشطط أو الندم. والأستاذ هنا لا يكف عن البحث عن نقاط الاستحسان. وأكثر ما يثير تقديره الجلد الذي يتمتع به صانع الرواية. أربعمائة صفحة لا دلالة فيها على ملل أو تعب أو كلل.

وما يبهج العميد الضرير ذلك البحث الشاق الذي يقوم به محفوظ في حارات مصر وقصورها القديمة وفي روحها العالية. إذن، محفوظ هو صناعة مصر، وليس عليه سوى الإتقان في السرد وتنظيم الحبك الروائي، وقد «أبدع» في ذلك. والوصف هنا للدكتور طه.

كان المعلم الكبير يؤمن أن الكاتب أو الشاعر يصنعه عصره وزمنه وكل ما يحيط به. ولكي تعرف دفاعه عن هذه النظرية، يجب أن تقرأ كتابه عن أبي العلاء المعري، ضرير القرن العاشر، الذي كان كارهاً له ومزدرياً أعماله، وانتهى إلى وضع أهم دراسة علمية عنه.

يقول العميد: الخطأ كل الخطأ أن ننظر إلى الإنسان نظرنا إلى الشيء المستقل عما قبله وما بعده: ذلك الذي لا يتصل بشيء مما حوله، ولا يتأثر بشيء مما سبقه أو أحاط به. ذلك؛ لأن الكائن المستقل هذا الاستقلال لا عهد له بهذا العالم. إنما يأتلف هذا العالم من أشياء يتصل بعضها ببعض، ويؤثر بعضها في بعض، ومن هنا لم يكن بين أحكام العقل أصدق من القضية القائلة: إن المصادفة محال، وأن ليس في هذا العالم شيء إلا وهو نتيجة من جهة، وعلّة من جهة أخرى: نتيجة لعلة سبقته، ومقدمة لأثر يتلوه. ولولا ذلك لما اتصلت أجزاء العالم، ولما كان بين قديمها وحديثها سبب، ولما شملتها أحكام عامة، ولما كان بينها من التشابه والتقارب قليل ولا كثير. وليس للمؤرخ المجيد عمل إلا البحث عن هذه العلل، والكشف عما بينها من صلة أو نسبة. فعمله في الحقيقة وصفي، لا وضعي، أي أنه يدل على شيء قد كان، من غير أن يخترع شيئاً لم يكن. مثله مثل السائح.

يعثر في طريقه بنهر لا يعرفه أصحاب تقويم البلدان، فيدلهم عليه ويهديهم إليه. وقد يسمى النهر باسمه، وقد يجلّه أصحاب هذا العالم، وقد ترفعه أمته إلى حيث يلقى كبار الرجال، ولكنه مع ذلك مستكشف، ولم يوجِد النهر، بل اهتدى إليه.

(الشرق الأوسط)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :