الأردن لم يكن يومًا محطة مؤقتة أو ساحة مفتوحة للمساومات. هو وطن له جذوره الضاربة في التاريخ، وشعبه لم يكن يومًا جمهورًا متفرجًا، بل كان دومًا في صدارة المشهد، يدافع عن أرضه، ويذود عن هويته، ويبني دولته بسواعده وإرادته. الهوية الأردنية ليست شعارًا يُرفع عند الحاجة، ولا بطاقة تعريف تُستخدم وقت المصالح، بل هي عقيدة وطنية، ولاء لا يتزعزع، وانتماء لا يقبل القسمة.

لطالما كانت العشائر الأردنية ومازالت السدّ المنيع في وجه كل تهديد، وحجر الأساس في بناء الدولة الحديثة. رجالها حملوا السلاح في ميادين الشرف، وقدموا أرواحهم دفاعًا عن الأردن، ولم يكن هناك يوم تفريق بين العشائرية والانتماء للدولة، بل كانتا متلازمتين، تجسدان الولاء والالتزام تجاه هذا الوطن، لم تكن العشائر يومًا حاجزًا أمام التقدم، ولم تكن يومًا عامل تفرقة، بل كانت دومًا مصدر قوة واستقرار، تجمع تحت رايتها كل من آمن بالأردن وطنًا لا يقبل المساومة.

اليوم، ونحن نعيش في عالم متغير، نجد من يحاول العبث بثوابتنا، يروّج لمفاهيم زائفة، ويدعو عبر الاعلام إلى تمييع الهوية الوطنية تحت شعارات براقة ومصطلحات مستوردة لا تمتّ لهذا الوطن بصلة، هناك من يتطاول على العشائر الأردنية وكأنها إرث يجب تجاوزه، متناسيًا أنها كانت الدرع الذي تصدّى للمؤامرات، وكانت ولا تزال خط الدفاع الأول عن الأردن. هؤلاء واهمون إن ظنوا أن الأردنيين سيتهاونون في هويتهم، أو سيسمحون بأن يكون وطنهم عرضة للمساومة أو الاختراق.

لن يكون الأردن يومًا ساحة مفتوحة لتمرير الهويات المشوهة، ولن يكون مكانًا لمن يرى فيه مجرد محطة مؤقتة. الوطن لمن ينتمي إليه بصدق، لمن يحمل رايته بإخلاص، لمن يدافع عنه بالفعل لا بالقول. فالأردنيون من كل الأصول والمنابت يدركون أن معركتهم ليست مع أفراد، بل مع أفكار تحاول زعزعة ثوابتهم. الهوية الأردنية ليست موضوعًا قابلًا للنقاش أو التفاوض، بل هي خط أحمر، ومن لا تعجبه، فليغادر بصمت، نحن لا نقبل أن يكون الأردن مسرحًا لرفع رايات غير رايته، أو ساحة لصراعات لا تمتّ له بصلة، الولاء لهذا الوطن واضح وحاسم لا يحتمل المواقف الرمادية ولا يقبل المراوغة.

لقد آن الأوان لنضع النقاط على الحروف: الأردن وطن محصّن بهويته، راسخ بثوابته، لا يقبل التلاعب أو التهاون، والعشائر الأردنية ستبقى الركيزة الأساسية في الحفاظ على هذا الوطن، ومن يظن أنه قادر على تغيير هذه الحقيقة، فهو إما جاهل بالتاريخ أو واهم بالمستقبل..