facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تذهب النجاحات المؤقتة .. وتبقى المصداقية


محمود الدباس - ابو الليث
10-12-2023 11:19 AM

في التسعينيات.. امتلكت سيارة من نوع اوبل سكونا.. وكانت بمثابة الطائرة الخاصة لي.. فهي التي تقلني وتؤدي احتياجاتي.. وفي يوم تعطلت بشكل غريب.. وارسلتها الى الميكانيكي تلو الميكانيكي.. ولم يعرفوا علتها.. وسيطر تعطلها على تفكيري واثر على حياتي..

شكوت لكل من هم حولي عن حالتها وعجز الميكانيكية عن اصلاحها بشكل تام..

وفي يوم قال لي زميل انه سمع عن ميكانيكي في منطقة ماركا مختص بسيارات الاوبل.. وفعلا قصدت ذلك الميكانيكي.. وحين وصلت إليه في الصباح الباكر.. وجدت يافطة على باب الكراج مكتوب عليها.. تصليح سيارات اوبل "فقط".. وعرضت عليه مشكلة السيارة.. وباشر بالفحص..

اثناء ذلك اذكر ان سيارة فارهة من نوع مرسيدس بلوحة سعودية توقفت باب الكراج.. واستنجد سائقها بصاحب الكراج.. قام ذلك المختص على الفور.. وطلب منه ان يبعدها بضع امتار عن باب الكراج.. وقال له لا نصلح الا سيارات اوبل.. وحين توسل سائق المرسيدس وقال اعطيك ما تريد لاصلاحها.. عاد بنفس الجواب.. وقال له ادلك على صديق يصلحها.. واتصل بصديقه وحضر الى الساحة الجانبية حيث السيارة.. وقام باصلاحها بشكل سريع.. وذهبا..

قلت لمختص الاوبل.. لماذا لم تقم بهذا العمل الذي بدى بسيطا وتاخذ اجرتك بشكل وافي؟!..

رد عليّ.. اتفق معك بانني سأصلحها.. وسآخذ مالا كثيرا.. ولكنني سأفقد مصداقيتي باعلاني انني لا اقوم باصلاح اي سيارة غير الاوبل.. وستتغير نظرة كل من يعرفني ويثق بكلامي.. وبالتالي لن استطيع ان انظر بعين كل من يعرف مبدأي في العمل..

هذه الحادثة التي شهدتها بام عيني.. اثناء اصلاح سيارتي بشكل كامل.. تركت في نفسي وتركيبتي شيئا كبيرا وعميق.. وتعلمت من ذلك الميكانيكي كيفية بناء السمعة والثبات على المبدأ.. وعدم قول مالا نفعله.. مصداقا لقول رب العزة مخاطبا المؤمنين "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ"..

للاسف الشديد.. نشاهد ونسمع الكثيرين ممن يتنطعون ويتشدقون بالكثير من الامور وركوب موجة المبادئ.. ويثقلون انفسهم بأمور ليست من دواخلهم.. ويلبسون ثوبا او اثوابا ليست لهم.. وعند ابسط المواقف -لا اقول الامتحانات- تجدهم يتخلون عنها.. طلبا لنجاح سريع.. او لاثبات وجود.. او احيانا مناكفة لغيرهم.. ولا يعلمون ان هذا كله سرعان ما يزول.. وتبقى تنطعاتهم وتشدقاتهم واكاذيبهم شواهد عليهم.. وبالتالي سيسقطون من اعينهم حين يواجهون انفسهم بالحقيقة قبل عيون من يعرفونهم.. ويكفيهم ذلهم امام انفسهم حين يضعون رؤوسهم على وسائدهم.. ويراجعون افعالهم.. إن كانوا صادقين مع ذاتهم.. وممن يعملون جرد حساب لافعالهم..

في الختام اقول.. بئست تلك الشخوص الكاذبة.. وتلك النفسيات المهتزة المريضة.. وهزلت تلك النجاحات المؤقتة التي ثمنها التراجع عن المبادئ والقيم الفضلى..
وليتنا نتعلم من ذلك الميكانيكي البسيط معنى الكلمة التي يقطعها احدنا على نفسه.. والمبدأ النبيل الذي ننعت انفسنا باننا اهل له.. وعدم التنازل عن قيمنا واخلاقنا لكي نحظى بتصفيق.. او حصد لاعجابات ومشاهدات.. او صعود درجة نظنها صالحة وهي مكسورة.. ستترك بصمتها السلبية على تركيبتنا وكياننا.. وتجرنا للوراء على الاقل امام ذاتنا عاجلا قبل آجل..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :