هآرتس : لا نريد السلام مع جيراننا
07-05-2011 07:28 AM
يدعو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أبو مازن الى 'الغاء الاتفاق مع حماس في الحال وأن يختار طريق السلام مع اسرائيل'. ولما كانت 'طريق السلام مع اسرائيل' غير موجودة في الواقع، فانه يجب ان نقرأ نص نتنياهو بالعكس: 'أدعو أبو مازن الى التوقيع على الاتفاق مع حماس في الحال'. لماذا يدعو أبو مازن الى التوقيع في الحال؟ لان هذا اتفاق يخدم التصور العام الحقيقي لنتنياهو الذي لا يُقال لاسباب دبلوماسية.
يقول نتنياهو بعد ذلك: 'الاتفاق بين أبو مازن وحماس يضر ضررا شديدا بمسيرة السلام'. ولما كانت لا توجد 'مسيرة سلام' في ولاية نتنياهو هذه فانه ينبغي لنا ان نقرأ هذه الجملة ايضا من أسفل الى أعلى: 'الاتفاق بين أبو مازن وحماس يُسهم اسهاما حاسما في عدم وجود مسيرة السلام'.
وعندما يقول نتنياهو: 'التوقيع اليوم في القاهرة ضربة شديدة لمسيرة السلام'، فانه يقول في واقع الامر: 'التوقيع اليوم اجراء مبارك لتثبيط مسيرة السلام'. وعندما يقول 'اسرائيل ما زالت تؤيد السلام وتريد السلام'، فانه يقصد ان 'اسرائيل ما زالت لا تؤمن بالسلام وترفض السلام'. وعندما يقول 'نستطيع احراز سلام فقط مع جيراننا الذين يريدون السلام'، فانه يقصد 'أننا لا نريد احراز سلام مع جيراننا الذين يريدون السلام'.
يقول نائب وزير الخارجية، داني أيلون: 'من الواضح اليوم ان السلطة هي الجانب الرافض للسلام'. ولما كان ايلون غير معني بالسلام البتة، أي ان ايلون رافض للسلام، فينبغي لنا ان نقرأ كلام ايلون ايضا بالعكس: 'من الواضح اليوم ان السلطة ليست هي الطرف الرافض للسلام'.
بعد ذلك يضيف ايلون قائلا: 'تفضيل السلطة لحماس على التفاوض مع اسرائيل ضربة شديدة لاحتمالات تقديم المسيرة السياسية مع الفلسطينيين'. لكن لما كان ايلون غير معني بـ 'مسيرة سياسية مع الفلسطينيين'، فيجب ان نقرأ نصه على النحو التالي: 'تفضيل السلطة لحماس على التفاوض مع اسرائيل مجدٍ جدا لتثبيط احتمالات تقديم المسيرة السياسية مع الفلسطينيين'.
هذان مثالان فقط يمثلان صورة إحداث الكذب لدعم حقيقة داخلية لا تُقال. إن الناس المسؤولين عن تخطيط الواقع في اسرائيل يخلقون وهماً عمله أن يخفي تفكيرا أصيلا يخشون التصريح به. هذه نصوص اشخاص مصابين بالخوف والضعف. فبدل ان يقول نتنياهو انه غير معني بمسيرة سلام مصحوبة باعادة مناطق وحل المستوطنات يصف وهماً ما هو 'طريقة سلام اسرائيل' ـ يفترض ان ينتقض في أعقاب ذلك الاتفاق.
ومثله ايضا نائب الوزير ايلون: فبدل ان يقول بصراحة انه لا يريد أي اجراء مع الفلسطينيين، يوجد 'مسيرة سياسية' وينقضها في خلال اثارتها. ترى حكومة اسرائيل الاتفاق بين فتح وحماس عملا ايجابيا جدا لان فرض انطلاق الحكومة هو انه لا حاجة أو لا ارادة للتوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. ولما كانت لا توجد حاجة أو ارادة فكل عمل فيه ما يؤجل المسيرة ويُعرضها للخطر يخدم المصلحة الاسرائيلية في ظاهر الامر. يمكن على هذه الخلفية ان نفهم الهستيريا التي تصيب حكومة اسرائيل، انها ليست هستيريا بالمعنى التقليدي وهي خوف لا يمكن التحكم به بل هي صيحات فرح متنكرة بلباس الصدمة والدهشة بسبب عدم وجود اشخاص أقوياء.
من المثير للعناية أن واحدة من الحكومات الأكثر يمينية وقومية في تاريخ الدولة هي واحدة من الحكومات الأجبن والأضعف فيها.
* افتتاحية هآرتس الجمعة ..
الترجمة ليومية القدس العربي ..