المسؤولون الكبار ومن وقع عليهم وزر الاختيار وعبء المسار وعثرات الزمان وبراثن الاندثار وارتداء عباءات من خلف الستار وجلسوا على الكراسي الوثار وصفق لهم المتزلفون واركبوهم مركبات الوقار وفتحوا الأبواب لهم عند الصعود وعند النزول بهمة واقتدار والقوا اليهم البشارات وتنعموا وحازوا على فخامة الاعتبار ولوحوا بالخيلاء والافتخار وهم لا يعرفون التخشن ولا يملكون الإحسان عند صنع القرار.

تخيلنا انهم ذوو رؤوس وازنة وعقول بهم القناديل تنار وصدور رحبة واسعة ذات اغوار وقلوب مضيئة تحفظ الاسرار وآفاق ممتدة تزينها الأقمار وطيف من الود والحب والوقار ونبراس للالفة والتسامح الذي يتحلى به الكبار ونخبة ذات جوهر ناصع ابيض مصدار.

المسؤولون لا يتطفلون على الآخرين ولا يحملون الضغينة عند الجوار ويهضمون الرديئة وسوءة النص ولا يوصلونها إلى الانفجار وان احتدم النقاش وكثر الجدال ووقع السفه من الصغار ولا يستسلمون للنزوات وضيق الصدر وغلبة الاقدار ولا تمتد ايديهم إلى العبث والاذى بحجة الغضب ونفاد الصبر وضيق الخيار.

وقعنا في تضاؤل الهمم وتقلص العزائم ونضوب الذمم وما احسنا الاختيار وتجاوزنا الحدود وغلونا وسرنا نحو الانهيار وانعدمت فرص الدفء والود بعدما ماتت لغة الحوار.