تابعت كغيري من الأردنيين الحديث الذي اثير عن إمكانية إغلاق الجامعات لـ 5 سنوات من أجل تقليل البطالة، بعد حديث الأستاذ الدكتور عبدالله الزعبي من جامعة الأميرة سمية بأنه لو اغلقت الجامعات لـ 5 سنوات لن يتأثر الاقتصاد الاردني لتوفر التخصصات..

بالتأكيد فأنا لا اتفق مع الرأي الداعي لاغلاق الجامعات ولا أعتبره رأيا سديدا لعدة أسباب:

1- إذا قمنا بإغلاق الجامعات فالطريق مفتوح أمام طلبة الثانوية العامة للدراسة في الخارج "لمن استطاع اليه سبيلا" ومن لم يستطع سيبدأ رحلة البحث عن الوظيفة والتي ستكون صعبة لأن من متطلبات شغل الوظيفة في الأردن هو وجود مؤهل دراسي بعد الثانوية العامة. فإذن إغلاق الجامعات لن يوقف طموح الشباب الأردني في البحث عن وظيفة وسيزيد من أعداد العاطلين عن العمل. على الأقل عندما يكون الشاب الأردني على مقاعد الدراسة في الجامعة فإنه لا يسجل ضمن أعداد العاطلين عن العمل.

2- نعيش الآن في ظل الثورة الصناعية الرابعة والتي عدلت من شروط شغل الوظيفة، فالشركات العالمية والعديد من الشركات الاقليمية تبحث عن موظف لديه مهارات وكما يشير بعض الخبراء انه بحدود العام 2025 سيكون هناك نقص حاد في العمالة المؤهلة لشغل الوظائف بسبب نقص المهارات. وللعلم تمت مناقشة هذه الامور في مؤتمر دافوس لثلاث دورات من 2018 الى 2020. وبالتالي تعمل الجامعات الآن حول العالم على تغيير خططها الدراسية وأساليب التدريس من أجل التركيز أكثر على تزويد الطالب بالمهارات التي يحتاجها سوق العمل المحلي والاقليمي والعالمي وعبر الإنترنت او ما يسمى ب Internet Freelancing وكنت قد كتبت رسالتي في الدكتوراة قبل 5 سنوات عن موضوع العمل عبر الانترنت والحالة الدراسية كانت الجمهورية التركية. فإذا على جامعاتنا الأردنية أن تقوم بتغيير الخطط والمناهج الدراسية وأساليب التدريس وفقا لمتطلبات شغل الوظيفة محليا وإقليميا وعالميا وعبر الانترنت. حيث يمكن للجامعات أن تشكل لجنة داخل كل قسم للإطلاع على شروط شغل الوظائف ضمن تخصص القسم عن طريق بعض مواقع الشركات المتخصصة بالتوظيف ومن ثم يتم حصر متطلبات الوظيفة والمهارات اللازمة وبناء عليه يتم تغيير الخطة الدراسية وأسلوب ولغة التدريس من أجل تحضير الطالب للوظائف المطروحة محليا واقليميا وعالميا وعبر الانترنت. لغة التدريس يجب أن تكون الإنجليزية للغالبية العظمى من التخصصات لأنها أصبحت شرطا من شروط شغل الوظيفة في مختلف دول العالم.

3- حل مشكلة البطالة لا يمكن أن يتم داخل الأردن. فحجم النشاط الاقتصادي داخل الاردن صغير ولم ننجح كثيرا في جذب الاستثمارات الضخمة لعدة أسباب وبالتالي قدرة اقتصادنا على خلق الوظائف تبقى محدودة والحل يكمن في الاستثمار بالتعليم، أي بمعنى كما أوضحنا في النقطة الثانية هو تقديم تعليم ذا جودة عالية مبني على تزويد الطالب بالمهارات والمعارف التي تحتاجها أسواق العمل المحلية والاقليمية والعالمية وعبر الانترنت وباللغة الانجليزية. بعد ذلك يأتي دور سفرائنا في الخارج في التسويق للخريج الأردني في الدول التي يمثلون الأردن بها. فعلى سبيل المثال، فقد نجحنا في توظيف مئات المهندسين في المانيا وهي خطوة مشجعة جدا ويمكن البناء عليها مستقبلا والتوسع فيها.

4- يرى البروفيسور الزعبي أنه إذا قمنا بإغلاق الجامعات فإن الاقتصاد الأردني لن يتأثر. سؤالي هو كم من النشاطات الاقتصادية (المواصلات، المطاعم، السوبر ماركت، الإسكان...الخ) تعتمد على التعليم وخصوصا انه لدينا حوالي 40 الف طالب من خارج الأردن. فهل فعلا أن الاقتصاد الأردني لن يتأثر بإغلاق الجامعات؟

بشكل عام أؤكد مرة أخرى أني لا أتفق مع مقترح اغلاق الجامعات وإن كنت اتفق مع البروفيسور الزعبي بجزئية صغيرة وهي اغلاق بعض التخصصات التي ليس عليها طلب محلي او اقليمي او دولي ولا يوجد لها وظائف عبر الانترنت. تحسين جودة التعليم في الأردن هو أفضل حل لمواجهة مشكلة البطالة ويجب أن يعلم أصحاب القرار أن إستمرار النظام التعليمي بشكله الحالي سيؤدي حتما إلى زيادة معدلات البطالة بشكل جنوني يصعب السيطرة عليه.

* جامعة كيرينيا – شمال قبرص