facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جيش النمل في مواجهة "العوزي"


د.سنان شقديح
02-06-2021 04:10 PM

تفاصيل انقلاب الرأي العام الأميركي على اسرائيل

الرئيس الأميركي بايدن اعترف أنه أجرى نحو 60 اتصالا هاتفيا مع زعماء دوليين ومن الشرق الأوسط لفرض وقف لأطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الاسرائيلي خلال الحرب الاخيرة على غزة.

سبب الدخول الاميركي القوي لوقف الحرب بالتأكيد يعود الفضل الاول فيه لقوة الحق الفلسطيني وللمقاومة وللهبة الفلسطينية الموحدة لمواجهة أطماع إسرائيل في القدس لكن في الداخل الأميركي كانت هناك متغيرات كبرى كشفتها الحرب الاخيرة وستفرض نفسها على السياسات الاميركية الخارجية.

التوازنات الداخلية الاميركية وإن كانت لا زالت تميل لصالح اسرائيل إلا أن هناك مقدمات إنقلاب في موازين القوى دفعت الصحفي الاميركي المعروف توماس فريدمان للقول "بايدن سيكون اخر رئيس اميركي يؤيد إسرائيل".

الصورة من الداخل الاميركي كانت مختلفة في هذه الحرب الرابعة على غزة: ملايين خرجوا للشوارع نصرة لفلسطين بينما الضغط من داخل الكونغرس على بايدن لفرض وقف للحرب على اسرائيل بلغ ذروته بتوقيع ١٣٠ نائباً من حزبه على رسالة وجهت له تطالبه بوقف فوري للحرب.

تحاول هذه المقالة تقديم اجابة على سؤال واحد من محورين: لماذا خرج الملايين للشوارع في المدن الأمريكية لنصرة فلسطين؟ وكيف نستفيد من اللحظة التاريخية ونبني عليها معالم مرحلة مقبلة للعمل على الساحة الأميركية.

ما يلي هي محاولة من ناشط سياسي فلسطيني اميركي للإجابة على هذه التساؤلات دون ادعاء احتكار الحقيقة وهي وجهة نظر شخصية مبنية على تجربة اغلبها.

المحور الاول:
لماذا خرج الملايين للشوارع في الولايات المتحدة وكيف فرضوا على ادارة الرئيس بايدن التدخل الفوري لوقف الحرب ووقف التطهير العرقي في القدس؟

اولا: العلاقة مع اسرائيل والموقف من الحق الفلسطيني بات قضية داخلية اميركية: هناك اخطاء استراتيجية قادت لإدخال الحكومة الاسرائيلية واللوبي المؤيد لها في واشنطن في صراع مع مؤسسات المجتمع المدني الاميركية عندما بادرت حكومة اسرائيل لتشكيل وزارة الشؤون الاستراتيجية عام ٢٠١٦ والتي قامت بدورها بشن حرب على انصار الحق الفلسطيني في الولايات المتحدة ونجحت عبر انصارها وملايين الدولارات التي استثمرتها سياسيا في فرض قوانين عبر البرلمانات المحلية لأربعين من اصل خمسين ولاية تجرم وتعاقب حركة مقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات من اسرائيل المعروفة برمز " BDS" وتلصق تهمة معاداة السامية بكل متضامن مع فلسطين.

وان نجحت الوزارة واللوبي في استهداف وضرب الاف الناشطين لصالح الحق الفلسطيني وآذتهم قانونيا وفي اعمالهم عبر رصد نشاطاتهم وتصريحاتهم ونشرها على موقع تابع للوبي المؤيد لها يسمى " كناري ميشين" ويحوي تقارير عن أكثر من الفين من الناشطين الفلسطينيين ويرصد كل حرف قالوه على وسائل التواصل لاتهامهم بمعاداة السامية.

وتزامن اقامة الموقع مع الدفع باتجاه اصدار قوانين على مستوى الولايات تمنع توظيف من يوصفون بمعادي السامية ويفرض اجراء بحث خلفية جرمية واجتماعية تشمل وسائل التواصل لكل من يتقدم بوظيفة جديدة. وكنموذج واحد يعبر عن نجاح اسرائيل في حربها على الناشطين هو البروفيسور ستيف سلايطة الاستاذ السابق في جامعة شيكاغو الذي طرد من وظيفته منذ خمس سنوات على خلفية تصريحات تنتقد اسرائيل ورفضت مذاك اي جامعة اميركية او مدرسة توظيفه والان يعمل بوظيفة سائق باص ويمكن مشاهدة صوره كسائق وقصته الانسانية ببحث بسيط على شبكة الانترنت.

