facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مكافحة الجريمة والمجتمع


علي الزعتري
27-07-2022 10:13 AM

ينبغي أن نأخذَ الجريمة على محمل الجدِّ و التساوي بين المُسَبِّبَات و النتائج المُريعة، نعلمُ أننا نلتفتُ لِحَدَثِ الجريمة و كلما ازدادت فظاعتها ازداد الالتفات والاهتمام بها، وقد يكون ما قاد لحدوثها أَوْلىٰ بالاهتمام لمنعها من الحدوث في الدرجةِ الأولى، ما مِنْ أَحدٍ سيقول إن وقفَ الجرائم ممكنٌ فطبيعة البشر تكتنفها مشاعر وحالاتٍ مضطربةً تؤدي للجريمة، الغضب والغيرة والشك والانتقام والجشع والخوف هي من الأسباب التي تقود للجريمة وخاصةً القتل.

وبينما كانت الجريمة هي الخبر الاستثنائي في ماضي السنوات فإن أخبارها في وقتنا تتطاير بسرعةٍ فائقةٍ وتتشكلُ معها حُزمةٌ من الإشاعات والقصص التي يتنافس أصحابها على جعلها أكثر تفصيلاً و جَذْباً للمطالعين عندما ينشرون ما يتوصلون له من صور و أفلام في غايةِ البشاعةِ وانعدام احترام الذات البشرية، وبالتأكيد فإن بعض الجرائم يتسمُ بوحشيةٍ جريئةٍ و همجيةٍ لا تصدر إلا عن فاقد عقل في تلك اللحظة أو عن سابق إصرارٍ إمعاناً في الانتقام مما يجعلها أخباراً عاجلةً.

وتحدث الجرائم في العادة في الخفاء لكن بعضها اليوم يُرتكبُ علناً مثل هذا الذي ذبح فتاةً في الشارع في القاهرة أو الذي قتل طالبةً في جامعة هنا في عَمَّان مما يؤجج الإعلام والرأي العام، ومن المؤكد أن جهات الاختصاص تتحرى عن حالة المجرم النفسية لتقرر إن كانَ واعياً بالجريمة عند وقوعها أو غير واعٍ، وقيمةَ الفرق هنا بين الواعي وغير الواعي تتضحُ عند الحكم القضائي بدلائل الأطباء، ولا أشك أن الجهات الحكومية والمهتمة في المجتمع تدرس الجريمة وتتعامل معها كحدثْ مؤلمٍ ومُكلفٍ للفرد والمجتمع، ومن الخطأ تعميم مقولة ازدياد الجريمة وتوحشها من دون دراسةٍ دقيقة للأرقام لكن الثابت أن ما بحوزتنا من وسائل اتصال تمكننا من معرفة الجريمة حال وقوعها وبالتفاصيل المصورة، وهذا الشيء لم يكن معروفاً من قبل ولذلك ينزع الناس للاستنتاج بازدياد الجرائم وقد يكون ما ازداد هو مجرد اطلاعهم على أخبار الجرائم.

لم يصل العلم لاستباق الجريمة ومنعها قبل حدوثها على مستوى الفرد في بيته أو عمله، وهذا من المستحيلات التي لن تحدث مهما حاولنا لأن التطرق لهذا المنع الاستباقي يتطلب منظومةً معقدةً من التقنيات العملياتية والبيولوجية والذهنية أشبه بالخيال العلمي كي تصل للفرد في أعمقِ نزعات الشر وتمنعه من ارتكاب الجريمة، لكن مجموعةَ ظروفٍ تتكالب لتشجيعِ حدوث وتهيئةِ فرص الجريمة بشكلها المعهود فأساساً إن نزعة الجريمة هي في طباعِ الإنسانِ السلبية وفي ما يتعرض له من صعوبات حياة تولد النقمة، وكذلك الانكشاف غير المسبوق على معلوماتٍ مُفصلة عن الجريمة بأنواعها توفرها شبكات الإنترنت لمن يريد.

هذه العوامل تجعل من عملية كبح الجريمة دورةً لا تتوقف من الجريمة والملاحقة والعقاب وإن كان العنصر الرئيسي في هذه العملية هو جهات الاختصاص الأمنية فيمكن لها أن تتسع لتشمل جهاتٍ مهمة قد يقود تدخلها لكبح الجريمة بشكلٍ ملموس، إن أهم العناصر هو الوقاية المجتمعية الذكية والرقابة المسؤولة.

نشرت شرطة نيويورك إعلاناتٍ تقول "إن رأيتَ شيئاً فتكلم" وهي تقصد أن يبادر المواطن عند الشك فيبلغ الشرطة، وقد نشر الأمن العام هنا في الأردن رقماً للتبليغ عن التسيب المروري والرقم العام للطوارئ ٩١١ هو بمتناول يد الجميع للتبليغ عن أي طارئ، والمطلوب هو تعود الناس على نقل المعلومة عندما يتوجسون الشر لأجهزة الإختصاص لتمارس دورها، كما تلعب المدرسة دوراً مهماً في وقف الجرائم التي تنتشر بالمدارس وحولها وينبغي للمدرس والمشرف الاجتماعي استشفاف أوضاع الطلبة بالشكل الذي يمكن منه تجنب وقوع الجرائم.

وفي الأحياء عشرات الحُرَّاس للعمارات وهم عينٌ لا ينبغي أن تتقوقعَ بل ينبغي التواصل معها بشكلٍ دوري لقدرتها على معرفة الاستثناء من التصرفات، والعائلة الواعية ستمنع الانحدار داخلها نحو الجريمة إن عرفت إشارات الإنذار التي يطلقها أفرادها قبل دخولهم مراحل الخطر والجريمة، هذه أمثلةٌ لمشاركة المجتمع مع الجهات الرسمية وليست حصراً لها، لكن المبدأ هو في نقل العلاقة بين جهات الاختصاص وعناصر في المجتمع لمستوى يسمحُ بتوقع الجريمة والتحسب لها.

لن تكون الحياة سهلةً مع التطور الذي نشهده وستزيد الحدة عند الأفراد والمجتمعات مع اتساع الفروقات وتجاوز الاستباحات للأخلاق و للعادات والانفتاح على العالم دون حواجز مع ضعف الواعز المجتمعي، ولذلك ستبقى المجتمعات تعاني من الجريمة، لكن تعاوناً بين الأجهزة المختصة ومؤسسات المجتمع هو وسيلةٌ ناجحةٌ للوقاية من الجريمة والتقليل من حدوثها، والحامي هو الله.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :