اكتشف نيوتن سر التفاحة الساقطة، فكان لاكتشافه الدور الأهم في تفسير ظواهر كونية عديدة، واكتشف ارخميدس سر تاج ملكه والغش الذي طاله وهو يستحم فخرج على الناس عاريا وهو يقول:( يوريكا .. يوريكا)، " فالمحصلة العلمية تقول: "إن الاكتشاف هو إزاحة الستار عن بواطن الموجودات الحياتية بعين مندهشة تختبر المسلمات وتخلخل أيقونات اليقينيات."

إن فرحة الاكتشاف لا تدانيها فرحة في الدنيا، ولكن السؤال المهم ماذا كان وزير التربية والتعليم يفعل أثناء اكتشافه لمسألة خطيرة مثل (تغيير الزي المدرسي)؟؟، وما هو الشعور الذي انتابه لحظة الاكتشاف تلك؟؟، أهٍ لو استطعنا أن نخترع مسباراً يكشف المشاعر والأحاسيس، مسباراً يرصد الفرحة والدهشة التي انتابت الوزير تلك الساعة، وأخيرا حلّت مشكلة التعليم في الأردن أخيرا وبعد تلك المجاذبات والاعتصامات وجدنا الحل،( أسف الفضل لأصحابه وجد الوزير الحل)، دون أي مقدمات أو وقوف بالطلول وبالدمن، ودون مؤتمرات ولا لجان تربوية تفرّخ لجانا ولجانا، ودون الاستعانة بالغرب أو بالشرق، ولماذا الاستعانة بالآخرين، إلا يحق لنا الافتخار والاعتزاز بكفاياتنا الوطنية، وبخبراتنا التي أعطتنا إياها السنون الطوال.

لذا دعوني اكتشف وعلى طريقة الوزير نفسها أنّ حالة التخبط التي كنت أعيش في المدرسة كان سببها الزي المدرسي اللعين، ودعوني اكتشف أن رسوبي في التوجيهي لأكثر من مرة كان للسبب نفسه، وان الشجار المتواصل مع زملاء الدراسة ( والفشخات) التي أكلتها وأطعمتها الآخرين كانت بسبب ذلك الزي، ودعوني أكتشف أنّ (الكتلات) التي أكلتها من قبل المعلمين كان سببها الزي الملعون، لذا اعتذر لجميع المعلمين عن دعائي عليهم (ومسباتي) التي تلفظت بها اتجاههم فلقد عرفت سبب الضرب والكفوف التي أكلتها طوال فترة تعليمي إنه الزي المدرسي اللعين.

شكرا معالي الوزير لأنك أنرت لي بصيرتي ولم تتركني أتخبط في ظنوني عن سبب ضرب المعلمين، وعن نظرة الجيران وأهل القرية لي بأسلوب مقزز، لذا دعوني أطالب الحكومة بمحاسبة جميع وزراء التربية والتعليم السابقين بسبب سكوتهم على مسألة الزي المدرسي التي منعتنا من ارتياد الفضاء، أو حتى التأهل لكأس العالم كباقي أمم الأرض، ولكن لو تأهلنا فكيف سنقابل الناس بذلك الزي المدرسي سبب تخلفنا ورجوعنا إلى عهد الظلمات.

سيدي الوزير لا مطالبة بعد اليوم من قبل المعلمين للنقابة وما حاجتهم إليها والنسبة الأكبر منهم منتسبة لنقابة أصحاب التكسي ، أو أصحاب المخابز، أو سائقي الشاحنات؛ حتى يجدوا كفاف يومهم، ما الداعي للنقابة وقد كان الهدف منها مجرد الضغط لتغيير الزي المدرسي وقد تحقق المراد من الاعتصامات والمطالبات.

سيدي الوزير سيحلق المعلمين لحاهم وسيلبسون أفخم الملابس وسيضعون أجود العطور الفرنسية، فلا حجة لهم بعد اليوم بما يفعلون، فقد تحقق الهدف وتم تغيير الزي المدرسي.

معالي الوزير قبل الختام لي مطلب واحد من الحكومة، مطلب بسيط وهو أن لا تسمح لمعاليكم بالظهور على التلفاز خوفا من أن يحسدنا الآخرون، فكما تعلم بأننا مستهدفون من قبل الجميع، مع أننا لا نملك نفطا ولا ذهبا، ولكننا نملك مكتشفين سيغيرون وجه الأردن ويصعدون بنا نحو سماء المعرفة والعلم.