اسرائيل نجحت خلال الاعوام من ٢٠١٦ الى ٢٠٢٠ في ضرب حركة التضامن وحركة المقاطعة وحتى منظمة "طلاب من اجل العدالة في فلسطين" وشنت عليها حملات قانونية وعلاقات عامة قادت لتقليص أفرع المنظمة الطلابية وحظرها والتضييق عليها في عدة جامعات.

في خضم حربها الكبرى على الناشطين المؤيدين للحق الفلسطيني وقعت اسرائيل في خطيئة كبرى لم تنتبه لها حين استثمرت امكانات لوبيها الضخمة وملايين الدولارات ضد ناشطين فبدت كمن يحارب ممالك نمل برشاش "عوزي".

غباء القوة لدى اسرائيل واستخدامها عصاة كبرى في محاولة ضرب حركة التضامن مع فلسطين، وضعها في مواجهة مع منظمات حقوق الانسان والنقابات باعتبارها تستهدف حرية التعبير في الولايات المتحدة فالقوانين التي فرضتها برشوة اعضاء البرلمانات المحلية والكونغرس كانت تستهدف حقوق يكفلها الدستور الاميركي منها حرية التعبير والاعتقاد فحق مقاطعة شركة او منتج حق قانوني يمارسه الاميركي العادي لمعاقبة شركات منتجها رديء او احتكارية او تعادي الاقليات او عنصرية. من هنا وقفت نقابات ومنظمات كبرى مثل اتحاد الحريات المدنية الاميركي وهو هيئة غير سياسية ونقابة المحامين ونقابات المعلمين ومدرسي الجامعات وكنائس واعضاء كونغرس وفئات مدنية غير معنية اصلا بالقضية الفلسطينية ضد رشاوي اسرائيل لأعضاء الكونغرس ودخلت طرفا في المعارك مع اللوبي المؤيد لإسرائيل وهنا بالضبط كانت خطيئة حكومة اسرائيل الكبرى انها باتت تسعى لفرض قوانين ضد حرية التعبير في الولايات المتحدة وطرفا في خلاف اميركي داخلي يتعلق بالحقوق الاساسية والحريات التي كفلها الدستور الاميركي.

ثانيا: معارك مع الأقليات: في معركتها المستمرة منذ ٢٠١٦ ضد الناشطين من اجل الحق الفلسطيني دخلت اسرائيل عبر لوبيها في معارك مع الاقليات المؤيدة لفلسطين فمثلا فتحت معركة مع اهم حركة تعبر عن الاقلية الافريقية وهي منظمة "حياة السود مهمة" بسبب تضامن الحركة مع فلسطين واعتبار المنظمة في وثائقها اسرائيل دولة فصل عنصري. ردود لوبي اسرائيل على موقف المنظمة التي تمثل الجناح المركزي للاقلية الافرو-اميركية التي تبلغ نسبتها نحو ١٣ بالمائة من السكان لم تكن فقط غاضبة لكنها سعت الى شيطنة الحركة واتهامها بمعادة السامية ومعاداة اليهود وخاضت صراعا معها انتهى بخسارة اسرائيل لتعاطف النسبة العظمى من ابناء الاقليات العرقية في الولايات المتحدة.

وبينما كان لوبي اسرائيل يخوض معاركه مع الاقلية الافرو-اميركية كانت الصور التي تنقلها وسائل الاعلام المحلي الاميركي تظهر الاعلام الفلسطينية في احتجاجات ابناء الاقلية الافريقية على عنف السلطات المحلية مع نشر انباء عن اعتقال ناشطين من ابناء الجالية الفلسطينية في مدن مثل "فيرغسون"، "الباما" و "سانت لويس" خلال تضامنهم مع ابناء الجالية الافرو-اميركية اشقائهم في المظلومية

ثالثا: التحالف مع ترامب: حكومة اسرائيل عبر لوبيها النافذ وضعت معظم بيضها في سلة التحالف مع الجهوريين والشعبويين وتيار ترمب وراهنت على بقاء هذا التحالف في الحكم لفترة طويلة يؤهلها لتسييل ما تبقى من الحقوق الفلسطينية ضمن ما سمي بصفقة القرن.

