لماذا استذكر سيرة رجل رحل عن عالمنا قبل سنوات قليلة؟ استذكرها لان سيرته ينبغي ان نعلّم اغنياءَنا الكبار ان عمل الخير لا حدود له.
الحاج علي القرم كان رجلاً ولا كل الرجال. حظه من الدراسة قليل لكن الحياة كانت مدرسته.

نحت في الصخر خارج الاردن حتى جمع ثروة بعرق جبينه. لم يكنزها لشهوات او ملذات، بل عرف حق الله فيها. كم من عائلات مستورة ساندها دون ان يعلن عن مساندته لها.

اتساءل اليوم: لماذا لا يقتدي اباطرة المال في هذا البلد بسيرة علي القرم -رحمه الله-؟ لماذا لا يتنافسون في مجالات الخير؟ المال مال الله فلماذا يبخلون به؟

ابو ايهاب -علي القرم- هو بحق عملة نادرة في ايامنا هذه. تجرد من مَناعم دنياه، زاهداً في الحياة كان.

لم تغرّه نعمة المال فتنسيه حق الله في هذه النعمة.

رعى طلبة العلم المعسر ذووهم، فاحتضنهم على نفقته الخاصة طالباً منهم حين يتخرجون ان يقفوا الى جانب الفقراء ممن لا يستطيعون الانفاق على دراستهم.

رحل الحاج علي القرم، ولم ترحل ذكراه. غيبه الموت بعد ان أدّى رسالته.

هو الموت نقّاد على كفه جواهر يختار منها الجياد

الى اغنيائنا اقول ما قاله الشاعر القديم:
وما المال والأهلون الا ودائع ولا بدّ يوماً ان ترد الودائع