التشكيك بالتصريحات الحكومية او البيانات الصادرة علن الجهات الرسمية مرتبط بالأساس بالقدرة على التحقق من المعلومات الواردة فيها.

وتقسم هذه المعلومات الى 3 أنواع:

أولا : معلومات لا يمكن التحقق منها، وهي مرتبطة بالأصل بـ "الحكي الإنشائي" او الخطاب القلبي وهي لا تستند إلى مصادر ولا تتعدى كونها انطباعات وصيغ يحفظها المسؤولون ويرددونها أمام وسائل الإعلام مثل القول:

- إن الأردن نال إعجاب العالم في تجربته الديمقراطية.
- وزارة الصحة تقدمت على الكثير من نظيراتها في الدول المتقدمة.
- ان الأردن يعتبر الوجهة الأولى للمستثمرين.
- افتتاح مستشفى يعتبر الأول من نوعه بالشرق الأوسط.
- الأردن يعتبر مركزا للتعليم عن بعد في المنطقة.

فكل المعلومات الواردة أعلاه لا يمكن التحقق من صحتها لعدم وجود مرجعيات لها او مصادر مخولة تبنتها نتيجة لدراسات، او وردت على لسان "خبراء دوليون مستقلون".

وعلى المؤسسات الإعلامية حذف هذه التصريحات من البيانات الرسمية، كونها تبيع الوهم للعامة وكلفتها عالية على المجتمع وخاصة عند وقوع حادثة تبدد كل هذه المعلومات مثل حادثة التسمم او مخرجات التعليم عن بعد، فنجد حملة تشكيك عارمة بكل المنجزات حتى لو كانت حقيقية.

وهذا يفسر للمسؤولين لماذا تم حذف نصف مقابلته التلفزيونية او نشر فقط نصف البيان الصادر من الجهات الرسمية كونها فقط "كلام إنشائي" ولا تحتوي على قيم خبرية، فيقوم المحررون بحذف كل هذه "المعلومات" ما استطاعوا لذلك سبيلا.

ثانيا : معلومات صعب التحقق منها ولكنه ممكن : وهذه المعلومات مرتبطة بالمقارنات في قطاع معين او التطور الزمني، او متصلة بدول المنطقة او المؤسسات المشابهة، بحث يتم الإشارة في التصريحات لدراسة دون ذكر اسمها او للجهة التي نظمتها او اجتزاء معلومة دون الإشارة للسياق الذي ذكرت فيه او من قالها، مثل القول:

- مشاركة الشباب في الانتخابات في تصاعد.
- الجامعات الأردنية في المرتبة الخامسة عربيا.
- النظام الضريبي الأردني عادل.
- مجلس الوزراء ملتزم بتطبيق البرتوكول الصحي.

وكل المعلومات الواردة في البند الثاني يمكن التحقق من صحتها ولكن بدراجات صعوبة متباينة نظرا لامتداداتها الداخلية والخارجية، ففي مشاركة الشباب بالانتخابات يتوجب العودة لسجلات الهيئة المستقلة للتحقق من ذلك، وفي ترتيب الجامعات يتوجب العودة للدراسة وتأكد من معاييرها وأهلية الجهة القائمة عليها ومدى استقلاليتها، وفي النظام الضريبي يتوجب العودة للنظام الضريبي الأردني ومقارنته بالأنظمة الضريبية للدول الأخرى، وبالتزام الوزراء يتوجب العودة لممارساتهم للتأكد من صحة هذه المعلومة.

وهذه دعوة للصحفيين للتدقيق بهذه المعلومات قبل نشرها، وإذا لم تستطع التحقق منها انسبها لصاحبها وبشكل صريح مثل القول "وفقا لما قال فلان او وفقا لتعبيره"، ولتكون أكثر دقة ومهنية عليك القول انه لم يتسنى لنا التحقق من صحة هذه المعلومات من مصدر مستقل، ودع المسؤول يتحمل هو الكلفة السياسة والأخلاقية لهذه التصريحات.

ثالثا : معلومات يمكن التحقق منها، وهذه المعلومات يكون بالعادة طابعها محلي ويمكن تتبعها ولمس أثارها ونتائجها، مثل القول تسجيل 50 إصابة محلية بكورونا وعزل مناطق وعمارات، فيمكن للصحفيين طلب معلومات إضافية ونشر ما ورد فيها مع المحافظة على خصوصية المرضى، وتتبع إجراءات اللاحقة وزيارة مناطق العزل والاتصال مع فرق تتبع المخالطين او حتى الاتصال بذوي المصابين والمقربين منهم، وإذا لم يتم تزويدهم بهذه المعلومات الإضافية او تم إعاقة تحققهم، فيمكنهم الإشارة لذلك في تغطياتهم الصحفية المختلفة.

وفي هذه الحالة فلا يجوز للصحفيين التشكيك في معلومات يمكن التحقق منها، فعليهم إثبات عكسها وتفنيد رواية الحكومة بالأدلة والبراهين وعدم الانسياق وراء الشائعات التي تحمل في طياتها التشكيك غير المهني.