فاجأنا رئيس الوزراء معروف البخيت بتلك الحدية والجدية ، التي أطل بها علينا في ذلك المؤتمر الصحفي الذي ترجم فيه غضب حكومته على قرار رفض السجين الفار" بإرادتها "، العودة إلى أرض الوطن .. الذي من الأصل يجب أن لا تجيز الحكومة والأنظمة والقوانين بمغادرته البلاد تحت أي ذريعة وحجة ، والحفاظ على حياة من لم يحافظ على الوطن ومصالحه وأمواله .
وصل الغضب بالبخيت ، إلى تناسي الموضوع الأساس ، وحَرف النظر عنه إلى قضايا أخرى جانبية ؛ فتارة يتحدث عن "الأطباء الذين صعدوا إلى الشجرة ، ولم يعرفوا كيف ينزلون عنها " .. وتارة يتحدث عن فساد الإعلام "الذي يقدره ويحترمه" ، وعن شراء ذمم بعض الإعلاميين الخارجين "خارج الطيف" ، متناسيا من أفسد هؤلاء .. لا بل وصل به الأمر أن أقسم وهدد بتحويل كل من يدعي بالقول عن الفساد إلى المدعي العام ، وكلها مواضيع شتت عن الموضوع الرئيس " سر تهريب و تسفير السجين شاهين "، ومن سهل له الهروب ، وما الغاية من الإسراع في إخراجه من البلاد ، والتي لم تعرف لهذه اللحظة ، وما هي المهمة التي ذهب لانجازها هناك !! .
هل المقصود من تهديداتك يا دولة الرئيس أن يصبح كل مواطن مدعي عام وظيفته تقصي الجرائم والبحث عن الأدلة وفق قانون اصول المحاكمات الجزائية ، فيتمكن من التحدث دون خوف ، والا سوف يحال الى المحاكم ، وبالتالي تصبح شبهة الفساد من المحرمات التي لا يجوز الخوض فيها والا سيسكن من يفتح فمه في فندق سلحوب.
وهل المقصود من كلامك ، إن نفذت تهديدك أن ترفع الغطاء عن حرية الرأي ، وتحد من سقف الحرية لتصبح سقفها سقف الغرفة التي نقطنها ، وننسى سقف السماء الذي حدده لنا سيد البلاد.
وبعنفوانه خالف الرئيس الدستور ، بإعلانه عن قبول استقالة وزيريه المستقيلين قبل صدور الإرادة الملكية السامية ، حسب نص المادة ( 35 ) التي تمنح الملك حق تعيين الوزراء وقبول استقالتهم ،بناء على تنسيب رئيس الوزراء ، و"استأسد" علينا نحن الشعب الذي نهب أمواله السجين الفار ؛ وترك بلا عقاب ، لا بل كوفىء بالسفر إلى خارج البلاد لتلقي العلاج ، كما يقال !.
وهددنا البخيت .. "شو هالشدة يا جدة " .. !! شو بتضحك علينا .. وفر تهديداتك وقسمك إلى ذلك الفاسد الهارب .. ولا تستقوي على مالا ذنب له ، ولا يمتلك سوى لسان يفضفض به عن غضبه ، لما يدور حوله من أمور غير مفهومة تدور من حوله .
ولان الحكومة لم تلعبها صح .. لا بل كانت لعبتهم مكشوفة .. تناست القضية الأساسية وتوجهت إلى قضايا أخرى أقل أهمية ..
فقضية شاهين أصبحت قضية تعني كل مواطن أردني ، وأخذت شهرة تضاهي شهرة أحدث الأفلام ، فذاع صيت فيلم " تسفير أو تهريب شاهين خارج الأردن "، وزادت شهرته بعد عرضه في دور السينما ، عفوا على صفحات الجرائد والمنابر والمواقع الإعلامية ، بحيث خرجت أصوات تنادي بتحويله إلى مسلسل له عدة أجزاء ،لطول الفيلم وكثرة أحداثة الخيالية .. ليصبح المشاهد عفوا "المواطن " هدف تهديد البخيت بدلا من ذلك السجين الفار .
الأولى يا دولة الرئيس "تروح وتجيبه" .. لا أن تهددنا بقسمك .. فنحن لا نقبل أن توجه الينا أغلط العقوبات ،بتلك اللهجة الفضة ، أذكرك بان المواطن لم يأخذ موضوع تسفير أو تهريب شاهين بجدية ، ولم يتحدث عنه كثيرا ، حاله حال نوابه الذين لم يثيروا هذه القضية ، تحت قبة البرلمان للنقاش أو المساءلة ، والسؤال لماذا ؟ ..إلى أن تم تسريب معلومة خبر مشاهدة شاهين في أحد مطاعم عاصمة الضباب ..
ونقول لحكومتنا الموقرة ؛ إذا ما بحثنا عن سبب ظهور الإشاعات ، فنجد أنها تعود إلى عدم الشفافية والوضوح ، وسياسية حجب المعلومات ، وقلة مصداقيتها ، رغم وجود قانون يمنح حق الحصول على المعلومات ، فلو تبرع دولته بنشر كل الوثائق المتعلقة بهرب شاهين ، ومن ورائه ، لما تجرأ أي شخص على بث أو نشر أي معلومة كاذبة .. لكن يبدو أن ذلك يعود سياسات تراكمية ما زلنا نعاني منها في هذا البلد .
نحن بانتظار ردك الصريح ، حتى ننهي مسلسل شاهين ، وحتى لا تكون النهاية مفتوحة .
ويبقى السؤال : هل كنت تدري بموضوع السفر؟ ، وإن كنت تدري فتلك مصيبة ، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم ..

Jaradat63@yahoo.com