facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الخدر الأخلاقي في موقف ألمانيا من فلسطين .. !


علاء الدين أبو زينة
24-08-2023 12:13 AM

من المفارقات أن الكثير من الدول تنظر إلى ألمانيا كمثال يُحتذى لمحاسبة الذات الوطنية والتكفير عن الأخطاء. وتبرز من بين هذه الأخطاء بشكل خاص المحرقة اليهودية “الهولوكوست”، على الرغم من تسبب ألمانيا النازية بمجزرة جماعية على مستوى العالم خلال الحربين العالميتين. وفي حين يرى البعض مبالغة في وضع عدد الضحايا اليهود لألمانيا النازية عند 6 ملايين، مات في العالم 60 مليون إنسان بسبب مغامرات ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. ولم تفعل ألمانيا شيئًا للتعويض عن 54 مليون من الضحايا الآخرين. وثمة الكثير من الدراسات التي تعقب أسباب ندم ألمانيا على استهداف اليهود بشكل خاص.

مهما تكن الأرقام الحقيقية للضحايا اليهود في “الهولوكوست” فإن أي إبادة جماعية هي من حيث المبدأ فعل مُستنكر يستوجب الشجب. لكن من منتهى الغرابة أن تكون الطريقة التي يختارها أحد للتكفير عن ارتكابه مذبحة هو بذل كل ما يستطيع لتسهيل ومساعدة مذبحة أخرى أشد وأنكى. وهذا بالضبط هو ما تفعله ألمانيا مع الصهيونية في فلسطين. إنها تعوض ضحيتها بالمصادقة على ممارسته دور الجزار. وتتفرد ألمانيا بين كل الدول الغربية الداعمة للمشروع الاستعماري/ الاستيطاني الصهيوني في فلسطين بأنها يُفترض أو تكون واعية، بسبب دورها الظاهر -لأنها الطرف المهزوم في الحرب- لما يعنيه استهداف مجموعة بالإبادة والإلغاء.

كانت المغالطة المنطقية والأخلاقية الألمانية هي اختيار التماهي مع موقف طرف يمارس الاحتلال على الأقل، كعمل غير قانوني ولا أخلاقي. وينسجم الموقف الألماني مع التناقض الأخلاقي لليهودية الصهيونية. ففي حين يجب أن تكون تجربة اليهود مع الهولوكوست دافعا إلى عدم تعريض أناس آخرين لنفس التجربة، جعلت الصهيونية من خبرة اليهود مع ألمانيا النازية ذريعة لتكرار الفعل النازي نفسه الذي تصفه باللاأخلاقية بطريقة انتقائية. وفي الحقيقة، لم تستعمر ألمانيا بلدا لليهود وتطردهم منه، ثم تمارس التطهير العرقي والإبادة في حقهم كما تفعل الصهيونية في فلسطين. كان اليهود ببساطة جزءا من الضحايا في جهد أكبر من الغزو وإلغاء الهويات.

يشير مقال نُشر في مجلة “تيارات يهودية إلى النفاق الألماني في مسألة التوبة والندم. ويقول كاتب المقال أن مشاعر الندم الألمانية “لا تمتد، على سبيل المثال، إلى الإبادة الجماعية التي ارتكبها الجيش الاستعماري الألماني في ناميبيا بين العامين 1904 و1908، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف. ‏‏ولم تعتذر ألمانيا رسميًا‏‏ عن تلك الأعمال الدموية حتى العام 2021 ولم ‏‏توافق على دفع‏‏ تعويضات لأحفاد الضحايا”. ويضيف المقال: “إذا كانت الهوية الألمانية الجديدة تقوم على عزل الهولوكوست باعتباره انحرافا مخزيا في التاريخ الوطني وتحاول إلغاءه بإحياء ذكرى رسمية له، فلن يكون هناك مجال كبير متبق لذاكرة العنف الاستعماري في الأساطير الذاتية للأمة”.

بعيدا عن التاريخ الاستعماري الألماني، ما تزال ألمانيا تشارك بأكثر من طريقة في المذبحة الصهيونية في حق الفلسطينيين. وكان من الممكن أن تستدعي ألمانيا خبرة الهولوكوست، لا كتبرير لمساندة الصهاينة، وإنما كتبرير عن عدم رغبتها المشاركة في أي هولوكوست، بما في ذلك مشروع إبادة الشعب الفلسطيني فيزيائيا وهوياتيا. لكن الندم الألماني غير صادق، ويُستبعد أن يكون ناجما عن غباء مطلق أو عدم دراية تاريخي بمشكلة فلسطين. إنه فعل غير أخلاقي محسوب –سوى أن موقف أوروبا التي تريد ألمانيا أن تكون قوة ريادية فيها لا يحاسبها على موقفها من الفلسطينيين، بل إن أوروبا تطلب المساهمة في تعذيب الفلسطينيين كشرط للتأهل لعضوية أوروبا.

الآن، صادق برلمان ألمانيا على قانون “معاداة السامية” ليعني أن أي انتقاد أو تناقض مع الكيان الصهيوني في فلسطين هو جريمة. وقد استشهدت شرطة برلين إلى مخاوف تتعلق بمعاداة السامية لفرض ‏‏حظر وقائي‏‏ على احتجاجات كانت تريد دعم الأسرى الفلسطينيين وإحياءً ذكرى النكبة الفلسطينية. وقد “‏‏اعترفت‏‏ الشرطة الألمانية بأن الذين اعتقلوا في الاحتجاجات المحظورة في العام الماضي تم استهدافهم لارتدائهم الكوفية الفلسطينية أو عرض ألوان العلم الفلسطيني”، وقف “تيارات يهودية”. وهذه ممارسة تتطابق بالضبط مع سلوك الكيان ضد الفلسطينيين في فلسطين المحتلة.

يستشهد المقال المذكور بدراسة تفيد بأن “تعبير الفلسطينيين عن الألم أو الصدمة التي عانوا منها بسبب السياسة الإسرائيلية يعني تدمير مستقبلهم في ألمانيا”. كما أن “الجسم الجماعي الفلسطيني مُصنف على أنه معاد للسامية وجوديا حتى يثبت العكس. وبهذا المعني، يكون للفلسطينيين أضرار جانبية للرغبة الألمانية المتزايدة في التطهر من معاداة السامية”.

في العام 2008، ألقت المستشارة الألمانية آنذاك، أنجيلا ميركل، خطابا في الكنيست الإسرائيلي، أعلنت فيه أن “ضمان أمن إسرائيل هو جزء من سبب وجود ألمانيا نفسه”. وبذلك تعلن ألمانيا نفسها عدوا صريحا للفلسطينيين، ولنفس فكرة التعبير عن الصحوة الأخلاقية بمناهضة أي فعل ينطوي على الاستهداف الجماعي بالإبادة لأي مجموعة بشرية. ويجعل ذلك ألمانيا أكثر الدول لاأخلاقية على الإطلاق، ويظهر أنها تعاني من خدر أخلاقي مؤذ ونوم مزمن للضمير.

الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :