facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القطبية العالمية والتعددية السياسية


د. محمد العزة
14-04-2024 01:38 PM

حالة الأقطاب أو القطبية حالة كونية مثبتة علميا ، نعيشها ونتأثر ونشهد انعكاساتها علينا سلبا وايجابا ، والحديث هنا عن القطبية الجغرافية شمالا وجنوبا ولعله في الآونة الأخيرة كنا نسمع عن اختلالات تلك القطبية وآثارها على كوكبنا في مجالات المناخ وتسببها بظاهرة الاحتباس الحراري والفيضانات والجفاف وغيرها من الكوارث الطبيعية التي شهدها العالم بأسره ، وان كنا في المنطقة العربية الأقل تأثرا وتأثيرا عليها وفيها لأسباب عدة ، لكن إذا ما تتبعنا الآثار السياسية والاقتصادية على منطقتنا العربية التي أنتجتها تلك الدول والقوى السياسية التي تسببت بذلك الاختلال والاعتلال في تلك الحالة الكونية ، هنا فأننا نتكلم عن القطبية العالمية السياسية التي لم تغب يوما عن وطننا العربي وجغرافيته وخليجه وجزره وبحاره ومحيطاته ، بل هو في قلب وصلب التيارات والمجالات لتلك الأقطاب ، ولن نتعمق في سردية تاريخية عن سجل من اعتلوا سيادة تلك الأطراف أو الأقطاب ، بل ما يهمنا هو كيفية الاستفادة من أرشيف ماضيه وكيفية إدارة حاضره في التعامل مع صراع الأقطاب وملامح مستقبل التحالفات ومواقع مراكز القوى والقرار .

منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ومنطقتنا العربية تعيش اسوء انواع أثار القطبية السياسية عليها ، فهي الاسوء دموية والاكثر اقتصاديا سيطرة واجتماعيا سلبية ، وكيف هذا ، حيث لم تتورع الأقطاب التي تقلبت وتنوعت غربا شرقا شمالا جنوبا ، في نشر تياراتها وبناء تحالفاتها على كل ما يتاح لها من أدوات يخدم ديمومة بقائها في مواقعها وخدمة مشاريعها التي في أغلب طابعها ذات النزعة الاستعمارية ، سواء كانت دينية أو فكرية أو تاريخية أو عرقية أو اقتصادية وغيرها ، ومن شواهد العصر كنموذج لتلك الظاهرة وهو الأشهر كقطبية الشرق والغرب ، الدب الروسي والذئب الغربي والأمريكي ، اللذان إداروا قرص صراعمها العالمي وصبوا تركيزه على هذه المنطقة التي عانت منه ويلات وحروب ونكبات ونكسات وانشقافات ونزاعات وميلاد هويات أضاعت طريق هذه الأمة وتعددت فيها الطرقات.

لم يستفد الوطن العربي في اتخاذ نموذج مستوحى من بيئته الطبيعية يحميه من هذا الصراع الا نموذج وداعة الحمل وصبر وتحمل الجمل ، فما كان إلا وان اوغل الاستعمار الإمبريالي سكينه في دمه وارضه ليزرع فيه احتلال و ساحات صراع واقتتال ، وصناعة طوائف وجماعات دينية وعقائدية وعرقية تحمل كل منها هوية فرعية ابعدتنا وسلختنا عن اصلنا واصولنا وعاداتنا واعرافنا العربية فصرنا اعرابا لا تجيد الا أن نتقاتل لإرضاء تلك الأقطاب ، والتاريخ يشهد فلقد قدمنا على مذابحهم آلاف من الشباب العربي في أفغانستان والعراق وسوريا تحت راية الجهاد الاسلامي المسيس ، بحجة محاربة الديكتاتورية ورفع الظلم والمظلومية ونشر ثقافة الديمقراطية والحرية ، ومجابهة القوى الظلامية الاستبدادية ، والتي لم نلبث أن نستيقظ من غفلتنا واذ لنكتشف أننا كنا هواة أداة لمشروع ضد مشروع وبدلا من أن ننال حريتنا صرنا أسرى لما صنعوه من تلك الأدوات والجماعات التي أوجدت كحق أريد به باطل ، وبدلا من أن نحارب أعداء هذه الأمة ، ونوجه بوصلتها نحو قضيتها المركزية القضية الفلسطينية ، نذهب اليوم إلى خنادق المحاور ، وحرب الوكالات وفن الشعارات وكيل الشتم وتوجيه الاتهامات وشق الصفوف وتعزيز الانقسامات ، والسماح لادوات لتلك القوى المتصارعة على ثرواتنا وارضنا وتدنيس مقدساتنا بأن تنزع الثقة في أنفسنا في ما بين شعوبنا وقياداتنا والنيل من قدراتنا من تحقيق نهضتنا ووحدتنا وجعل الأولوية لمصالحنا من ثم الآخرين ، الذين لن نبادلهم نفس السلوك في العقلية والمنهجية والعنجهية ، لأننا أمة وسطا وتقع جغرافيتها في قلب العالم مما يجعلها مركز الاتزان وليس قطبا اذا اختل أو شذ صار علة في الانحراف والشحن والاحتقان .

على المستوى العام يمكن لهذه الأمة بما يجمعها من قواسم مشتركة لغة وعروبة ودينا ووحدة جغرافية أن تبني نهضتها وتصنع قطبها القادر على تحقيق مصالحه والدفاع عن سيادته والوقوف ندا لمخططات تلك القوى السياسية القابعة على الأطراف الدائبة على زعزعة أوساط هذا العالم وتقطيع أوصاله ، وخاصة في حالة القطب الأوحد الذي هو اشد واخطر انواع الاختلال والتأثير السلبي على الاستقرار السياسي والسلم العالمي.

أردنيا ومما نراه وعهدناه وخبرناه من قيادتنا الهاشمية الحكيمة من توازنات واتزانات في إقامة العلاقات الدبلوماسية والمواقف التي تتطلبها من الاردن الذي يملي عليه الموقع الجيوسياسي بأن يتخذها بما يخدم مصالحه الوطنية العليا والعربية ،وعلى رأسها القضية الفلسطينية وفي ظل حالة الوضع العربي الذي نعيش ، فإنه يتوجب علينا أن نرفع شعار الاردن اولا ثم اولا لنفسه وتنميته ومنعته وقوته ودعم اقتصاده ومواطنه وتحسين معيشته والتأكيد على رفاهه ثم أمته حيث لم يبقى سواه قلعة في الصمود وثغرا حارسا للحدود ، وصخرة تكسرت وتتكسر وستتكسر عليها بمشيئة الله مكيدة ومخططات كل حاقد عدو لدود.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :