في السنوات الاخيرة زاد الحديث عن مستوى التعليم العالي في الأردن، ورغم حصول الجامعات على اعتمادات دولية مهمة، ودخولها ضمن تصنيفات عالمية مرموقة، إلا أن هناك باستمرار نقد لمستوى التعليم والخريجين من الجامعات.

وحتى لا يكون هناك إجحاف بحق الجامعات ومخرجات التعليم العالي، نطالب بدراسة علمية شاملة لقياس مدى نجاح التعليم في إكساب الطلاب المهارات المطلوبة في العمل، حيث يعد ذلك أمرًا بالغ الأهمية.

إن تعزيز المهارات يزيد قدرة الخريجين على التكيف بشكل سريع مع متطلبات العمل المتغيرة، وبالذات في عصر الذكاء الاصطناعي، والتحول التكنولوجي الرقمي مما يتطلب مهارات أكثر تنوعًا وقيمة بالنسبة لأصحاب العمل.

من الأمور المهمة للجامعات ومؤسسات التعليم العالي، العمل على تطوير خطط وبرامج تعمل بشكل فعال على تطوير مهارات جديدة، تمكن الخريجين من إيجاد فرص في سوق العمل المتطور باستمرار، مما يضمن النجاح الوظيفي على المدى الطويل.
باختصار، المهارات هي ما تجعل الشخص ملائمًا وقادرًا على إيجاد فرص العمل.

لا بدَّ من دراسات علمية دقيقة تعمل على تحديد المهارات الأكثر أهمية بالنسبة للعمال في السنوات العشر المقبلة!
على الجامعات أن تبحث عن المهارات المتوقع أن تكون أكثر اهمية في المستقبل، وان تفكر بالفعل في كيفية استمرار تطوير المهارات، وكيفية إعداد القوى العاملة المؤهلة لسوق العمل على أفضل وجه.

هناك بعض الاتجاهات التي يمكننا التنبؤ بها بناءً على التحولات التقنية والاجتماعية.
في العشر سنوات المقبلة، من المتوقع أن يشهد سوق العمل تغييرات كبيرة بسبب التقدم التكنولوجي، والتغيرات في هيكل العمل، والاقتصاد العالمي المتغير.

الدراسات الإدارية الحديثة حددت بعض المهارات التي يُتوقع أن تكون ذات أهمية متزايدة، وعلى راسها المهارات الرقمية، مع تقدم الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، والروبوتات، سيكون هناك طلب متزايد على المهارات التقنية مثل البرمجة، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، وفهم تكنولوجيا البلوك تشين أو سلسلة الكتل والذي هو كناية نظام لسجل إلكتروني مشترك و مشفر، وغير مركزي لمعالجة وتدوين المعاملات المالية، والعقود، والأصول المادية، ومعلومات سلسل التوريد.كل تلك الأدوات المتقدمة تطلب مهارات رقمية.

كما أن التحول من الأتمتة نحو التقنيات الذكية الذي بدأ فعلا سيلغي العديد من المهام الروتينية، وسيكون الاعتماد على التفكير النقدي وحل المشكلات المعقدة، خاصة في المجالات التي لا يمكن أن تحل فيها التكنولوجيا بالكامل محل الإنسان.

أما بالنسبة لمهارات التواصل، والتعاون، وإدارة العلاقات، والقدرة على التعامل مع التحديات النفسية والعاطفية فسوف تبقى من المهارات الأساسية. كما أن المهارات الاجتماعية ستكون مهمة وذات قيمة فرغم أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل بعض الوظائف، ولكن التواصل البشري والإبداع سيظل يتطلب تدخلًا بشريًا كبيرًا.

في عالم العمل المتغير بسرعة، لا بدَّ أن تواكب الجامعات الأدوات الرقمية الحديثة، وان تمتلك القدرة على التكيف مع التغيرات التكنولوجية في إعداد مخرجات تمتلك مهارات سوق العمل.

أن تسارع الابتكارات التكنولوجية، يتطلب من الجميع العمل على التعليم المستمر ، وهذا أمرًا حيويًا يضمن استمرار التطور في سوق العمل، وقدرة الأفراد على تعلم مهارات جديدة بسرعة جزءًا لا يتجزأ من تأهيلهم المهني المستمر.
خريجين الجامعات ذو المهارات المعرفية العالية، هم من يستطيعون التكيف مع التغييرات المستمرة وبطبيعة الحال سيكونون أكثر قدرة على النجاح في الحصول على فرص العمل في المستقبل.

كما أن الاهتمام بتنمية المهارات البشرية المتعلقة بقضايا البيئية المختلفة أصبح ضرورة ملحة، فلابد من تطوير مهارات متعلقة بالاستدامة، مثل إدارة الموارد الطبيعية، وتصميم حلول بيئية مستدامة، والابتكار في الطاقة المتجددة، والتغير المناخي وغيرها الكثير.

إن تنمية المهارات البشرية في البرامج التعليمية، بات ياخذ شكلا جديدا وعلى الجامعات ومؤسسات التعليم العالي أن تخطط وتستعد لكل التحديات والفرص المستقبلية، وان تعمل على تحسين نوعية مهارات وقدرات مخرجاتها، لتكون مؤهلة مع متطلبات المستقبل من المهارات، مما يضمن لها استمرارية النجاح في الحصول على فرص عمل تتلاءم مع احتياجات سوق العمل.

حمى الله الأردن