عمون - بدعوة من إدارة معرض تونس الدولي للكتاب، يشارك المسرحي والروائي الأردني هزاع البراري في ندوة " المسرح والتغيير الثقافي " التي تقام ضمن البرنامج الثقافي للمعرض في العاصمة التونسية، بمشاركة المسرحيين التونسيين معز العاشوري ومحمد مسعود إدريس وأنور الشعافي، وقدم البراري ورقة في الندوة مستعرضا فيها دور المسرح وقيادة دفة التغيير الثقافي من بدايات المسرح اليوناني حتى ويومنا هذا، رابطا قوة التغيير باتساع مساحة تأثير المسرح في المجتمعات، ويبزر في ورقته دور المسرح العربي منذ نهايات القرن التاسع عشر في بعث قوى التغيير الثقافي في المجتمعات العربية، وقيادة حركات التحرر والاستقلال، ونهوض المشروع الثقافي العربي، وما يعانيه المسرح من صعاب ومعيقات أثر على فعالية دوره في مراحل زمنية معينة.

ويرى أنه يمكن للمسرح ممارسة دوره في التغيير الثقافي الذي يلامس جميع الكونات الأخرى مثل التغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، إذا كان قادرا على إحداث التأثير في المجتمع أولا ومن ثم تحقيق التغيير المطلوب لاحقا، وحتى يكون ذلك على المسرح أن لا ينفصل عن الواقع، وأن لا يبتعد عن حياة الناس ومشاكلهم اليومية وقضاياهم العامة، وأن لا يكون في الوقت نفسه رهينة لعكس هذا الواقع كما هو دون قيادة حركة التغيير الثقافي أو المساهمة فيها بشكل مباشر.

ويؤكد البراري أنه رغم ارتبط المسرح منذ النشأة بالنخوبة، النخبة التي تعمل وتنتج العرض المسرحي، والنخبة الأوسع التي تتلقى العرض المسرحي، وبما أن النخب عادة في من تتولى ترجمة أي تغير في مجتمعاتها إلى حالة تتحرك على الأرض، فهي غالبا المستهدفة في مقولة العرض المسرحي وتأويلاته، وكلما اتسعت مساحة النخبة في أي مجتمع كلما كانت وتيرة التغير الثقافي أسرع وأكثر تأثيرا، وقد أسهم التعليم باعتباره حق لكل فئات المجتمعات في توسيع لمفهوم النخبة من هذه الناحية، وبالتالي جعل للمسرح ميدانا رحبا في إحداث ما يصبوا إليه من تغيير ثقافي، يشمل النظرة للحياة والمستقل، وتطوير القيم والتوجهات المجتمعية، وهضم أكثر للتراث واللغة والأدوات والعادات الراسخة، لتحويل كل ذلك إلى عوامل دفع لتغيير ثقافي إيجابي قادر على قيادة المجتمعات إلى واقع ثقافي وحضاري أفضل.