التجهيل : هل هو فعل أم ردّ فعل؟
خاتمة الكيلاني
05-10-2020 01:41 PM
لا يكاد يمضي يوماً واحداً إلّا و أتحسّر على أيّامٍ مضت كانت جزءاً من تشكيلي و تكويني الثقافي و الدينيّ و المعرفيّ. أتحسّر على مناهج و معلمين كانوا ذخرا و علما و ثقافة.
أقف على أطلال ذاك الماضي العريق المليء بالروحانيات الطاهرة و أستطلع حاضراً أرثي فيه وضعاً مفعمٌ بالماديّات الصاخبة و الاستعراض المقزّز إلى درجة أصبحت أفكر بالتخلّي عن العالم الخارجي و التقوقع على نفسي و الاكتفاء بحدود بيتي ، و جاءت كورونا و ساعدتني للعودة الى خير صديقٍ في الزمان.
سنة تمضي و سنة تأتي و نحن على مفترق طرق ، لا تعرف الخير من الشر ولا الباطل من الصواب.
مصدر الأخبار اعلامٌ موجّه و محطّ أنظار الناس رويبضةٌ لا يفقهون من القول إلا أرذله و لكنهم أبواقٌ تقول ما لا تفقه ، و تتفوّه بما لا تعي و للجميع آذانٌ صاغية لهم. فأيُّ حضيضٍ وصلنا!
ما أتحسّر عليه هو الأجيال القادمة التي ستأتي مغيّبة إلى عالم جديد لا دين فيه و لا مبدأ إلّا مبدأ الآلة و الدرهم.
أن تكون عبداً لآلة أو لدرهم هو مخطط مرسوم و سيتمّ تنفيذه من خلال تجهيل الشعوب و السيطرة على عقولهم و جوارحهم و الجوارح قبل العقل!
أأسف على جيلٍ لن يكون همّه أمّة و لا فكر و لا قضيّة و إنّما همّه الأكبر كيف يستوفي حقوق الشكل قبل المضمون.
هذا هو الاستعمار الفكري و ما نعيشه و ما نحن فيه ماهو إلا تمهيد الطريق للقادم المشؤوم.
و ما خفي أعظم.
نحن الآن على أعتاب تغييرات استراتيجية كبرى و ما نعيشه ليس وليدَ ظروفٍ بائسةٍ أو سوءِ حظ، هذه مخططات تُحاك و تُرسم و ما سنراه في موجة كورونا الثانية من تفقير و تجهيل مسيّس سيكون الخطوة الأولى من الشعوب لتطلب الخلاص و النجاة بأرواحها من الجوع و الظلم و الجهل.