أتيح لي أن أعود إلى قريتي بشرى بمحافظة أربد ،لأشارك أبناء بلدتي احتفالاتهم بعيد ميلاد القائد ، فالمشهد الذي شاهدته في احتفال عشيرتي التي أكبر وأعتز بها ، كان أجمل صورة رسمها معشر قومي ، من خلال إنضوائهم تحت مظلة النخوة والشهامة الاردنية الدعامة للوطن والقيادة، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والفكرية والحزبية .

بشراك يا بشرى ، فقد وقفت النشميات من بنات عشيرتي جنبا الى جنب ، مع الرجال الرجال بكل ثبات ، مستمد من ثبات ذلك الاطار الجماعي الذي يخيم علينا ، ليؤكدوا جميعا انتمائهم للعشيرة ، فهذا الانتماء اثبت على الدوام انه ينبع من ثبات ابناء الوطن لبلدهم ومجتمعهم، المستمد من منظومة أن النظام يقوى بالعشيرة .

فالعشائر الأردنية ، لم تكن في يوم من الايام عبر تاريخ الدولة الأردنية موضع خوف ، بل مشهود لها أنها الحصن المنيع والسياج الحامي للوطن والديار ، فقد خط التاريخ الاردني أجمل القصص ، التي أثبتت ذلك الإنصهار ما بين العشائر والنظام ، فلم يبخل أبناء الأردن عن مساندتهم لبلدهم ؛ فقد كانوا على أهبة الاستعداد لتلبية نداء الواجب للدفاع عن مسيرة الوطن .

العشيرة قوة ، ولا يمكن أن تكون الا مع الوطن ، وقد فشلت كل الممارسات التي تحاول الحد من تاثيرها داخل المجتمع ، وتراجعت الأصوات التي تخرج من هنا وهناك لإنهاء العشائر ، وأضعاف دورها الوطني .. وإزالة الاسم الرابع في محاولة لطمس الهوية ، والتقليل من الاعتزاز بالعشيرة .

واتساءل : هل منع أرتداء الشماغ الاحمر - الذي شاع بيعه في الدول الاوروبية - لطلبة الجامعات سيلغي الانتماء والاعتزاز بالعشيرة .. وأن شطب الاسم الرابع سيمحي العشائرية ، في وقت ما زلنا نذكر فضائل العشيرة ، واهمها الدور الذي قام به القضاء العشائري وساهم في ايجاد الحلول للكثير من المشاكل داخل مجتمعنا الاردني .

.. واقول :ما أحوجنا الى العودة إلى العشيرة ، خاصة في ظل الزلزال الذي يجتاح المنطقة العربية هذه الايام ، ولا نعرف من يحركه ، وما هي مراميه ، وما أحوجنا الى العشائرية الضامنة للامن والاستقرار ، وليس الى النعرات الاقليمية التي تفتت من نسيجنا الاجتماعي ، ما احوجنا الى ملاذ آمن لحياتنا، نرسخ فيه قيمنا العربية الأصيلة ، التي ورثناها عن الاجداد والآباء ، وصولا الى المشاركة في عملية الاصلاح ، ومحاربة الفساد ، الذي أصبح آفة اجتماعية تحتاج من الجميع الى الوقوف بوجهه بحزم وقوة .

سلام على وطني الذي نحب ، سلام على الاردن، موئل الأحرار... سلام على ارض بشرى ، التي تحتضن أجساد أبنائها الأوفياء ، وسلام على روح والدتي ،التي أودعتها قبل أيام في أحضان ترابها.


Jaradat63@yahoo.com