facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صفقة قرنٍ صينية بين السعودية وايران


حسين بني هاني
12-03-2023 12:01 AM

بدت رعاية بكين، للاتفاق السعودي الإيراني، وكأنها صفقة قرنٍ صينية، واختراق سياسي كبير وهام، لها في الشرق الأوسط، وجاء الاتفاق بمثابة صفعة مدوية للنفوذ الأمريكي في المنطقة، رغم معالم الترحيب الأمريكي الخجول، الذي صدر عن البيت الأبيض، وقول الإدارة الامريكية انها مطلعة وبصورة كاملة على مجريات المحادثات والاتفاق.

الصين التي يتعاظم دورها في العالم، تريد على ما يبدو ان تقول لواشنطن بعد الاتفاق بين الرياض وإيران، ان الشرق الأوسط قد بدأ يتغير، وعليكم التكيّف مع التحديات الجيوسياسية في هذا القرن الجديد، وان نفوذها المتعاظم في العالم الثالث لم يعد اقتصاديا وحسب، وانما سياسياً بامتياز ايضاً.

ربما يُسعد واشنطن ان ترى تسوية بين طهران والرياض، تنهي ازمة اليمن، وتفك اسر الرئاسة اللبنانية، وتعيد التوازن الساسي في الساحة السورية، وتتخلص من إلحاح السعودية في الحصول على أسلحة نوعية، ولكن وفق الصحافة الامريكية، ليس عبر الرعاية الصينية وحدها.

لا اظن ان إسرائيل التي تعاني من ازمة سياسية خانقة، وضغط امريكي عليها، بسبب تصرفات المتطرفين في حكومتها، ستكون سعيدة ايضاً بهذا الاتفاق، بل تلقت كما قالت بعض صحفها، صفعة مجلجلة، اذ باعد الاتفاق نتنياهو وبشكل سافر عن حلمه الكبير، الذي بدأه اثناء حكم الرئيس ترامب، بإقامة علاقات كاملة مع السعودية، وجعل التكتيك الإسرائيلي بإقامة حلف دفاعي مع العرب، لضرب إيران، اضغاث أحلام توراتية، يستحيل تطبيقها على أرض الواقع، بعد هذا الاتفاق، وبعد ان لم يعد للرياض مصلحة سياسية في مثل هذا التوجه. وللتدليل على ذلك، فقد رأت صحيفة هاريتس، بأن هذا الاتفاق سيؤدي الى رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، وأن هذه الخطوة قد حطمت الحلم الإسرائيلي، في تشكيل حلف عربي ودولي ضد إيران، هذا علاوة على إعادة الحياة من جديد للاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران.

إسرائيل تدرك تعاظم دور الصين في المنطقة، على حساب النفوذ التقليدي للولايات المتحدة، وهي لا تبدو سعيدة ابداً بإعادة تركيب الهيكل السياسي الجديد فيها، على يد الإدارة الصينية، وخروج المنطقة من الشكل المتعارف عليه عالميا، والذي طالما ظل ردحاً طويلاً من الزمان، تحت الطاعة والوصاية الامريكية، تلك الطاعة التي بدأت ملامح التفلّت منها واضحة، بعد رفض الرياض زيادة انتاج النفط لتخفيض أسعاره عشية الحرب الروسية الأوكرانية، والحفاوة الكبيرة التي حظي بها الرئيس الصيني، خلال زيارته للرياض، قياساً بما حظي به بايدن خلال زيارته لها، وتعهّد بكين ببناء مفاعل نووي مدني سعودي، بعد رفض واشنطن لطلب سعودي مماثل.

أقول لمن لا يدرك عمق التحولات الجارية في المنطقة، ان الصين وبهدوء تام، تحاول ان تحتل المكانة الامريكية في الشرق الأوسط، دون ان تهدد او تتوعد احد، كما كانت تفعل واشنطن ودول الغرب، محمولة هذه المرة على عقم سياسات واشنطن فيها، ورغبة الأخيرة بالانسحاب منها تدريجيا منذ عهد أوباما، مستغلة (أي بكين ) ضيق العربية السعودية من سياسات الإدارة الامريكية تجاهها، خاصة بعد ان مسّت تصريحا بايدن اثناء حملته الانتخابية، اركان الحكم السعودي، وتوقفت عن تزويد الرياض بالسلاح، وهذا بالتحديد ما جعل صحيفة نيويورك تايمز تتحدث عن شروط سعودية "باهظة الثمن"، يجب ان تدفعها واشنطن قبل الشروع بأي تطبيع مع إسرائيل، تطبيع كان بود بايدن من خلاله ان ينال بموجبه الجائزة الكبرى، وأن يحقق إنجاز مدوياً، يعيده مرة أخرى الى سدة البيت الأبيض. فيما كان نتنياهو يود بالمقابل من خلاله (أي التطبيع) ان يتوّج كأحد ملوك إسرائيل، الطامحين لتدشين اول قطار بعد التطبيع، يربط السعودية مع حيفا، وقد بلغ الضيق الإسرائيلي من الاتفاق، حد وصفه بأنه "تعبير سعودي عن عدم الثقة في رؤية نتنياهو لعزل إيران"، بل وصفته يديعوت احرونوت بأنه "خطوة دراماتيكية تعبّر عن عدم الثقة بالقيادة الامريكية أولا وقبل كل شيء"، بل "بصقة في وجه إسرائيل"، وضربة خطيرة، لجهود نتنياهو لتوسيع الاتفاقات الابراهيمية.

ولم يكتف نفتالي بينيت رئيس وزراء إسرائيل السابق، بما ذُكر آنفاً، بل زاد عليه بأن الاتفاق هو "انتصار سياسي لطهران وضربة قاتلة لجهود بناء تحالف إقليمي ضد طهران"، فيما قال عنه يائير لبيد بأنه "انهيار لجدار بنيناه لمحاصرة إيران"، وان ثمة رؤية سعودية للمنطقة لملفاتها الإقليمية، تختلف جوهريا مع النظرة الامريكية فيها، وهذا هو بالضبط السوق السياسي الجديد، الذي بدا ان بكين قد تسللت اليه، ونجحت بالاستثمار فيه، مغتنمة غرق واشنطن في اوحال الازمة الأوكرانية.

في الختام، يبدو لي، ان رغبة السعودية في رعاية بكين لهذا الاتفاق، وللمحادثات الخاصة به، يعكس توجه سعودي، لوضع حد وفق مصالحها، للارتباط التاريخي الاستراتيجي مع واشنطن، وفق شروطه الامريكية المتعارف عليها بين الدولتين، والتي لم تعد تتوافق اليوم مع مصالح الرياض، خاصة بعد ان فتحت بكين لها، كل أبواب واشنطن المغلقة، لتلبية كافة مطالبها، وهو الامر الذي لن تغفر فيه واشنطن لبكين، وهي تعبر نفق العلاقات الامريكية السعودية الثابتة، والتي مضى عليها ثمانية عقود تقريباً، دون ان تجرؤ أي يد غربية او شرقية، من الامتداد اليها، كما انها لن تعد تنظر الى الخطوة السعودية بعد اليوم، بعين الرضا، وهي (أي الرياض) تحاول باتفاقها هذا ان تفك طوق العزلة عن طهران، التي بلغ تخصيب اليورانيوم لديها، نحو تسعين بالمائة، وبما يؤهلها لصنع سلاح نووي، تخشى فيه واشنطن وتل ابيب، مع مضي الوقت، ساعة الحقيقة الصعبة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :