رحمك الله يا أبا منصور

رحل عن دنيا الناس رجل من رجال الأردن و مصلح من المصلحين، كان رحمه الله مؤرخا متعمقا في تاريخ الأردن الشعبي، و كان بحكم اتقانه للغة التركية باحثا في شؤونها الدينية و السياسية. هو سليل أسرة خير و صلاح و دعوة و هدى فوالده المرحوم الشيخ منصور الحياري غني عن التعريف و من رواد العمل الخيري و التطوعي في طول الأردن و عرضه ومن القيادات الاجتماعية النادرة و التي تركت بصمتها في هذه المجالات.

كان المرحوم المهندس حسين الحياري غاية في التواضع و نموذجا في الانسانية و له أعمال خير مع الطلبة المغتربين الدين ينشدون الأردن لتعلم العربية و كان كذلك بحرا في الثقافة الإسلامية، قارئا حريصا حين تجالسه و يحدثك عن تاريخ السلط و رجالاتها يبهرك بذاكرته القوية و إلمامه بتفاصيل من التاريخ المحكي اضاف إليها قراءات عميقة في سير و مذكرات الرجال الذين صنعوا الأحداث في الأردن وهذا المزج الرائع لا اظنك تجده عند غيره، كان موسوعة حقيقية في تاريخ الأردن و كان له مقالة دائمة و سلسلة تاريخية ينصف فيه المجتمع الأردني و أهله بل كان مشروعا معرفيا بدأه و كان متحمسا لانهائه بعنوان (مجاهد من الأردن) و إن شاء الله تجمع وتنشر في كتاب كما أرادها الراحل و لعل اخر ما نشره قبل يومين على احدى المواقع المحلية مقالا رصينا عن معركة الكرامة و قبلها بيومين كتب تعريفا طويلا عن المرحوم الكبير الأستاذ عزت العزيزي

كل ذلك في ميزان حسناته رحمه الله وهو أبعد الناس عن حب الظهور و لو أراده لنال منه الكثير لما يملك من ذاكره وقدرة عجيبة في السرد ومقصده كان -يرحمه الله- أن يضع نماذج محلية للاقتداء أمام الشباب من ذلك الجيل الذي بنى الأردن و كرس هويته الإسلامية وجعل ارتباطه بفلسطين لا بالكلمات و الأقوال و إنما بالدماء و التضحيات.

رحم الله المهندس الحاج حسين منصور الحياري والد الأخ و الصديق و النسيب العزيز و الغالي د منصور الحياري، و أسأل الله أن يغفر له و يتقبله في الصالحين ولا نقول إلا ما يرضي ربنا (إنا لله و إنا إليه راجعون)