facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القاضي فهد أبو العثم وحديث الذكريات


د. محمود عبابنة
03-10-2022 11:08 AM

تلقيت قبل أسابيع المؤلف الرابع لأستاذنا القاضي والكاتب فهد ابو العثم النسور، وقد أسعدتني الكلمات الرقيقة التي دبجها بخط يده كإهداء لي على الصفحة الأولى من مؤلف "حديث الذكريات في رحلة الأيام والسنوات"، ولقد عكفت على قراءة كتابه على الفور، لحبي وتقديري لهذا الرجل، ولإدراكي بتفرد وتميز أسلوبه في الكتابة التي جمعت بين القانون والأدب وتوثيق التجربة الشخصية في الحياة.

أن تكتب عن شخصية بحجم شخصية فهد ابو العثم المحامي والقاضي ومدير المطبوعات والنشر، ورئيس محكمة العدل العليا، ورئيس المحكمة الإدارية العليا في الجامعة العربية والوزير الأردني لوزارة الشؤون القانونية، بالإضافة الى اللجان التي ترأسها، هو أمر ليس باليسير والهيّن، ولن يتم انصاف أبو العثم بمقالٍ من بضع مئات من الكلمات، فعن ماذا نتحدث!! عن كتابه الأخير أم كتبه العديدة التي كتبها؟ عن ماذا نتحدث؟! هل نتحدث عن خدمته القضائية في مختلف مدن المملكة والقضايا والنوادر التي وثقها بالبينة الخطية؟ هل نتحدث عن خدمته القضائية في محاكم الكرك وإربد والقدس والمواقف الطريفة والحكيمة التي طبق بها القانون على أصوله.

القاضي أبو العثم الذي تكلل بلقب معالي الوزير، نتعامل معه بصفته قاضياً متميزاً بتاريخ القضاء الأردني، وهو اللقب الأحب الى قلبه، ويدين له القضاء الإداري في الأردن بالشيء الكثير، ليس لأنه كتب وألّف في القضاء الإداري، ولكن لقراراته الشجاعة لانصاف كثيرٍ من المظلومين، ومنها قراره بإعادة عدد من كبار موظفي الدولة الى عملهم، كقضية كريشان وعبيدات، والجندي الذي خاصم القائد العام للقوات المسلحة، والترخيص لصحيفة الميثاق، وإلغاء قرار مجلس الوزراء في ذلك الحين، وهناك كثير مما لا مجال لذكره في هذا المقال.

ما تتميز به كتابة أبو العثم بأنها كتابة موثقة بصور القرارات والتعليقات والدراسات، وما كان يقدمه أبو العثم من أفكار او اجراءات قانونية، أما ما يتميز به على المستوى الشخصي فهو حب الناس له، ولنتذكر ان احد اعضاء مجلس الاعيان، ينادي بأعلى صوت انه ضد جميع اعضاء الحكومة باستثناء توزير القاضي فهد أبو العثم، وها هو المرحوم ناهض حتر الذي كان شديد النقد للحكومة يقول أننا لم نحظى برجل بمقام فهد أبو العثم، ناهيك عن العرائض التي كانت تصل الى المجلس القضائي من المحافظات التي كان يخدم بها والتي كانت توجه للمجلس القضائي لابقائه قاضياً في مدينتهم.

اذا أردنا أن نصنف شخصية فهد ابو العثم، فإنها الشخصية القانونية التي غلبت على جميع المهن العديدة التي تقلدها، ويغلب عليه اسم القاضي العادل النجيب الجريء، بالرغم من انه كان وزير دولة للشؤون القانونية، وعندما اجتمع مندوبي الدول العربية في الجامعة العربية لاختيار رئيساً للمحكمة الإدارية العليا العربية، صوّت أغلبية المجتمعين للقاضي الأردني فهد أبو العثم نظراً لتاريخه وسمعته وسيرته الذاتية، وكان هذا التعيين مفخرةً للأردن ورجال القانون فيه.

كتاب "حديث الذكريات في رحلة الايام والسنوات" من الحجم المتوسط ويقع على حوالي 393 صفحة، وتوزعت صفحاته على 13 فصلاً، بالإضافة الى ملحق بالوثائق والصور، وتضمنت بأسلوب أدبي شيّق نشأة هذه الأيقونة القضائية الأردنية وذكرياته في مدينة السلط، ثم انتقلت به الى المراحل الدراسية ومنها مرحلته الجامعية في جامعة دمشق، عندما كان بالاضافة الى دراسته ناشطاً ومشاركاً سياسياً، بقي هذا الأمر حتى تعيينه قاضياً في المحاكم الأردنية، عندها قرر أن يكون قاضياً نزيهاً ومنصفاً وهذا يتحتم عليه مغادرة الجماعة السياسية التي كان ينتمي لها، وهذه إحدى قراراته المفصلية، بالإضافة الى قراره في مرحلة لاحقة وهو الاختيار إما بتقديم استقالته بسبب عودة شيك بلا رصيد قيمته 50 ديناراً، او بيعه قطعة الأرض الوحيدة له في عمان، حتى لا تتكرر هذه السابقة.

في مجتمعات عديدة ينشأ نوع من الكتابة اصطلح على تسميته بأدب القضاء، يكتبه قُضاةً طاعنين بالخبرة والحكمة، ويوثقون حياتهم المهنية بأسلوب أدبي شيّق، ولا يخلُ تاريخنا القضائي من هؤلاء، الذين كتبوا سيرتهم الذاتية وتجربتهم القضائية والقانونية، وأذكر منهم القاضي الفاضل ماجد ذيب غنما، ومعالي القاضي راتب الوزني، الذي أبدع في توثيق مذكراته في كتاب "من محطة عمان الى الوزارة ورئاسة القضاء".

مهما كتبنا عن هذه القامة القانونية العالية في التراث القضائي الأردني، فإننا لن نوفيها حقها، فنحن أمام شخصية قانونية قضائية ادبية ظهرت بأبيات الشعر التي يحفظها المؤلف وخطّها في كتابه وبأسلوب الكتابة القضائية التي وصفها أحد أبرز المحامين الأردنيين المرحوم (حنا نده) بأن قرارات ابو العثم مقطوعات ادبية قبل أن تكون قرارات قضائية عادلة وصائبة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :