عمون - د. صبري الربيحات - الدكتور ميشيل يعقوب الحمارنة شخصية تجمع من الخصائص والسمات والشمائل ما جعل الاردنيون يجمعون على احترامها فقد احب الناس الرجل الذي كان يشبه هذه الارض ويتمثل كل المبادئ والقيم التي طالما تغنينا بها..

عرفته إبان عمله في مكتب سمو الامير الحسن بن طلال حيث اوعز سموه الى مكتبه ان يمد الجسور ويتواصل مع شرائح المجتمع ويرصد الكفاءات والمواهب ويديم الصلات مع اصحابها لتوظيفها في خدمة خطط التنمية والنهوض الوطني..

في شتاء عام ١٩٨٧ اتصل بي مكتب سمو الامير الحسن وابلغني برغبة سموه تنظيم ندوة لبحث موضوع الاساءة للاطفال كنت وقتها احد القلائل المهتمين بهذه القضايا فقد عدت للتو من الولايات المتحدة بعد حصولي على الدكتوراة في الاجتماع الجنائي.

هذه المناسبة كانت السبب في اللقاء الاول بمعالي الدكتور ميشيل حمارنة وسببا في تطور علاقة طيبة ومريحة دامت عبر هذه العقود وتعززت بانضمام الصديق الكاتب احمد سلامة الى فريق عمل سموه.. زرته في داراته وزارني وامضينا اوقات كان لها على وجداني وقعا يصعب ان يتلاشى.

لا اعتقد اني عرفت احدا من الذين شغلوا مواقع الادارة العليا بمستوى الحلم والتواضع والهدوء الذي تحلى به معالي الدكتور ميشيل الحمارنة..

على مدار أكثر من خمسة عقود حرص الدكتور الحمارنة وخلال رحلته الطويلة في خدمة الدولة الاردنية وتقديم بلاده للعالم سياحيا واعلاميا وثقافيا على الحفاظ على اتزانه وموضوعيته وقربه من الناس فلم تنجح الاضواء في تغيير مزاجه وتخليه عن الخصائص والسمات النبيلة التي قربته الى قلوب الناس.

يدهشك ميشيل حمارنة بقدرته العالية على الصبر والتحمل والاستماع دون ملل او ضجر لكل انواع الاحاديث والروايات التي قد يعيدها اصحابها لعشرات المرات وباصوات قد تتجاوز قدرة الانسان العادي على التركيز.

في كل المناسبات التي التقيت فيها الرجل الدافئ المحب كنت اشعر باني التقي بانسان مكتمل الصفات التي يتمنى كل منا ان يراها في المسؤول الاردني ويدهشني الحضور اللافت للرجل الذي يتحلى باعلى مستويات الكياسة واللباقة الخالية من كل شبهات التدليس والمسايرة التي يلجأ لها البعض كلما حاولوا ان يتطبعوا بغير طباعهم.

ميشيل الحمارنة العين والمستشار والدبلوماسي والباحث المؤابي الذي احب الاردن وقلص المسافة بين الاقوال والافعال يرحل اليوم عن هذه الدنيا تاركا ذكرى وصور لانسان طيب الملقى والسيرة وايقونة للعمل الجاد الخالي من التبجح والضجيج..