هذا التحالف وضعه اسرائيل في مواجهة مع غالبية اعضاء الحزب الديمقراطي. وامام تراجع اصدقاء اسرائيل داخل الحزب الديمقراطي فقد فتح تحالف الغالبية العظمى من الناشطين المؤيدين للحق الفلسطيني مع التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي بزعامة المرشح للرئاسة بيرني ساندرز ابوابا ذهبية لوصول أنصار فلسطين الى مؤتمرات الحزب ونجاحهم في استصدار قرارات من المؤتمرات الفرعية لصالح القضية الفلسطينية.

محصلة ما سبق ان الموقف من اسرائيل والحقوق الفلسطينية لم يعد اميركيا قضية علاقات سياسية خارجية مع دولة اخرى لكن ملف خلاف داخلي اميركي.

رابعا: الأغراق في المحلية يقود للعالمية: نجح رهان أنصار فلسطين على استخدام مصطلحات سياسية اميركية محلية لتعميم الرواية الفلسطينية في الوصول لعقل الاميركي العادي حين تم استخدام مصطلحات مثل "العدالة" بدلا من التضامن في اسماء المؤسسات المؤيدة لفلسطين مثل: "طلاب من اجل العدالة في فلسطين" "التحالف من اجل العدالة في فلسطين" على مستوى المدن الأميركية، "كنائس من اجل العدالة في فلسطين" نقابات من اجل العدالة في فلسطين، مسلمون من اجل فلسطين. بل وايضا منظمة " يهود من اجل العدالة في فلسطين.

ومن المعروف ان مفهوم "العدالة" اميركيا مفهوم داخلي مرتبط بحركة الحقوق المدنية وشهيدها مارتن لوثر كينغ وهو طرح يخلق مقاربة بين واقع الفلسطينيين وواقع الاقلية الافرو-اميركية باعتبار الفلسطيني مواطن درجة خامسة تحت الاحتلال الاسرائيلي ودرجة رابعة ان كان داخل اسرائيل تماما كالأميركي من اصل أفريقي بينما مفهوم التضامن الذي تم استخدامه سابقا " solidarity " مرتبط بملف علاقات خارجية لدولة تعاني من احتلال ومن هنا بهت ضوء "حركة التضامن" رغم انجازاتها وابعاد عاطفية كبرى لها منها انها الحركة التي انجبت ايقونة الناشطين الأميركيين الشهيدة الاميركية البطلة التي سقطت دفاعا عن ارض غزة راشيل كوري. حركة التضامن ورثتها منظمات اختصاص تسعى بمعظمها "من اجل العدالة في فلسطين" .

خامسا: تراكم انجازات الجالية الفلسطينية ومؤسساتها وتمسكها بفلسطين ودفاعها عنها على مدى ١٠٠ عام فبعض المؤسسات الفلسطينية في الولايات الممتدة اقدم تأسيسا حتى من منظمة التحرير الفلسطينية ومن هذه المؤسسات خرجت شخصيات نضالية قادت وتقود العمل الوطني لا مجال لذكرها الآن لكن ابناء الجالية يحفظون اسماءهم فمنهم شهداء واسرى وجرحى وبينهم من ينتظر ممن لم يبدلوا تبديلا او يحيدوا قيد انملة عن طريق حرية فلسطين.

وتكشف استطلاعات راي عام حديثة عن انخفاض مستويات تأييد اسرائيل بين فئات بعينها ما يعني انها باتت ملفا خلافيا داخلها. فإسرائيل ليست فقط ملفا خلافيا بين تيارات الحزب الديمقراطي من تقدمية ومركزية، بل بين جيل الشباب داخل الحزب الذي يؤيد بنسبة ٧٠ بالمائة الحقوق الفلسطينية وكبار السن المنقسمين بين الطرفين.

المرشح الرئاسي السابق بيرني ساندرز انتقد السياسة الأميركية حيال "إسرائيل" بشدة، قائلاً في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" إنه "يتعيّن على الولايات المتحدة إنهاء موقفها المدافع عن حكومة نتنياهو" (14 أيار 2021)، لما يشكله من مؤشر قوي بين قواعد الحزب الديموقراطي، وخصوصاً جناحه الليبرالي، في معارضة السياسة الأميركية الرسمية والمطالبة بمحاسبتها و"فرض قيود على مستويات الدعم العسكري" المقدم لها".

