لطالما كان الأردني مُعتادًا على مواجهة التحديات القادمة من الخارج، لكنه اليوم يجد نفسه أمام قلق جديد، قلق يتسلل من الداخل لم يعد الخطر مقتصرًا على الحدود أو على التدخلات الخارجية، بل باتت الجبهة الداخلية في مرمى الشكوك والتساؤلات.

في وقت الأزمات، تزداد المخاوف من أن تفقد الجبهة الداخلية تماسكها، خصوصًا في ظل وجود تيارات سياسية يُتهم بعضها بولاءات خارجية تتجاوز حدود الوطن، تلك التيارات تُشكل خطرًا على وحدة المجتمع وتماسكه، مما يجعل الأردني يشعر أن الأزمة قد تبدأ من الداخل قبل أن تأتيه من الخارج.

وسط هذه التحديات المتداخلة، أدرك الأردني أن مشروعه لم يعد منافسةً على مكاسب إقليمية أو بحثًا عن توسعات سياسية، بل انحصر في هدف واحد: حماية وطنه، أرضًا وشعبًا. في وقت يسعى فيه الجميع لتحقيق مصالحهم وأجنداتهم، بات الأردني مستعدًا لوضع كل طاقته لضمان بقاء بلاده واحة أمن واستقرار وسط صحراء مضطربة.

حماية الوطن ليست مسؤولية الجيش وحده، فالأردني أينما كان، عليه أن يكون جزءًا من هذا المشروع الوطني. أن يكون حارسًا للوحدة الوطنية، ساعيًا لإغلاق كل ثغرة قد يستغلها أعداء الداخل والخارج.

إن ما يمر به الأردن اليوم هو لحظة مفصلية في تاريخه، لحظة تتطلب من الجميع الترفع عن الخلافات الصغيرة، والتفكير بمصلحة الوطن كأولوية مطلقة. وحدة الصف، التماسك، والانتماء الحقيقي للأرض هو الطريق الوحيد الذي يُمكن الأردنيين من مواجهة هذه العواصف.

وفي النهاية، لم يعد لدى الأردني مساحة للمجاملات أو التهاون. التحديات كبيرة، والمخاطر متعددة، لكن الوطن باقٍ وصامد بفضل وعي أبنائه وتماسكهم. إن الأردن أكبر من الأزمات، وأقوى من التحديات، لأنه وطن لم يُبنَ على المصالح العابرة، بل على الإيمان العميق بأنه يستحق البقاء كمنارة استقرار وسلام في منطقة تعصف بها رياح الفوضى.