دولة رئيس الوزراء المكلف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما وقد أولاك سيد البلاد ثقته الغالية حين كلفك بمهمة الولاية العامة في إدارة شئون البلاد والعباد، بعد أن نعق فيها الغُراب وعم فيها الخراب، وأصبحت مرتعا للكلاب والدواب من كل ضرس وناب، فاعلم أن عيون الأردنيين تتطلع إليك بمزيد من الترقب والحذر، بعد أن خبروا حكومتك السابقة وما تركته من أثر بالغ عليهم، دفع وما زال المواطن والبلد ثمن ذلك الكثير الكثير، أما وقد عدت إلى منصب المسئولية الأولى للمرة الثانية، فاسمح لي يا دولة الرئيس أن أهمس في أذنك ببعض النصائح، من مواطن غيور على الوطن والقيادة، حيث أن مهلة المائة يوم بات غير مسموح بها في عهد أي حكومة منذ الآن، لأن تلك المهلة هي التي دمرت البلد ومكنت الرؤساء والوزراء من العبث بمقدرات البلد في أقل من مائة يوم.
أما نصائحي إليك، فبعضها يتعلق بك شخصيا وتحديدا تلك المتعلقة بمسيرتك الأولى في وزارتك السابقة، وأما البعض الآخر فهو فيما يتعلق بقادم الأيام من مسيرتك التي لا أعلم كم ستطول ومتى ستزول.

أما الأمر الشخصي، فالكل يعلم أنك غادرت موقعك في الدوار الرابع تاركا خلفك ملفين شائكين، طالما تناولها الناس بمختلف أطيافهم ومواقعهم، تارة بالتلميح وأخرى بالتصريح.
الملف الأول، قضية الكازينو والتي أوسعها الناس والحكومات لطما وضربا، وبات مطلوبا من دولتك توضيح هذا الملف حتى وإن لم يتناوله مجلس النواب، وذلك لبيان الحقائق وكشف المستور، فإن كنت مخطئا فيها، فأمامك الآن فرصة للتكفير عن ذنبك وعما اقترفت يداك، فليس العيب الوقوع في الخطأ بقدر ما هو العيب التمادي فيه، وإن كنت بريئا تكون قد بيضت صفحتك أمام الله والتاريخ مما لحق بك من جور وظلم.

أما الملف الثاني، فهو قضية الإنتخابات المزروة والتي حدثت إبان حكومتك السابقة، والتي قيل فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، وكانت سببا في حل المجلس السابق الذي بالكاد أكمل الدبلوم في تحصيله، بعد أن فاحت رائحته بين الكبير والصغير وبات مضربا للسخرية بين الناس، وكلف المواطن والدولة الكثير من الأعباء والأحمال، حتى بات الوضع لا يطاق، مما حدا بسيد البلاد إلى إصدار أمره السامي بحل المجلس المزيف، أما وقد واتتك الفرصة للمرة الثانية، فالمطلوب منك هو التكفير عن ذلك الخطأ، من خلال تقديم قانون انتخاب عصري وشفاف، يساوي بين الجميع ويحقق متطلبات الشعب المكلوم، وعسى أن تختم مسيرتك بمجلس يذكر على مر التاريخ ولكن بالصفة الإيجابية.

دولة الرئيس،،،

أنا لا أطلب منك أن تحرر الاندلس بعد أن أصبحت ذكريات، ولا أن تعيد فلسطين التي لم تعد موجودة إلا في كتب التاريخ، كما لا أطلب منك أن تكون وصفي هذا العصر، فمهما حاولت فلن تكون، فالمسافات قد بعدت والحال قد تغير، فما عاد الرجال رجال، بعد أن تسيد الأمور الصلعان، وهبط على السياسة كل قرد وسعدان، ولكني سأطالبك بتحرير الأردن من كل اللصوص والمارقين وسارقي الأوطان، حتى لا يصبح الأردن في طي النسيان، فالطريق إلى التحرير يتطلب ما يلي:

أولا: الإبتعاد عن سياسة تدوير الكراسي وتوريث المناصب، والإنتباه إلى أن في الأردن أحرارا ثقات، عالمين ومتعلمين، مبصرين ومتبصرين، صحيح أننا أبناء حراثين، لكن قلوبنا مع الوطن وعليه، ومع القائد وله، وما مدت أيدينا يوما ما إلى خزائن الدولة ومال السحت، حريصون على القيادة والشعب، أكثر من أولئك الصعاليك مدعي الوطنية الزائفة، الذين انتماؤهم يكون بقدر ما يحلبون من الوطن، وفي نهاية المطاف يلقون به كزجاجة خمر فارغة على قارعة الطريق.

ثانيا: لابد من إعادة النظر في كافة التعيينات في كافة المواقع التي تمت في عهد الحكومة السابقة، والعمل على إقصائها من مواقعها حتى وإن كانت نظيفة، لأن ولاءها لن يكون للوطن بقدر ما سيكون لمن أولاها تلك المناصب، وحتى تقطع الطريق على من عينهم للولوج اليك من خلالهم.

ثالثا: مع التأكيد على ضرورة فتح ملفات الفساد كافة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة والكافية لإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة مهما كلف الأمر ذلك، وباعتقادي أن هذا الامر يتطلب التحقيق مع الكثير ممن تسيدوا شئون الدولة يوما ما، مهما علت مواقعهم ومناصبهم، فأنت اليوم مسنود بالدعم الملكي المطلق ومن خلفه شعب وفي مستعد لتحمل المزيد من الأعباء والتبعات في سبيل إحقاق الحق ودحض الباطل.

رابعا: حتى أصدق انا شخصيا، ويصدق معي الأردنيين جميعا أن هناك نية للاصلاح، فلا بد من العمل على إعادة تأميم ممتلكات الوطن التي تم بيعها بأبخس الأثمان، وتحديدا شركات الإسمنت، الفوسفات، البوتاس، الإتصالات، الكهرباء، العقبة، العبدلي، دابوق، وغيرها من أموال الخزينة المسلوبة عن طريق الخصخصة المزعومة،وهذا إجراء تتطلبه الضرورة الملحة قامت به بريطانيا في ظل الازمة العالمية، حتى نبقي على الوطن قائما بدلا من أن يصبح ذكرى على الخرائط فقط.

بذلك فقط أصدق أن هناك إصلاحا، وأن ما زال هناك رجال عازمون وقادرون على الإصلاح والتصدي لكل مفسد وفاسد، وبعكس ذلك كله دون بعضه فلن يخرج الأمر عن كونه تلبيس طواقي وتأجيل نعي وطن....وللحديث بقية.

kalilabosaleem@yahoo.com