وتشكل اسرائيل ملفا خلافيا على مستويات عدة وفقا لاستطلاعات الراي الأميركية التي تشير إلى أزمة إسرائيل في كنائس شكلت داعما رئيسيا لها فقد تقلّصت مستويات تأييدها "بين صفوف المسيحيين الإنجيليين إلى 33%"، مقارنة مع 75% في العام 2018 (استطلاع أجرته جامعة "نورث كارولينا في بيمبروك"، نقله "معهد بروكينغز"، 26 أيار 2021).

وقد بات انتقاد اسرائيل متاحا من قبل النخب فقد عنونت مجلة "فورين بوليسي" مقالاً لها: "آن الأوان لإنهاء "العلاقة الخاصة" مع إسرائيل" (27 أيار 2021). وتساءل العنوان الفرعي أيضاً عن استمرار تلك العلاقة المميزة بالقول: "فوائد الدعم الأميركي (لإسرائيل) لم تعد تفوق التكاليف، وفوائد تلك السياسة هي صفر، والكلفة باهظة، وإلى صعود".

* بين أقليات تؤيد اغلبيتها الساحقة فلسطين والمواطنين من العرق الابيض.

* بين غير المتعلمين الذين يؤيدون اسرائيل بنسبة ساحقة لأسباب دينية والمتعلمين المؤيدين لفلسطين.

*بين جيل الشباب الذي يؤيد فلسطين وجيل كبار السن الذي يؤيد اسرائيل.

* بين كنائس كالبروسبتارية والميثودية واليسوعية التي تؤيد فلسطين والايفو انجليكان ممن يؤيدون اسرائيل.

*نقابات العمال والمعلمين واساتذة الجامعات واتحادات عمال الموانئ وسكك الحديد التي تقف مع فلسطين ونقابات ممثلي ومنتجي هوليوود ممن يؤيدون عنف وعدائية وممارسات الفصل العنصري.

*داخل الجالية اليهودية بين جيل الشباب الذي تعبر عنه منظمة اصوات يهودية من اجل السلام ومنظمة يهود من اجل العدالة في فلسطين وبين حركة الجي ستريت التي تمثل الصهاينة وحركة "ايباك" التي تمثل اليمين الاسرائيلي المتطرف. فمنظمة اصوات يهودية من اجل السلام تتبنى الموقف الفلسطيني بشكل كامل وهي قريبة من الجالية الفلسطينية لدرجة ان ناشطون فلسطينيون مسلمون ومسيحيون ساهموا معهم لبناء كنيس لليهود في شيكاغو.

سادسا: اسرائيل مكلفة اقتصاديا امام اهمية متضائلة: هي دولة خارجية تمتص اموال دافعي الضرائب فالولايات المتحدة ستدفع لإعمار بعض ما دمرته اسرائيل في غزة عدا عن حصول اسرائيل على مساعدات سنوية بقيمة ٣.٨ مليار سنوي وفوقها ٥٠٠ مليون حصلت علبها مؤخرا لمواجهة جائحة كرونا ولم تخصص منها اي دولار لتطعيم نحو خمسة ملايين فلسطيني تحتل ارضهم.
وهي ذاتها اسرائيل التي جرت الولايات المتحدة لعدة حروب كلفتها مليارات لدرجة ان رئيس اميركي معتوه مثل الرئيس السابق ترامب رفض رغم تأييده الاعمى لإسرائيل ان ينجر لخوض مغامرات عسكرية مع إيران حاول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو دفعه باتجاهها.

سابعا: الفلسطينيون الأمريكان يقدمون أنفسهم كأمريكيون:
ولعل من اهم اسباب تغيير الرأي العام لصالح القضية الفلسطينية هو ان المؤسسات الفلسطينية الاميركية التي تمثل جالية يصل عددها لنحو نصف مليون باتت أكثر تنظيما ووعيا، فهي تقدم نفسها الآن كمؤسسات اميركية بدلا من فلسطينية تسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية في الولايات المتحدة وفلسطين. وبات لها اطر تنسيقية على مستوى الدولة والولايات والمدن مستفيدة من التكنولوجيا التي اتاحتها وسائل التواصل مثل مجموعات "واتساب".

