حقيقية واقعية تسجل للهيئة المستقلة للانتخابات أنها نجحت في تنظيم الانتخابات لمجلس النواب التاسع عشر، ولعلي أقول إنها المرة الأولى التي يشعر فيها الناخب أن كل شيء كان منظما بدقة، دقائق معدودة يقضيها الناخب لينتخب من يشاء دون أن يلامس شيئا أو يلامسه شيء، بأريحية وطمأنينة وأمن وأمان وبلا صخب أو ازدحام يَدلي الناخب بصوته، لم أغبْ عن أغلب الانتخابات البلدية أو النيابية أو اللامركزية لكنني أشعر هذه الدورة أن الهيئة قد بذلت جهودا حتى في تفاصيل حركة الناخبين كي يعطوا أصواتهم بسرعة وبدقة واحترام، ربما كانت تلك من إحدى حسنات الكورونا إن كان لها حسنات، وإن كان من شكر وتقدير فإنه يسجل كذلك لإخوتنا من الأجهزة الأمنية وموظفي الهيئة والشباب المتطوعين، إنها منظومة وطنية متكاملة قدمت مثالا أردنيا في احترام حقوق الإنسان.

ولا ننسى جمهور الناخبين الذين التزموا بإرشادات الهيئة والأجهزة الأمنية والصحية، لقد كان احتفاء وطنيا كامل التنظيم لولا ما عقبه من خروج عنجهي على المسار الديمقراطي الصحيح، ولا يتحمل وزر ذلك إلا من قام به، ونظن أن أجهزتنا امتلكت الحكمة في أوقات الذروة الاستفزازية للشعور العام من شباب كان لمرشحيهم - أكانوا ناجحين أم راسبين - المسؤولية في ضبط ذلك الفرح الزائد أو الغضب غير المبرر، إنها سلوكيات كان يمكن ضبطها من المرشحين ، ومن معرفتنا بحنكة أجهزتنا وقدراتها الإدارية والفنية أنها ستتعامل قانونيا وقضائيا مع كل من سولت له نفسه بمخالفة الانضباط العام وقوانين الدفاع.

لقد نهضت الهيئة المستقلة للانتخابات بدور طليعي في التنظيم نرجو أن تبني على هذا النجاح مستقبلا فتعززه وتصحح ما ندر من أخطاء، نعم كانت تملك رؤية تصورية طُبِّقَت واقعا مشهودًا، والحق يقتضي كلمة شكر على ما بذلت من تخطيط ودقة تنظيم وجهد متواصل ليكون الصوت أمانة يصل إلى من يستحقه.