أنت تقف على شرفة المكان الذي يستضيفك، على قمّة جبل عيبال النابلسي الأشمّ، أو الجبل الشمالي كما اعتاد النوابلسة أن ينادوه. النوابلسة أحيانًا كثيرة ينادون جبليهم يكلمونهما.. من طرف واحد. خاصة وهم في ضائقة و ضيق، أو في حالة من هيام وشوق إلى الأحبّة...حاضرين أم غائبين. يكلمّون جبل عيبال/الجبل الشمالي، وأخيه جبل جرزيم/ الجبل الجنوبي خاصة في الليل؛ عندما يكون المرء وحيدًا. جبلان عملاقان بل العمالقة دونهما.

ترى من بعيد وعبر النهر الخالد.. (الأردن).. أو ما تبقى منه من قطرات تذكّرنا بتاريخه وبأخوات قطراته التي يسرقها الغرباء؛ ترى هنااااك؛ مباني إخوتك وأهلك على جبل الجوفة.. جبل النصر جبل الحسين..الأخضر الأشرفية أو جبل عمان. ينادون يكلمون جبالهم في عمّان العزيزة الغالية؛ تمامًا كما هنا. أنت تجلس على صخرة من عيبال، يداعبك الهواء الغربي القادم من البحر الختيار العجوز الشيخ، البحر الأبيض المتوسّط، حاملًا معه أنفاس الورد الياسمين الميرمية البابونج والعطر الذي ينعش ويؤلم. عطر الأهل هناااك في يافا حيفا صفد وعكّا!!... ع?ّا التي لوت إذن نابليون هي وجبل النار...(نابلس). كلّ اختص بلوي أذن من أذني نابليون زمان عبر التاريخ..كذا سيطال مثلاءه هنا في عصرنا الظالم الذي صال وجال فيه (نابليونون جدد). جدهم ذاك قد مضى يجرّ الخيبة، وهم مصيرهم كذلك...هي فلسطين. بل هو النهر العظيم بضفّتيه...نهر الأردن، وهو البحر الكبير، جدّ البحور وربّانها... الأبيض المتوسّط. وأهلها الأبطال الذين تعلموا أن لا يثقوا بالتاريخ اللئيم قليل الذمّة، بل ويطوعوه.. ما رحل منه، وما هو على وشك أن يرحل.

تسير في وسط المدينة... وسط (عمّان.. نابلس)؛ لا تشعر بفرق. زحمة سير ونوادر من السّائقين والمشاة على الطرقات وربّما خناقة هنا و...طوشة هناك!!. السادة المشاة، من هُجّروا من الأرصفة إلى الشوارع لعوائق في عمّان...هي هي في نابلس. والوقوف هنا مزدوج ثلاثي ورباعي تمامًا كما هناك. هي الوحدة...هي وحدة العيش والمصير والتطلعات والمشاكل. حتى الشكاوى في السرّ وفي العلن عن مصاعب الحياة ومن المسؤولين... فلان وعلتان.. واحدة.. كلهم هنا وهناك... يشكون من تقصير المجالس البلدية فيهما ومن الرقابة على سلوك السير... شكاوٍ بطعم الع?قم. أزمة السير النّظافة الرّقابة البطء في الاستجابة لطلبات الأهالي!.

تصل حتى جبل عيبال (الشمالي)... أو أخيه جرزيم/الجبل الجنوبي، تصعده على قدميك وتلمس كلّ حجر تقبّله، كلّ شجرة زيتون... تحتضنها.. تماماً كما تفعل في سيرك في جبال عمّان...ذات الطعم والرائحة العطرة والصلابة. تمسّي على النوابلسة السهرانين على شرفات منازلهم وأسطحتها في هذا الجوّ اللاهب. تنضمّ إليهم. تراهم ييمّنون شطر الشرق، يرنون بأنظارهم هناااك نحو الجبل الأخ الشقيق الحبيب(جبل عمان) وبعضهم نحو اللويبدة، وأخرون من رفيدبا نابلس نحو الصويفية عمّان ومن وسط البلد النحيل هنا إلى...إلى وسط البلد النحيل هناااك في عمّان..?وحدة حال. ياه كم يشتاقون هنا إلى شوارعها وأناسها هناك... وهنالك إلى مثيلاتها.. المعادن هنا... معادن الناس هي هي ذاتها هناك... معادن من ذهب في ندرة الذهب وصعوبة الحصول عليه وعلو قيمت.

في المساء تنزل... أو تطلع من مكان سكناك، فطبيعة المدينتين هنا وهناك، وهناك وهنا واحدة. الكلّ ينزلون معًا يطلعون معًا... طالع نازل... في ذات الوقت، لزيارة ما أو للبيات و وداع النهار.

تشتاق.. تحنّ.. فأنت هنا أو هناك، وبقيتك الأجمل هناك... عائلتك إخوانك أحباؤك.. طبيعة الجبال والوادي الضيق في المدينتين؛ تجعلك تشعر أحيانًا أنك هنا وأنت من هناك، أو أنك هناك وأنت من هنا.. من هنا.. من نابلس وأخواتها؛ يضرعون إلى المولى أن يحفظ الأمن والأمان في بلدهم.. الأردن. ومن هنا من عمّان وأخواتها يضرعون إليه سبحانه أن يحفظ أهليهم في فلسطين، يزيل الغمة عنهم لتعود مياه النهر تجري وسط الضّفتين حرّة غزيرة...عزيزة.

الرأي