كل الحضور في تلك الأمسية الرائعة من أمسيات اثنينية الذييب، التي تحمل في كل أسبوع لقاءً مميزًا مع شخصية تضيف للحضور الكثير من المعرفة والخبرات، وتعزز روح الثقافة والأصالة لبناء مجتمع معرفي وثقافي متميز.

هذه السطور ليست إلا تمهيدًا للحديث عن الاثنينية وأثرها في المجتمع السعودي.

كان ضيف اللقاء متألقًا، حيث بدأ حديثه بالتحية والسلام، وقال مخاطبًا الحضور: “صباح الخير، لقد جعلني نوركم أظن المساء صباحًا، فمساء الخير عليكم وصباح الخير.”

بأسلوب سردي جميل، أخذ الضيف يحدثنا عن قصته التي ألهمت الكثير خلال مسيرة حياته، عن دراسته الجامعية، ومشاركاته في مجال الابتكار والمسابقات العالمية منذ طفولته، وكيف كان دومًا يحب التحدي في كل شيء، ساعيًا إلى الابتكار وتحقيق حلمه في مجال الإبداع، الذي كان همه ومهمته. كان لديه حلم كبير، وهو م. م. م، وهي اختصار لعبارة “مليون مبتكر مسلم”.

سعى إلى تحقيق حلمه، ولكن في أحد الأيام، بينما كان يستعد للزواج، تعطلت سيارته فتوقف على جانب الطريق لإصلاحها. خلال لحظات، اصطدمت به سيارة مسرعة وهو يقف أمامها. استيقظ ليجد نفسه في حال غير التي كان عليها؛ لقد فقد إحدى قدميه وأصبح كفيفًا.

في تلك اللحظة، ذُهلنا جميعًا من هذا الرجل المتحدث المبتسم عندما أخبرنا أنه ضرير وفاقد لإحدى قدميه، حيث لم نلاحظ ذلك طوال الوقت الذي كان يتحدث فيه. نعم، لقد كانت صدمة أن نسمع ونشاهد ونتفاعل مع شخص جذب انتباه الجميع بقوة حضوره وكلماته.

إنه الدكتور مهند بن جبريل بن خليل أبو دية، مخترع سعودي من منطقة جازان جنوب غرب المملكة العربية السعودية، من مواليد مدينة جدة في 14 يناير 1987.

قال بعد الحادث الذي تعرض له: “ما حدث لي جعلني دومًا أفكر في الخطة ب. هذه هي الطريقة التي يجب على كل إنسان اتباعها كي يحقق النجاح، فكلما زاد حجم التحدي زادت الفرص في تحقيق الأهداف. وجود الخطة ب أفضل من عدمها، لأن من يمتلك خطة بديلة يستطيع الاستمرار في العمل دون توقف أو فشل.”

الحديث عن هذه الشخصية الملهمة يحتاج إلى الكثير من التأمل في التحديات والصعوبات التي واجهها، ولا يزال مستمرًا في العطاء والتفوق. فهو حاصل على شهادات علمية عديدة، ومتفوق في مجال الابتكار والريادة، وله مساهمات كبيرة في التميز العلمي.
إنه نموذج عربي مسلم تفخر به المحافل العلمية والبحثية.

كرّمته الدولة ليكون مسؤولًا عن الابتكار في المملكة العربية السعودية، وهو أب لطفلين لم يُكتب له أن يراهما، حيث كانت العروس التي كان سيتزوجها على موعد مع الحادث الذي تعرض له، لكنها لم تتخلَّ عنه، بل تمسكت به وعاشت معه وله.

إن الخطة ب دائمًا ما تكون مهمة للجميع، فهي مفتاح النجاح الذي يساعد على تحقيق الأهداف.

ختامًا، خرجنا من هذه الأمسية محملين بالإلهام، والطاقة، والأمل، والتفاؤل.

فالقيادة التي تقوم على التخطيط الاستراتيجي لإيجاد الحلول للتحديات وتحويلها إلى فرص، تعتمد على الابتكار والتميز والقدرة على الاستمرار بوجود الخطة ب.

فهل يمكن أن يكون هناك إعادة تفعيل للعمل بوجود الخطة ب؟

دمتم سالمين..