قبل عام بثت قناة الجزيرة سلسلة حلقات عن أيلول وكان من ضمن ما بثته لقاء خاص مع قاتل وصفي التل .. أتذكر أنه قال بدمٍ بارد وعلى شاشة الجزيرة: «ولما أرب من باب الفندء خردئنا جسموا.. وأَوسّنا عليه»... وقتها (شوشت) تلك القناة على وجداني وتمنيت لو اني كنت خلف الكاميرا أو شاهدت ذاك المجرم.... وقتها وترت تلك القناة صفو مسيرة وطن ونبشت جراحه.

ما زلنا للآن نعاني من آثار تلك الحلقات وما زالت صورة قاتل وصفي بكل بشاعتها تنخر في ذهني وشرايين الفؤاد».

في الإعلام عليك أن تظهر الحقائق ولكن لا تفتح الجراح.. وما فعلته قناة الجزيرة انها لم تعد انتاج مسلسل وثائقي أو تاريخي.. بقدر ما أعادت انتاج تلك الأحداث... وكأنها تريد أن تعيد مشهد الدم من جديد

ساعتها لم تتحدث المؤسسة الرسمية الأردنية ولم تعترض الحكومة ومرّ الأمر عابراً فنحن وطن ندمل الجرح كلما حاول الأشقاء إعادة إحياء النزف فيه.

أريد أن أسأل مدير عام قناة الجزيرة أيهما أهون ذنباً أمام الله والبشر والعروبة والقيم الإنسانية تهمة باطلة (بالتشويش) على بث مباراة أم من يعيد إنتاج الدم والذبح.

على كل حال وطني بريء من تهمة التشويش تلك.. وما فعلته الجزيرة هو إعادة بث حلقات أيلول .. إعادة بث تلك الحلقات بشكل مختلف وجديد عبر خلق شرخ داخل المجتمع السياسي والمثقف في الأردن.. وللأسف نجحت في ذلك فضعاف الإيمان بالوطن والذين لم تؤلف قلوبهم بعد حملوا حجة الجزيرة وصاروا يطوفون بها في المجالس... وأما من آمنوا بالدولة فهم تحت الحراب دائماً.. ولا يحملون قميص عثمان بل يحملون رايتهم الوطنية وإرث دولة.. يشرق عليهم العسكر كل صباح كما تشرق الشمس.

حلال للجزيرة أن تخرج قتلة (وصفي التل)... ويقول ذاك المجبول بالغدر والخيانة: «خردئنا جسمه»... بالمقابل حرام علينا أن ندافع عن وطننا ضد الاتهمام والتهويش.

لو كان الأخ وضاح خنفر جالساً معي في اللحظة التي بثت فيها الجزيرة عن أحداث أيلول وشاهد الناس في قريتي (الربة) وهم يحشرون الدمع في عيونهم لحظة أن تفاخر ذلك القاتل بغدره وجبنه.. لحظة أن تفاخر بأنه قتل وجدان شعب لما تجرأ أصلاً.. على كيل ذلك الاتهام فنحن أوجاعنا نخفيها في الصدر بالمقابل تحقيقاتهم تنشر على صفحات (الغارديان).

أريد أن أقاضي خنفر شخصياً وقناة الجزيرة أيضاً على اخراجها قاتل وصفي التل على الملأ... بتهمة الإساءة لوجداننا واستفزازنا وذبحنا من الوريد إلى الوريد وبتهمة الإساءة لوحدة شعب وتفكير مسار المجتمع ومحاولة انتاج أحداث أيلول مرة أخرى.. ونريد أيضاً أن نسأل لماذا تم القبض على (رمزي بن الشيبه) مباشرة بعد مقابلة يسري فودة معه.. بالمقابل فقاتل وصفي التل حر وطليق.

فلنطمئن من يعمل في الجزيرة.. نحن لا نترك بلدنا ولا وطننا.. وقد عبر الأردن خطوط البارود والدم والنار وسيعبر افتراءات (الغارديان)... الأردن نحن معه ظالماً أو مظلوماً....

وطني لا يملك غازاً مسالاً ولا آبار نفط ولا مال كل ما يملكه في الحياة.. إنسان مغروس في أرضه.. وأغنية يتوارثها جيل عن جيل..

«أسود صباح العِدا يوم عليهم شين».

hadimajali@hotmail.com

الراي