وإن كانت عدة محاولات لتوحيد هذه المؤسسات في اطار موحد فشلت عدة مرات لكنها تعمل بشكل مشترك بلغ درجة انها تمكنت عبر انصارها وحلفائها من تنظيم ٦٤ تظاهرة مؤيدة لفلسطين وضد الحرب الاخيرة على غزة في نحو ٦٠ مدينة اميركية في يوم واحد (١) وفي ايام اخرى تم تنظيم ٥٠ تظاهرة.

وبينما يتراوح عدد المشاركين في هذه التظاهرات من ٥٠ شخصا في المدن الصغرى الى ٢٥ الفا في مدن تواجد الجالية كشيكاغو فأن التواجد اليومي في منتصف المدن واغلاف شوارع رئيسية ضمن عصيان مدني غير معلن فرض ازمات مرور وفرض تثقيفاً اجباريا للمارة بقضية فلسطين خاصة خلال انتظارهم لانتهاء الاختناقات المرورية التي سببها نزول الاف ومئات وعشرات للشوارع.

ثامنا: تحالفات متجذرة: للجالية الفلسطينية ومؤسساتها وأنصار الحق الفلسطيني تحالفات متجذرة مع الجاليات العربية والاسلامية ومع الاقليات العرقية والتقدميين واليسار الاميركي ولكل مؤسسة شبكة علاقات ممتدة.

وفد ظهرت قوة المؤسسات الفلسطينية حين لعبت دورا محوريا في الانتخابات الاميركية وكانت نواة تحاف بين العرب والمسلمين والاقليات والتقدميين لدرجة دفعت بحملة بايدن ابان الانتخابات لعدة لقاءات مغلقة ثلاثة منها كانت مع وزير الخارجية الحالي توني بلينكن وحضر بطلب من المؤسسات الفلسطينية وقدمت خلالها ورقة مطالب فلسطينية.

تاسعا: جيش من المختصين السياسيين: جيش الناشطين الفلسطينيين بات أكثر تخصصا وخبرة في اطلاق الحملات واختيار المعارك التي يمكن ربحها واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وكنموذج لهذا التطور في خبرات الناشطين فمعظم الهتافات والشعارات والبوسترات في التظاهرات والفعاليات متفق عليها مسبقا ضمن ما يسمى talking point او نقاط حديث مكتوبه حتى اغلب من يتحدث للإعلام هم مختصون.

فمثلا في الحرب الاخيرة لوحظ ان رسائل التظاهرات كانت شبه موحدة ركزت على أربع نقاط:

*وقف الحرب على غزة

*وقف التطهير العرقي في القدس

*ربط المساعدات المالية والعسكرية لإسرائيل باحترام الحقوق الفلسطينية

*تسويق حركة مقاطعة اسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها كإطار قانوني يساهم في انتشال اسرائيل من وحل عنصريتها.

وقد نجحت جميع الفعاليات في السيطرة على غضب الجيل الشاب المنفعل من رؤية مشاهد قتل اسرائيل للأطفال بأسلحة وتمويل امريكي وتم توجيه هذا الغضب ضمن رسالة سياسية وضمن ذلك تم منع حرق الاعلام الاسرائيلية حتى لا يغدو التركيز على الغضب على حساب الرسالة السياسية فالتظاهرة هدفها انجاز وايصال رسالة وليس التعبير عن غضب.

والتظاهرات كانت قمة الجبل التي يغطيها الاعلام اما ما لم تتم تغطيته فهي مئات الفعاليات الاخرى على شكل حملات اتصال بالإدارة الاميركية واعضاء الكونغرس والسياسيين المحليين. وتواصل مع صناع المحتوى المعروفين وحملة تغريدات باستخدام هاشتاغات محددة لدرجة بلغت فيها "التريندات" المؤيدة لفلسطين خمسة اضعاف المؤيدة لإسرائيل.

عاشرا: السفارة والقنصليات الاسرائيلية ليست وحدها هدف الفعاليات:
جزء من الفعاليات لم يستهدف السفارة الاسرائيلية، ولكن أطراف اخرى داعمة للعنصرية الاسرائيلية فقد توجهت عدة تظاهرات لمقرات شركة "فيسبوك" التي كانت تشن حربا على الرواية والمحتوى الفلسطيني وتغلق صفحات الناشطين. ومظاهرات وفعاليات اخرى استهدفت شركات تزود اسرائيل بالأسلحة كشركة "بوينغ" مصنعة الطائرات التي تقصف غزة.

