facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السنة الحمراء


محمد العامري
04-12-2023 12:08 PM

اقتربت السنة من نهايتها والوردة لم تزل تخرج من الردوم، كأننا نسقي ما عطش من التراب بالأحمر القاني، صورة حمراء من غير سوء، طفل يصرخ كرجل ناضج ويقول "ليست مشكلة فليضربوا ما شاء لهم من اللحم والأمكنة" فالبيوت في حقائبنا والأمل لم يزل ينبت تحت جُدُر الاسمنت، فكان السرير الذي يعتلي الردوم، ورجل ينفث سيجارته ويضحك من سوريالية الموت الغزّي، موت لا يشبه الموت أبدا، كأننا ما بعد الحرب التي نعرفها، وعالم أبكم لا يريد مشاهدة وضوح الأجساد الملقاة على الطريق وبين الركام، عالم لا يريد سماع الأم التي تنادي في عتمة الردم على بنيها، ما الذي يحدث في عالم الديمقراطيات الرث والتشدق بحقوق الإنسان ومؤسساته التي تحنو على الكلاب بأنواعها، جمعيات تشعل الميديا من أجل كلب ولا نسمع لها صوت تجاه صرخات الضحية، أعتقد أنهم يخافون انقطاع التمويل وانقطاع أرزاق القطط والكلاب علما أنني من أكثر الناس محبة للخيل والكلاب، لكنني أبكي من أجل تلك اليد التي قفزت مقطوعة في الهواء، يد تلوح لوجه الموت والحياة، أنهم يحلمون بوطن فيه من الأشجار ما يكفي لدرء صهد الشمس، وقليل من الكاز للشتاء القاسي، يحلمون باحمرار المدفأة وهي ترسل دفئها إلى وجوههم الضاحكة.

سنة لا يمكن أن تتحسس صورة تلك الطفلة القابضة على دميتها بين الركام، وأخرى تحتضن قطّتها الكسولة بحنو غريب، كان فرو القطة ربما يعطيها قليل من الأمل الساخن، هي الحرب لا تبقي ولا تذر، احتراف الإبادة في منهج التلمودية البغيضة، تلك الصهيونية التي عاشت بوجودها على الدم والكذب، كمنهج وجود، هل يستطيع مثلا أن يبكي نتنياهو لا أعتقد ذلك فقد نُزِع منه البكاء تماما، فصار ذلك الوحش المحتشد بصور القتلى الأطفال، وتحول إلى كابوس يرتدي بزته السوداء التي تشبه قلبه، فالعدو لا يبكي أبدا، لكن غزة لم تزل تنتبه إلى وردة نبتت بين الركام، غزة صورة الأمل القريب والبعيد، شمس تشرق من نفق مضاء بالعزيمة والقوة.

مع اقتراب نهاية السنة، تحديدًا في يوم رأسها الأحمر، كان الدم قد جرى كنهر يغزو اليابسة، دم سقى سنبلة كانت تنام في رحم الأرض، قد تحبل الغيمة السوداء بقنبلة لكن أهل غزة يحملون وفي أرواحهم سقيا الأرض وضوء النهار، هي غزة حيث انطفاء القنبلة في جوف الوردة.

يقول محمود درويش في غزة:
تحيط خاصرتها بالألغام.. وتنفجر.. لا هو موت.. ولا هو انتحار
انه أسلوب غـزة في إعلان جدارتها بالحياة
منذ أربع سنوات ولحم غـزة يتطاير شظايا قذائف
لا هو سحر ولا هو أعجوبة، انه سلاح غـزة في الدفاع عن بقائها وفي استنزاف العدو
ومنذ أربع سنوات والعدو مبتهج بأحلامه.. مفتون بمغازلة الزمن.. إلا في غـزة".

قد تعصف ريح عاتية، لكن أذرع الخيمة أقوى من تلك الريح، أوتادها من بارود الانقياء، وسماؤها زرقاء من غير سوء.

قد تقذف حممها في جو الغرفة، قد يتساقط لحم في كل مكان، وقد يكون للسرير المغطى بالدم مساحة لعرس محشو بالزغاريد، ذاك القابع فوق الركام، ينظر بسخرية إلى عالم مسور بالكذب، ربما يشْتمُ الدخان الأسود الذي يحجب عنه حديقته البيت.

مع اقتراب النهايات، تزداد وتيرة النار ويصبح الموت عادة يومية في غزة، ستكتمل السنة برأسها المضرج بالدم والقتلى، ستعلو هامة الاهازيج القريبة من سور غزة، لكن الوقت لم يتأخر بعد، رغم ثقل الانتظار، فالمنزل المردوم سيعود كما كان بأشجاره وزيتونته الرومية، وإن تأخر الوقت، لا بأس حتى لو كان الحلم هناك، سيعود الاب وفي قبضته المذياع وهو يسرد حكاية الشمس التي أشرقت من نفق عميق يضيء ظلمة الأرض.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :