أتابع فنانة جديد خرجت على الساحة اسمها (سارة زكريا) , أنا لا أعرف حقيقة أصولها لكنها مقيمة في لبنان ولها أغنية مشهورة جدا تقول كلماتها : (تجي نجوز بالسر ..اهلي وأهلك ما يدرون ..تجي نوخذ بيت بعيد ونخلف بيبي زغيرون) ...

المهم أن سارة زكريا تعتمد منهج عبدالرزاق عبدالواحد ومحمد مهدي الجواهري في الأغاني , تذكرون مثلا قصيدة (صبر أيوب ) التي كتبها الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد مطلع التسعينيات ...حين قال في البداية : من مأثورنا الشعبي أن مخرزا نسي أسفل الحمولة ...الخ .

وتذكرون قصيدة جعفر التي رثى فيها الجواهري شقيقه حين استشهد على يد الانتداب البريطاني أثناء الإحتجاجات في بغداد ..

سارة زكريا اعتمدت الأسلوب الشعري في مقدمة أغنيتها المرتبطة (بالخطف) ..حيث قالت : ( إلى صديقي المستقبلي ...انا ما عندي حبيب ولا صديق وكلب ماكوعندي) ...ذائقة فنية عالية جدا , أن تبدأ الأغنية بالكلاب !

كل هذا ليس مهما , المهم أن سارة حين تأتي إلى عمان تتهافت عليها الجماهير من كل حدب وصوب , طائرات خاصة تأتي من بلدان عربية كي يسمعوا معلقتها : (تجي نجوز بالسر) ..والتذاكر تباع من اليوم الأول , والأغرب أن صديقا مهما لي طلبني قبل شهر أن (اتواسط) له , لأن ابنه يريد أخذ صورة مع سارة زكريا ...للعلم أجريت بحثا مستفيضا عنها وتبين لي أن مؤهلها العلمي (خامس ابتدائي ب راسب) ...

الجيل الحالي مثلا لايعرف قصة أغنية محمد عبدالوهاب : (هان الود عليه) ..لم يعرف كيف كتبت , وكم من الوقت أمضى عبدالوهاب في تلحينها ..وكيف غيرت هذه الأغنية في مسارات العشق وقتها , كيف كانت قصة تروى في الصحافة العربية ...لكن الجيل الحالي كله يحفظ مقدمة أغنية سارة زكريا : ( لاصديق ولا حبيب وكلب ماكو) ...

أقسم أن الأغنية تشكل خدشا للحياء العام , لأن فيها تشجيع على الهروب و(الخطيفة) ...مع ذلك كله نرضخ لهذا الزمن ..لأنه زمن ساره .

أكتب هذا المقال لأن صديقي عاد للإتصال بي صباح اليوم وقال لي : (أرجوك لاتفشلني ساره زكريا جاية قريبا ..لا تفشلني قدام مرتي والأولاد بدنا نتصور معها)
بعد (30) عاما من العمل في الصحافة والكتابة في الهوية وفلسطين والجرح النازف ونخل بغداد , وحكايا الكرك ...اكتشفت أن مهنتي لا تكمن أهميتها فيما كتبت ..ولكن في قدرتي على الحصول على واسطة من أجل لقاء سارة زكريا ..

( تجي نجوز بالسر ..اهلي وأهلك ما يدرون ....تجي نهرب بيت بعيد ونخلف بيبي زغيرون) ...

والمشكلة ...(بنلوم ترامب) ..

"الرأي"