العصيان المدني .. خطوة في الطريق الخطأ
ميس القضاة
07-04-2025 11:23 AM
في ظل الأوضاع الإقليمية المعقدة، ومع تصاعد الأحداث في فلسطين، يخرج علينا بين الحين والآخر من يدعو إلى خطوات تصعيدية في الداخل الأردني، تحت شعار دعم القضية الفلسطينية. وكان آخر هذه الدعوات، المطالبة بالعصيان المدني والإضراب العام، وكأن الضغط على مؤسسات الدولة وتعطيل الحياة الاقتصادية سيمثل خطوة فعالة لنصرة غزة أو مواجهة العدوان.
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الأردن، وعلى كافة المستويات، يقف منذ عقود إلى جانب الشعب الفلسطيني، سياسياً وإنسانياً وميدانياً. وهذا الدعم لم يتوقف، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد. فهل من المنطقي أن نزيد الطين بلّة، ونرهق اقتصادنا أكثر في وقت نحن فيه بحاجة لتعزيز الجبهة الداخلية، لا تمزيقها؟
من حق كل مواطن أن يعبر عن رأيه، وأن يطالب بالإصلاح والتغيير، ولكن من واجبنا أيضاً أن نحافظ على استقرار بلدنا، لأن أي هزة في الداخل لن تخدم إلا من يتربصون بنا وبالقضية التي نحملها في قلوبنا. ما يُطرح اليوم تحت غطاء الحماسة والتضامن، يحمل في طياته ضرراً بالغاً، سواء بقصد أو دون قصد.
الأردنيون، كما عودونا دائماً، لا يحتاجون إلى دعوات للفوضى ليقفوا مع فلسطين. فهم يقدمون الدعم على طريقتهم، وبما تتيحه إمكاناتهم، سواء من خلال التبرعات أو العمل الميداني أو الحراك الدبلوماسي والشعبي المنضبط. هذه هي المواقف التي تحمي فلسطين وتحفظ الأردن.
إن الانجرار وراء دعوات الإضراب والعصيان، خاصة في هذه المرحلة، ليس فقط خياراً غير حكيم، بل قد يفتح الباب أمام تدخلات لا نعلم مداها. فالمطلوب اليوم هو المزيد من التماسك، ومنح الأولوية للوعي الوطني، والتفريق بين العمل المنظم المسؤول، والدفع نحو المجهول.
لا أحد ينكر وجود تحديات حقيقية يعاني منها المواطن الأردني يومياً. لكن هذه التحديات لا تُحل بإضعاف الدولة، بل بالحوار، والعمل، وتكثيف الجهود الوطنية التي تصب في مصلحة الجميع.
اليوم، نحن بحاجة إلى موقف جماعي واضح: نعم لدعم فلسطين بكل الوسائل الممكنة، ولا لتعطيل مؤسسات بلدنا أو إضعاف قدراته. فاستقرار الأردن هو الركيزة الأساسية للاستمرار في دعم أي قضية عادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.