كل الناس خير وبركه ... كل الناس خير وبركه ... عبارة نرددها ونسمعها كل صباح وكل مساء وفي الشتاء وفي الصيف وفي كل وقت حين ، نرددها ولا نعلم مضمونها وماذا تعني . ونحن في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الفضيل تستحضرني هذه العبارة بقوة وتكاد تتردد على مسامعي كلما خرجت من البيت وقصدت السوق أو العمل أو أي مكان خارج البيت . فأقول أين الخير وأين البركة التي بين كل الناس خصوصا في رمضان الذي تتضاعف فيه الأجور شهر الرحمة والمغفرة والتراحم والصفح والتسامح بين الناس ، ولكن للأسف لا نكاد نرى من هذا التراحم والتسامح لا القليل ولا اليسير منه . فبمجرد أن تخرج من البيت قاصدا عملك تسمع الكلام الذي يجرح أذنيك ويخدش حيائك وحياء عائلتك ومن يرافقك . وبعد أن تنتقل إلى العمل إذا كنت موظفا أو مراجعا لأحد الدوائر الحكومية أو الخاصة لا تكاد تسمع من كثر السخط والويل والثبور إلا كلمة واحد " يا أخي أنا صايم ... أنا مش فاضي أنا صايم ومش طايق حالي ...الخ من العبارات التي تشعرك وكأن الصوم لا رحمة ولا تراحم ولا مودة فيه . وإذا كنت ساخطا مثل هذا الموظف سترد عليه الصاع صاعين وبعدها يبدأ العراك والصياح ، والذي ينتهي إما في المستشفى وإما في أقسام الشرطة . وبعد أن تنهي هذه المعركة والتي قد تخرج منها خالي الوفاق فلا أنجزت معاملك ولا أرحت قلبك وبدنك من الموظف المغوار .

وبعد أن تعود وقد حملت نفسك من الذنوب والآثام بعد معركة خاسرة بكل المقاييس مع الموظف الغاضب ، فلا أنت أنجزت معاملتك ولا خرجت ببياض الوجه معه . تنتقل إلى السوق لتتزود بما أملته عليك زوجتك بعد السحور وقبل الخروج من البيت وهي تعتقد في قرارة نفسها انك ستكون سعيد وأنت تتجول في السوق وتبتاع طلباتها فالكل سيرحب بك ويقول لك رمضان كريم وترد عليهم وتقول الله أكرم ، ولكنك ستفاجئ بارتفاع الأسعار وإذا جادلتهم بان يراعوك سيردون عليك " إذا ما عجبك روح دور غيري .... لأني مش طايق حالي وووو ..... " فتضطر إما أن تشتري حسبما يريدون وإما أن تذهب وقد تبعتك الشتائم . وقد تتأخر وأنت تبحث عن كامل مشترياتك فتعود إلى بيتك وأنت منهك وقد اقبل الغروب بسرعة فتستقبلك زوجتك بضحكه فيها كثير من السخرية والعصبية وتقول لك " شرفت " وتقول لها نعم ، وترد عليك أبشرك بأنه لا يوج فطور لهذا اليوم "دبر حالك" فتكون قد خسرت صيامك وفطورك وأجرك على الله ... وتبدأ تكرر المقولة المشهورة " كل الناس خير وبركه "