احدى عشر: نواة صلبة لحلفاء في الكونغرس: ساهم وجود نواة صلبة لأصدقاء الحق الفلسطيني في الكونغرس مكونة من نحو ٢٥ عضوا في قيادة تحركات تشريعية لفرض وقف الحرب على اسرائيل بلغت ذروتها بتوقيع أكثر من ١٣٠ عضو كونغرس على رسالة موجهة لبايدن تطالبه بالتدخل الفوري لفرض وقف اطلاق النار على الجانبين.

والجدير بالذكر ان المؤسسات الفلسطينية الأميركية توفر حماية مالية او تصويتية لأعضاء الكونغرس الذين يؤيدون الحق الفلسطيني بل ان هذه المؤسسات ومتبرعميها تدفع بسخاء اكبر مما يقدمه انصار اسرائيل فخلال الشهرين الماضيين عقدت عشرات لقاءات الدعم لأعضاء كونغرس منها على سبيل المثال جمع مبلغ ٣٣ الف دولار لعضوة الكونغرس عن شيكاغو ماري نيومان وقبلها ٣٠ الف لعضوة الكونغرس بيتي ماكولم وقبلها ٤٢ الف لعضو اخر وهكذا .

وهناك لقاءات وتواصل منتظم بين المؤسسات الفلسطينية والمستشارين السياسيين لأعضاء الكونغرس ضمن علاقة تتطور بانتظام.

اثنا عشر: جيل جديد يقود العمل الوطني: كان بارزا خلال التظاهرات الاخيرة ان من قادها هم الجيل الفلسطيني الجديد المولود في الساحة الاميركية فالطلاب كإنو المتحدثين الرئيسيين والهاتفين في التظاهرات بأصواتهم في مقدمة الصفوف واخذوا دورا قياديا على حساب عودة المنظمين والمؤطرين للمواقع الخلفية ضمن منهجية توريث ايجابي وانسحاب لصالح الجيل الشاب.

ثلاثة عشر: تطوير متواصل بالتأكيد هناك اخطاء وسلبيات وتحديات كبيرة كثيرة شابت عمل هذه الفعاليات لكن كانت هذه تُرصد في اجتماعات تقييمية تعقد بعد انتهاء معظم الفعاليات.

المحور الثاني: اين تتجه حركة دعم الحق الفلسطيني في الولايات المتحدة الان؟

هناك ظرف تاريخي غير مسبوق الآن في الموقف الجماهيري العربي والعالمي تجاه فلسطين.

هناك لغة جديدة تتطور وتعتمد على استخدام مصطلح دولة فصل عنصري عند ذكر اسم اسرائيل سواء في تقارير ووثائق حراكات عالمية مثل حركة حياة السود مهمة او تقارير منظمات حقوق انسان كالإسرائيلية "بيتسلم" والاميركية "هيومان رايتس ووتش" وايضا تصريحات وزراء مثل وزير الخارجية الفرنسي.

ضمن هذا التطور لا بد من الربط المحكم بين سياسات العنف والتمييز العنصري الممارس ضد الاقليات وبين ملف عدالة اجتماعية لشعب صغير جزء كبير من معاناته يرتبط بالسياسات الاميركية المعادية لحقوق الانسان الفلسطيني.

هذا الربط المحكم يتأتى عبر إطلاق لجان مكافحة التمييز العنصري التي تمارسها الحكومات المحلية الاميركية ضد الأقليات وايضا دعمها لسياسات التمييز الفصل العنصري خارج الولايات المتحدة.

ان إطلاق لجان مناهضة التمييز والفصل العنصري داخل الولايات المتحدة للدفاع عن حقوق الاقليات ومناهضة السياسيات الاميركية الخارجية المؤيدة لقمع الشعوب سيوفر حاضنة جماهيرية كبرى للقضية الفلسطينية باعتبارها ستشكل بالمحصلة رافدا يصب في نهر حرية وتحرر فلسطين عبر ربط محكم بين المظالم الداخلية والخارجية وباستلهام تجربة لجان مناهضة الفصل العنصري التي ساهمت قبل عقود في اسقاط نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.

هدف هذه اللجان التي يتم وضع اللمسات الاخيرة لإطلاق باكورتها في مدينة شيكاغو هي ربط النضال الامريكي الداخلي من اجل العدالة الاجتماعية بنضال الشعوب المتضررة من السياسات الاميركية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :